وتكثف دول العالم، مباحثاتها لتعديل قوانينها بما يحجم هذه الظاهرة، خاصة بعد كشف أكبر قضية تهرب ضريبى، من خلال هذه الملاذات، وهو ما عرف إعلاميا بقضية "وثائق بنما".
الملاذات الضريبية أو الجنات الضريبية يتم أغلبها إما فى جزر أو دويلات صغيرة، تفرض ضرائب منخفضة أو لا تفرض أى ضرائب على الإطلاق ومنها جزر الكايمان، وجزر الكاريبى، وجزر العذراء، وبنما ، أو فى دول تتمتع أنظمتها المصرفية بقوانين صارمة، لتحافظ على سرية حسابات عملائها الأجانب فتساعدهم على التهرب من دفع الضرائب فى بلادهم الأصلية، وأبرز مثال على هذه السرية المصرفية هى سويسرا، وهو ما يحول دون قدرة الدول على كشف حسابات الأفراد أو الشركات.
المزايا السابقة دفعت الشركات متعددة الجنسيات إلى نقل مقراتها وأرباحها إلى هذه الملاذات لتجنب سداد ضرائب مرتفعة، ومنها عملاق البحث الإليكترونى العالمى جوجل، وأكبر موقع للتواصل الاجتماعى فيسبوك، وغيرها من الشركات العملاقة، والتى تعتمد على تحويل أرباحها إلى هذه الملاذات، حتى تدفع أقل ضرائب ممكنة أو لا تدفع ضرائب على الإطلاق، ودون أن تخرق القانون الضريبى فى الدول التى تعمل بها، وهو ما يطلق عليه التجنب الضريبى.
ويتسبب هذا التجنب فى خسائر هائلة للدول النامية التى تخرج منها مليارات الدولارات سنويا من خلال الشركات متعددة الجنسيات، ودون أن تتمكن هذه الدول من تحصيل أى ضرائب منها.
وحسب دراسة أصدرتها "مبادرة الحقوق الشخصية" إحدى منظمات المجتمع المدنى المصرية، نقلا عن تقديرات دولية، أن حجم خسائر الدول من نزوح الثروات إلى 80 ملاذا ضريبيا حول العالم تقدر بنحو 32 – 21 تريليون دولار، طبقا لتقديرات شبكة العدالة الضريبية، فى حين تقدر مؤسسة أوكسفام أن الأموال المستحقة ضريبيا على تلك الثروة تشكل ضعف المبلغ المطلوبة للقضاء على الفقر فى العالم نهائيا.
خلال السنوات الأخيرة، تعملقت هذه الشركات، ولم يقتصر دورها على العمل التقليدى بتقديم الخدمات الإليكترونية، بل تعدى هذا الدور للعب الدور الإعلامى والإعلانى، بديلا عن الواقع والصحف الإليكترونية فى العالم، لتحصل هذه الشركات على الجزء الأكبر من كعكة الاستثمار الإعلانى فى العالم، وتستنزف العملة الصعبة من الدول ومنها مصر، وتعطى الفتات للصحف الإليكترونية التى تعانى أزمات مالية طاحنة، جراء عدم قدرتها على مواجهة العمالقة الكبار.
مصر ليست بعيدة عن هذه العمليات، بل تتأثر بشدة من ممارسات الشركات المتعددة الجنسيات التى تحقق أرباحا بملايين الدولارات سنويا، دون أن تتمكن الحكومة المصرية من محاسبتها ضريبيا على هذه الأرباح، ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما تفعله شركتى جوجل وفيسبوك العالميتين.
ولسنوات طويلة ظلت الحكومة المصرية بعيدا عما يحدث فى الفضاء الإليكترونى، ولا تدرى شيئا عن المليارات التى تتحرك داخلها وتحول إلى الخارج، دون حتى أن تملك معلومة واحدة عنها، على عكس ما تفعله دول العالم فى مواجهة ممارسات التهرب والتجنب الضريبى، ومنها فرنسا وأسبانيا، ومن قبل بريطانيا الذين انتهجوا أسلوبا حادا فى التعامل مع الشركات العملاقة لتحصيل حقوق خزانة دولها من الضرائب المستحقة عليها، وهو الأمر الذى لا تزال مصر بعيدة عنه ، ولم تسع الحكومة المصرية بصورة جادة لمجرد دراسة إمكانية هذا الأمر من قبل، وربما يساعد هذه الدول وجود مقرات لديها للشركات العملاقة، وفى الحالة المصرية فإن عدم وجود مقر يحول دون قدرة الحكومة المصرية على محاسبة هذه الشركات بالنسبة لضريبة الدخل، حسب ما أكده أشرف العربى رئيس مصلحة الضرائب الأسبق وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب حاليا.
