تتفاقم أزمة الإدمان كل يوم فى الشارع المصرى، وكأن الخطة التى أعلنت عنها وزارة التضامن تقضى بزيادة المدمنين لا بمكافحة الظاهرة التى تفتك بالمجتمع، وتعد سببا رئيسا فى كل الجرائم التى تقع يوميا.
لا أرى شيئا يذكر فى محصلة عمل صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، التابع لوزيرة التضامن الاجتماعى، رغم تقديم الدولة كل الدعم له لينجح فى تخليص الجسد المصرى من السقم الذى أصاب شبابه وتقليص عدد المقبلين على تعاطى المواد المخدرة، خاصة أننا نسمع يوميا بل كل ساعة عن جرائم هتك عرض واغتصاب وزنا محارم تقع تحت تأثير الإدمان الذى أوكلت الدولة للصندوق محاربته.
فبالرغم من أن الصندوق نفسه الذى تديره وزيرة التضامن المدعومة بكل الدعم من الدولة أكد مرارا على أن المجتمع المصرى يعانى من مشكلة تعاطى المواد المخدرة، بمعدلات تشكل ضعف المعدلات العالمية، وأن الدراسات تؤكد أن أية محاولة لخلق حالة من القبول المجتمعى لمخدر الحشيش من شأنها زيادة نسب تعاطيه، وتعقيد لمشكلة تعاطى المواد المخدرة بشكل يخلق تهديد متنامى لجميع فئات المجتمع دون أن يقدم جديدا لإيقاف بؤر توزيع المخدرات فى الشوارع بالمناطق العشوائية بل وامتد الأمر للمناطق الراقية، ودخول شرائح جديدة فى زمرة المدمنين.
ويزيد الصندوق توضيحا للأزمة التى خلفها إهماله فى محاربة الإدمان بتأكيده على التهديد الحقيقى الذى تشكله المخدرات بشكل عام ومخدر الحشيش بشكل خاص على الأمن والسلم المجتمعى، وأن العلاقة بين تعاطى مخدر الحشيش وحوادث الطرق لا يمكن تجاهلها، فى الوقت الذى تجاهل القائمون عليه مكافحة الحشيش وانتشاره مكتفين بقليل من الإعلانات، فى الوقت الذى ينفق المنتجون ملايين الجنيهات على الدراما التى قدمت المجتمع وكأنه مجتمع "حشاشين".
ويبدو أن الفكرة مشوشة لدى وزارة التضامن وقيادات صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، التابع لوزيرة التضامن الاجتماعى، حيث اعتقدوا أن العلاج فقط فى عمل دراسات تبين حجم المصيبة التى وقعت فى المجتمع المصرى دون تقديم حلول لها، حيث قدم الصندوق دراسات أجرها على نزلاء المؤسسات العقابية تؤكد أن 86% من مرتكبى جرائم الاغتصاب كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، وأن (58%) من مرتكبى جرائم هتك العرض، و(23,7%) من مرتكبى جرائم القتل العمد، و(24,3% )من مرتكبى جرائم السرقة بالإكراه كانوا يتعاطون مخدر الحشيش.
استطاعت الدراما التليفزيونية أن تبين مدى التهاون الذى يتعامل به صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى فى دوره المنوط به تنفيذه لمحاربة الظاهرة حيث اعترفت غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، أن المرصد الإعلامى لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان، التابع لوزارة التضامن، رصد مشاهد التدخين وتعاطى المخدرات فى الأعمال الدرامية خلال الـ15 يوما الأولى من شهر رمضان، حيث حوت 1141 مشهد تدخين وتعاطى مخدرات بإجمالى 31 ساعة على النحو التالى، 901 مشهد تدخين بإجمالى 22 ساعة و30 دقيقة، و240 مشهد تعاطى مخدرات وكحوليات بإجمالى 8 ساعات و30 دقيقة، إلا أنها لم تذكر أن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى التابع لوزيرة التضامن الاجتماعى لم يقدم سوى عدد لايتعدى أصابع اليد الواحدة من الإعلانات لمواجهة هذا الكم من المشاهد التى ظهرت نتيجتها فى أيام عيد الفطر حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى صور لطوابير الشباب أمام محلات المشروبات الكحولية ودواليب بيع المخدرات.
وما زاد الطين بلة أن وزيرة التضامن غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى رئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، أعلنت عن تخصيص جائزة مالية بقيمة مليون جنيه بالتنسيق مع صندوق التمويل الأهلى بوزارة الشباب للأعمال الدرامية التى ستعرض فى رمضان التى ستكون خالية من مشاهد التدخين وتعاطى المخدرات، دون أن تتحدث عن موقف الصندوق تجاه تلك الأعمال التى ستروج للإدمان وتحلل للشباب تعاطى الحشيش والمخدرات الأخرى.
ورغم تأكيد الوزيرة كلما ظهرت أمام عدسات الكاميرات أنها تفتح جسور التواصل والحوار الدائم مع المبدعين وصناع الدراما، لاسيما كُتاب ومنتجى الأعمال الدرامية خلال شهر رمضان لفتح حوار بناء معهم بشأن التناول الدرامى الرشيد للقضايا المجتمعية بشكل عام وقضية المخدرات بشكل خاص، إلا أنه يبدو أن الوزيرة تتحاور مع المبدعين الذين لا يكتبون سيناريوهات يتم إنتاجها وتعرض على الجمهور.
تكاسل صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، التابع لوزارة التضامن الاجتماعى، عن دوره جعلنى لا آمن على أسرتى فى أى وسيلة مواصلات، بل وإن قررنا عدم ركوب وسائل المواصلات لا نأمن من المدمنين الذين يزيدون يوما بعد يوم.. فلماذا لا يخرج علينا القائمون على الصندوق ليعترفوا بفشلهم فيما أوكله المجتمع لهم ليحيا آمنا مطمئنا سليما معافى.
موضوعات متعلقة..
لجنة الصحة بالبرلمان توصى بتخصيص ميزانية لمكافحة الإدمان