"أوروبا" وبعد الاعتداء الأخير على إحدى كنائس ضاحية "نورماندى" القابعة فى منطقة روان بشمالى فرنسا، وذبح كاهنها بطريقة تقشعر لها الأبدان، ستصبح نقطة تحول كبرى فى العلاقة بين المسلمين ومواطنى تلك الدول، لتصبح انطلاقة لتزايد وتيرة الإسلاموفوبيا فى هذه المجتمعات.
المشهد يبدو، ومن الوهلة الأول "رماديا" للغاية، نتيجة لوجود تغيير استراتيجى وتكتيكى فى أساليب استخدام الإرهابيين لخططهم الجهنمية فى تنفيذ هجماتهم، فالتيار اليمينى المتطرف فى بعض الدول الأوروبية حذر، بلهجة شديدة، من خطورة الحادث الإرهابى على كنيسة "روان"، وصلت لحد التهديد بالانتقام من تلك العمليات باستهداف المساجد، هذا التهديد دعا عميد المسجد الكبير فى باريس "دليل بوبكر" للرئيس فرانسوا هولاند لتعزيز الإجراءات الأمنية حول أماكن العبادة فى فرنسا.
وبدوره حذر "الفاتيكان" من مثل تلك الهجمات، وبدا واضحاً أن لهجته تجاه العملية اتسمت بالحذر الشديد من أن يقحم الدين الإسلامى فى تلك العملية، مؤكداً أن مثل تلك الحوادث لا تمت بصلة لمبادئ الأديان السماوية، ولكن فى المقابل علينا أن نعترف بأن هناك غضبا وحنقا على العرب والمسلمين، بسبب تواتر الهجمات الإرهابية على دول أوروبية يتضح بعد ذلك أن فاعلوها للأسف يتبعون الدين الإسلامى.
فى المقابل ووسط تلك المشاهد المأساوية لم نجد دوراً فاعلاً للمؤسسات العربية والإسلامية بالدفاع عن العرب والمسلمين، ووقفت أشهر هذه المؤسسات موقف "المتفرج"، على مثل تلك الأحداث، وأكثر ما فعلته وتفعله هذه المؤسسات هى الإدانة والشجب، لكن من المسئوليات المنوطة للمؤسسات الإسلامية تلك، وعدم التردد فى الإشارة إلى تغير سلوك أحد الأشخاص المسلمين.
وللإنصاف فإنه إذا كان لتلك المؤسسات دور فى الدفاع عن العرب والمسمين والدين الإسلامى فى تلك الدول، فإن الدور الأكبر يكمن فى المسلمين الذين يعيشون هناك، فعليهم عدم إعطاء فرص مجانية لغيرنا لتصوير المسلمين بأنهم أشخاص ليسوا متحضرين ولا يهمهم إلا شعائرهم الدينية، كمشهد صلاة الجمعة فى الدول الأوروبية، حيث تكتظ بعض المساجد بالمصلين ما يدفع البعض للصلاة خارج المساجد، هذا المشهد يعطى انطباعاً سيئاً للغاية بأن المسلمين لا يعطون قيمة للأمن القومى لتلك الدول، وهناك ضرورة ملحة بترتيب مثل تلك المشاهد احتراما للقانون، وإعطاء صورة ذهنية لدى المجتمعات الغربية بأن المسلمين يهمهم العيش المشترك ومتحضرين أيضا يسعون لتنفيذ القانون.
كما أن المسلمين عليهم ألا يعملوا من منطلق أنهم ضحية من الضحايا، وعليهم أيضا أن يؤمنوا بأنهم فاعلون اجتماعيون ومدافعون عن حرية التعدد وحرية الانتماء لأى دين، والانطلاق أيضا على المستوى الثقافى والاجتماعى لدى هذه المجتمعات.
نجد أيضاً أن الاهتمام الخطاب الدينى من القضايا المهمة التى يجب بحثها وتطبيقها بصورة سريعة، لاسيما قضية المساواة بين الرجل والمرأة وعدم الخلط بين ما هو سياسى وما هو دينى، ستضمن للمسلمين والتأكيد على أن الدين الإسلامى امتداد للديانات السماوية الأخرى "المسيحية واليهودية"، والتركيز على بعض النقاط التى تقرب المسلمين بتلك المجتمعات.
موضوعات متعلقة:
رئيس وزراء فرنسا يؤيد التعليق المؤقت لتمويل المساجد من الخارج