مما لا شك فيه أن أيام زمان كانت الحياة طبيعية والتواصل بين الأسر وبعضها والتراحم وتبادل الزيارات العائلية وبساطة المعيشة بالإضافة إلى احترام الكبير والتمسك بالدين والأخلاق أفضل من الآن، وربما لتسارع رتم الحياة وتوافر الموبايل وأجهزة التواصل الإجتماعى والتليفزيون وإرتباط الناس بالمسلسلات والمباريات كل ذلك أدى إلى ما وصلنا إليه من تفكك أسرى وجفاء الأبناء وغيره.
لكن لابد أن نعترف أنه ليس كل ما سمعناه ومازلنا نسمعه من الكبار لروايات وحكايات منها ما هو حقيقى وما هو أقرب للخيال منه للواقع من مدح فى زمان وأيام زمان وليالى زمان، كل بطريقته حتى سمعنا العجب العجاب فمنهم من يقول الفلوس كان فيها بركة كنت تروح السوق ومعاك نص ريال تشترى رطلين لحمة ورز وخضار وفاكهة وترجع ومعاك ريالين ولا يعرف أن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا لو كان البعيد حرامي، ومنهم من قال كنا نسيح الزبدة فى غرب النيل نشم ريحتها من شرق النيل أى على بعد كيلو متر تقريبا وهذا لا يوجد حتى فى أقوى العطور الفرنسية وزوج الحمام 3 فردات ويحكوا عن الأمن والأمان والعيشة الحلوة اللى كانوا عايشينها وزمان وخير زمان، كل ذلك كان يصطدم بما درسناه فى المدارس وما نراه فى الأفلام وما لحقناه من أطلال الماضى السحيق، حتى إلتقيت رجلاً من القلائل الذين عاصروا تلك الأيام الوردية كما يروجون، فإذا به يقول لى ماتصدقش حد يا ابنى كله كدب فى كدب كانت أيام صعبة الله لا يعيدها، فعلاً كانت كل حاجة رخيصة لأنه مفيش فلوس إلا مع الأكابر والناس كانت تاكل اللحمة من السوق للسوق يقصد من الأسبوع للأسبوع وويمكن من الشهر للشهر وربما من العيد للعيد والجهل كان متفشى والمتعلمين كانوا يتعدوا على أصابع اليد الواحدة وكانت الصوفة أو الجبة تلف على البلد كلها كل اللى رايح مشوار يستلفها من جاره والحصير كانت تمثل الأثاث المنزلى فهى الأنترية إذا حضر الضيوف وهى السرير والمرتبة إذا حان وقت النوم والبيوت كانت بالطوب اللبن والسقف بجريد النخل والأرضية "ترابيكا" وكانت الناس بتمشى حافية والعقارب والتعابين كانت تشارك الناس فى بيوتهم واللى يلدغ بعقرب أو تعبان يموت قبل ما يوصل المستشفى والمرض كان مستوطن القرى ولا مستشفيات ولا عيادات ولا تطعيم ضد الأمراض، والأمن المفقود والحرامية التى كانت تتجول بعد العشا وتنقب البيوت حتى أن البيوت المحشورة فى الحارات والأزقة الضيقة كانت أغلى من النواصى لأنها يصعب الوصول إليها من الحرامية ووسائل الترفيه مفقودة والبلد كلها مافيهاش راديو والتليفون كان فى دوار العمدة فقط وغيره الكثير من مظاهر الفقر، ربما كانت الحياة سعيدة لكن لقلة قليلة من الباشوات والبهوات.
أما الآن فى الأيام اللى مش عاجباهم اللى وبدل البيت اللى بالطوب اللبن أصبح بالخرسانة والطوب الفرعونى والسيراميك وسخن وبارد وبدل الكانون ووابور الجاز مطبخ أمريكى وبدل الحصير أنتريهات وصالونات وسجاد وموكيت والبيت اللى ما كانش يحلم ببسكلته أصبح قدامه عربية واتنين والعيل اللى كان بيلعب بجريد النخل وأغطية الكازوزة دلوقت بيلعب بآى باد ومعاه موتوسيكل واللى ما كانشى عنده راديو دلوقت عنده شاشة إل دى أى ووسائل الإتصال المفقودة أصبحت موبايل بخطين وإنترنت وفيس بوك وواتساب وغيره الكثير واللى كان بيتدفى بالجلة والكرنيف دلوقت عنده جهاز تكييف، والناس عرفت المصايف ودور السينما ومطاعم الوجبات السريعة والكفتة والكباب والأرانب بالملوخية، من بعد الفول والطعمية، وبرضوا لسه فى ناس بتقول زمان ميه الميه، فلننظر للنصف المليان من الكوب ونحمد الله على ما نحن فيه رغم الغلاء وندعو الله أن ينعم على بلادنا بالأمن والأمان ويعم الرخاء !!
شخص حزين - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة