"الجلسات العرفية فى الصعيد".. قضاء مُوَازٍ ينال من هيبة الدولة ويرفضه الأقباط

الأربعاء، 27 يوليو 2016 07:00 ص
"الجلسات العرفية فى الصعيد".. قضاء مُوَازٍ ينال من هيبة الدولة ويرفضه الأقباط الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا
كتبت سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جلسة عرفية تنهى خصومة ثأرية بسوهاج، وأخرى تغلق ملف الاعتداء على الأقباط بصفط الخرسا ببنى سويف، أخبار من كثرة تداولها صار وجودها طبيعيًا وكأن الجلسات العرفية بديلة عن القانون فى الدولة الحديثة.

عادت الجلسات العرفية لتتصدر المشهد مرة أخرى، بعد تكرار حوادث الاعتداء على الأقباط فى المنيا، وخاصة الحادث المعروف إعلاميًا بـ"تعرية سيدة الكرم" حين هب الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا يعلن رفضه للجلسات العرفية وما ستؤول إليه مطالبًا بتطبيق القانون على المتسببين فى الجريمة، خاصة وأن الجلسات العرفية تأتى على حق الأقباط دائمًا وتنتصر للكثرة فى أوقات عديدة.

أصل الجلسات العرفية


للجلسات العرفية تاريخ فى مصر، يعود إلى عصر الفتح العربى الإسلامى عندما هاجرت قبائل شبه الجزيرة العربية حيث كانت تعرف باسم "قعدة العرب" وترجع مصادر على الانترنت أصل الجلسات العرفية إلى واقعة التحكيم التى جرت بين الصحابة فى معركة صفين ومنه انتقلت إلى القبائل البدوية فى سيناء، والقبائل العربية التى تنتشر على طول شريط النيل بصعيد مصر.

يتألف مجلس القضاء العرفى من المحكمين ورئيس اللجنة وعدد من الأعيان ومشايخ القبائل والعمد ورجال الدين المشهود لهم جميعا بالخير وحب الإصلاح بين الناس وسبق لهم نشاط فى هكذا جلسات ويكون مرضى عنهم من قبل الطرفين، وتختص المجالس بكافة النزاعات من القتل والمشاجرات والمواريث والتعديات وكافة أنواع الخلافات، ككيانات موازية يتم اللجوء إليها بدلًا من المحاكم.

لماذا يرفض الأقباط شيوع القضاء العرفى؟


على غير الشائع والرائج من مفاهيم الوحدة الوطنية التى يتغنى بها المصريون، يحفل الموروث الثقافى المصرى بأمثال شعبية وتصرفات تجعل من القبطى مواطن درجة ثانية خاصة فى القرى والريف، فلا يصح أن يمر قبطى راكبًا أمام مسلم جالس، فعليه أن يترجل قبل أن يمر به، وهى القاعدة التى تزيد حدة تطبيقها إذا كان المسيحى فقير، وتختفى إذا كان من الأعيان، لذلك فليس غريبًا على سياق كهذا أن يحكم بسيادة المسلم على القبطى وإن كان الأول مخطئًا.

كيف يجبر الأمن المواطنين على الاحتكام للقانون إذا علموهم اللجوء للقضاء العرفى؟


فى محافظات الصعيد، وتحت إشراف المحافظ رسميًا تتشكل لجنة تسمى "المصالحات" يدخل فى عضويتها شيوخ وقساوسة وشخصيات عامة من المدينة أو المركز بالإضافة إلى مدير الأمن وقيادات الداخلية، وهى اللجنة المعنية بالإشراف على جلسات الصلح وربما الجلسات العرفية فى أحيان كثيرة.

دأب الصعايدة على استخدام الحل العرفى فيما يواجههم من مشكلات سواء الثأر أو النزاع على أرض أو غير ذلك، حيث يحضر القانون فى قضايا الثأر بشكل هامشى خاصة وإن كان لا يحقق القصاص الذى تراه أسرة القتيل عادلًا بما يكفى للصمت، وهنا يأتى دور القضاء العرفى الذى يتدخل بعدما يتعادل القتلة فى الجانبين وترى العائلات المتصارعة ضرورة الصلح حقنًا للدماء، وهى الجلسات التى تحضرها قيادات أمنية وشعبية تشهد على إنهاء الخصومة الثأرية.