وقال العربى لـ "اليوم السابع": عند الحديث عن الحالة لمصرية، لابد من التفريق بين أنواع الضرائب المختلفة، بالنسبة لضرائب الدخل فيحكمنا القانون المصرى والمعايير الدولية التى تعتمد على ضرورة وجود مقر دائم لأعمال الشركة التى تمارس نشاطها فى مصر، كأساس لتحصيل ضرائب على أرباحها من عملياتها فى مصر.
وأكد وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أنه حتى فى حالة الرغبة فى إجراء تعديل تشريعى لتحصيل الضرائب عن النشاء رغم عدم وجود مقر، سيصطدم التشريع المصرى بـ 64 اتفاقية لمنع الازدواج الضريبى بين مصر ودول العالم المختلفة، يستحيل تعديلها من الجانب المصرى بمفرده، دون رغبة وموافقة الطرف الآخر وهى الـ 64 دولة كل على حدة.
أما فيم يتعلق بضريبة الدمغة على الإعلانات فهى مطبقة على أى نوع من أنواع الإعلانات المقروءة والمسموعة والمرئية والإليكترونية، وتتحملها الشركات المعلنة نفسها، أيا كانت الوسيط الإعلانى.
والنوع الثالث – حسب تصريحات العربى- وهو الأهم فى هذه الحالة هو ضريبة القيمة المضافة التى تسعى مصر للتحول إليها بدلا من ضريبة المبيعات المطبقة حاليا، ومن المفترض أن تبدأ مناقشة القانون خلال يوليو الجارى، وتستهدف الحكومة من تطبيقه 31 مليار جنيها العام المقبل 2016/2017.
وأكد العربى على إمكانية إخضاع نشاط الإعلانات التى تقدمها جوجل وفيسبوك للمعلنين فى مصر لضريبة القيمة المضافة، وهو ما يمكن أن يناقشه البرلمان، مؤكدا أن مشروع القانون الجديد يتضمن إخضاع كافة الخدمات التى تقدم فى مصر إليكترونيا للضريبة، ومن يتحملها فى هذه الحالة هى الشركات المعلنة التى ستتحمل مزيد من الأعباء المالية، جراء حصولها على خدمات الإعلان المقدمة من هذه الشركات التكنولوجية العالمية.
واقترح أشرف العربى، زيادة الضريبة على خدمات الإعلانات المقدمة من جوجل وفيسبوك، مقارنة بالوكالات الإعلانية والمواقع الإليكترونية المصرية للحد من سيطرة الشركات العملاقة على سوق الإعلانات المصرى، مؤكدا عدم وجود مانع دستورى من إقرار مثل هذا النص فى قانون القيمة المضافة الجديد، وهو ما يمكن النظر إليه.
وفى هذا السياق، أكد مسئول بوزارة المالية أن قانون القيمة المضافة الجديد، يتضمن نصا يخضع كافة الخدمات المقدمة فى مصر إليكترونيا للضريبة، حتى لو كانت مقدمة من الخارج.
وقال المصدر فى تصريح خاص لـ "اليوم السابع"، أن الإعلانات يمكن أن تكون جزء من هذه الخدمات المقدمة من الشركات العملاقة جوجل وفيسبوك للضرائب، وهذا محل دراسة فى الوقت الحالى، مشيرا إلى ان الوزارة تدرس أيضا كيفية تحمل المعلنون من داخل مصر قيمة هذه الضريبة.
وأكد المسئول أن هذا الإجراء يصعب على كثير من دول العالم، خاصة فيما يتعلق بحصر المعاملات الإليكترونية التى تقدمها شركات تعمل من خارج مصر مثل هذه الشركات وغيرها من مقدمى الخدمات الإليكترونية، وغيرها من أنواع الخدمات المختلفة، وهذا الأمر مثار جدل بدول العالم كله، حيث تبحث هذه الدول عن آلية لإخضاع التجارة والخدمات الإليكترونية للضريبة، حتى وإن كانت الشركات المقدمة للخدمة من خارج البلاد، وهو الاتجاه الذى تسير فيه مصر حاليا.
موضوعات متعلقة:
"المالية" تدرس إخضاع إعلانات جوجل وفيسبوك لضريبة "القيمة المضافة"
عدد الردود 0
بواسطة:
فرعون
إلى اليوم السابع
هو ايه سر الحمله دى فى التوقيت ده؟
عدد الردود 0
بواسطة:
الدنيا كلها برائحة الجاز ووووو يارب ما تولع ووووزير الجاز بقى برنجى نشان الوزراء ؟ صوتى يا انشراح
ماتت انشراح من الصويت و كل دنيا جاز , و يارب احمى مصر وتحيا مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
ابن شديد
الا قولو لنا