لماذا يصعب على الدولة تطبيق القانون فى الحوادث الطائفية؟


الإجابة هى أن الحكومة الممثلة فى المحافظ والقيادات الأمنية دأبت منذ عشرات وربما مئات السنين على تطبيق الحلول العرفية فى القضايا المشابهة فكيف تقنع نفس المواطنين بالاحتكام للقانون الذى لم يعرفوا طريقه يومًا، كذلك فإن مؤسسة بيت العائلة المصرية التى شكلها الأزهر والكنيسة منذ سنوات لعبت دورًا فى ترسيخ الحل العرفى فى القضايا ذات البعد الطائفى بعدما تدخلت لحل العديد من النزاعات بين المسلمين والأقباط فى القرى والريف وبمعاونة الدولة أيضًا وتحت إشرافها.

تشير دراسة بعنوان فى عرف من صادرة عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عام 2015 إلى وجود لجان بتشكيل ثابت معروفة للجهات الرسمية فى المحافظات من المنيا إلى أسوان وتضرب الدراسة المثل بإصدار محافظ أسيوط ومدير أمنها قرارات بتشكيل لجان للصلح العرفى، من رجال الإدارة المحلية، وتم تشكيل عشر لجان، واحدة فى كل مركز من مراكز المحافظة، بالإضافة إلى لجنة عامة على مستوى المحافظة، وكل منها تتكون من عشرة إلى خمسة عشر عضوا، وتضم شخصيات عامة مشهود لها بحسن السمعة وقوة التأثير فى محيطها المحلى، ولها باع وخبرة فى المصالحات وتضم متخصصين للاستفادة من خبراتهم

تؤكد الدراسة التى حصلت اليوم السابع على نسخة منها وأعدها الباحث إسحاق إبراهيم على عدم وجود قانون مكتوب يحكم عمل الجلسات العرفية ليحد من مساحة التقدير فى الأحكام الصادرة عنها، لكن هناك أحكام متوارثة متفق عليها بين قطاع من المحكمين، وتستخدم هذه الأعراف كقواعد لتحديد مقدار التعويضات بالتناسب مع حجم الأضرار، ويتم إعادة النظر فيها على فترات غير ثابتة، وفقًا لمعدلات التضخم فى المجتمع، منها على سبيل المثال دية القتيل، فقد كانت خلال العام الماضى على مستوى محافظة المنيا 316 ألف جنيه، تم زيادتها العام الحالى بعد اجتماع عدد من المحكمين إلى 400 ألف جنيه، بينما يتم تقدير الغرزة الواحدة بمبلغ ألف جنيه واللكسر بنحو 25 ألف جنيه، وتبلغ دية المرأة نصف دية الرجل، ويتم تقدير حرق المنازل ونهبها من قبل اللجنة حسب ما يثبت للمحكمين بعد معاينة ما تم تدميره وحرقه وخلافه.

دراسة: 45 جلسة قضاء عرفى فى قضايا طائفية فى ثلاث سنوات


كما رصدت الدراسة عدد الجلسات العرفية التى تمت منذ 25 يناير 2011 حتى نهاية العام 2014، حيث قدرتها بـ 45 جلسة عرفية تمت بعد وقوع حادث مشابه كان المسلمون والأقباط ضمن أطرافه دون أن تتضمن هذه القائمة أعمال النهب والحرق التى أعقبت فض اعتصامى رابعة والنهضة بالكنائس والمبانى الدينية وممتلكات الأقباط، التى طالت ما يزيد على مائة منشأة دينية مسيحية.

وأكدت الدراسة أنها لا تعارض وجود آليات اجتماعية على النطاقين المحلى والقومى تساعد فى تطويق النزاعات بشكل عام لكن فى جميع الأحوال يجب أن تبقى هذه الأشكال متجاورة مع وسائل التدخلات القانونية التى يتمتع بها المواطنون مضيفة: ومن واجب الدولة أن تحرص على تطبيقها، وضمان توفرها، وحماية من يلجأ إليها من أى عدوان على حقوقه الأخرى.


موضوعات متعلقة..


- "إدارة الأزمات" بالمجمع المقدس تزور المنيا لبحث تكرار الاعتداءات على الأقباط








مشاركة

التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

ماهر المصرى

لابد من تفعيل القانون.

عدد الردود 0

بواسطة:

مهندس سليمان محمد

قوة القانون وسرعة تنفيذه أكثر حسما من العرفى

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري اصيل

لهذا السبب نخن خارجين في وقفه واشنطون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة