ويقول محرر المذكرات سعيد الخال، أن هذه المذكرات كانت فى البداية تسجيلا على اشرطة الكاسيت وكانت إنجى تقوم بتفريغ الأشرطة فى كراسات وكنت استلم الكراسات تباعا، وكثيرا ما كانت تعيد الكتابة وصولا للوضوح وكى تسهل عملية الصياغة والتحرير.
وتقول إنجى أفلاطون فى مذكرتها تحت عنوان "أفلاطون جدى الأكبر" هى حكاية تناقلتها الأسرة جيلا بعد جيل، سمعتها منذ الطفولة، قالوا كان محمد على باشا الكبير يراجع كشفا بأسماء طلبة المدرسة العسكرية فاستوقفه اسم حسن الكاشف لما لاحظ من أن كلمة أفلاطون مضافة لهذا الاسم ومكتوبة بين قوسين، استغرب الباشا متسائلا" افلاطون؟! فقالوا له : هو اسم الشهرة يا أفندينا، اطلقة الطلبة على حسن الكاشف لكثرة أسئلته ومناقشاته، فصار لقبا رسميا للعائلة.
أما عن والدها فهو الدكتور حسن محمد أفلاطون وقد درس العلوم فى جامعات سويسرا وإنجلترا وعاد لمصر مدرسا فى كلية الطب، ثم انتقل لكلية العلوم عند إنشائها حيث أسس بها قسم الحشرات عام 1930، وتقول إنجى أن أبيها شغل منصب العمادة بهذه الكلية لعدة سنوات.
وعن نفسها تقول إنجى أفلاطون، كان مولدى يوم 16 أبريل 1924، وهى السنة التى اشتعل الخلاف بين أمى وابى، فكانت هى سنة الطلاق، وحاولت امى التخلص من حملها حيث كانت تقوم برياضة صعبة وحركات عنيفة، ورغم هذا لم يحدث سقوط للحمل، وكان من حسن حظى طبعا.
وتشيد إنجى أفلاطون بدور أمها قائلة " المشكلة الحقيقية كانت هى كيفية مواجهة امها وهى المطلقة الشابة الجميلة، مجتمع الإثارة والمغامرات، وهى السمة الغالبة بين الطبقات العليا، لقد تحملت امى بشجاعة فائقة، لم نكن نستطيع أن نقدرها إلا بعد مرور وقت طويل، حيث تحملت ألوانا شاقة من المعاناة، فقد نظمت حياتها بمقاييسها هى واقتناعها الخاص آخذة فى الاعتبار فى الوقت نفسه احترام التقاليد والظروف السائدة.
وتسرد أفلاطون عن موهبتها التى عشقتها فتقول هويت الرسم منذ طفولتى، وكنت ارسم اسكتشات صغيرة وكانت عائلتى على دراية بموهبتى الفنية.
ويأتى بعد ذلك لقاء مفاجئا لإنجى افلاطون مع فنانا وصفته بالاختلاف التام عن نوعية المدرسين الخصوصيين ليعلمها الرسم وهو كامل التلمسانى الفنان التشكيلى أبرز جيل الأربعينيات، وبعد ذلك انتقلت بالرسم إلى الدخول فى دائرة المثقفين المصريين.
يمكن من خلال هذه المذكرات تخيل وضع المرأة المصرية التى كانت تحمل سمات تقدمية فى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى، فنعرف أن تاريخ النساء فى مواجهة الاستعمار الخارجى والداخلى طويل وصعب، وعندما أصبحت جزءا من الحركة النسائية المصرية ومن الحركة الشيوعية المصرية وأطلقت عليها الصحافة "الآنسة الشيوعية" دفعت ثمن ذلك، من حياتها التى أصبحت غير مستقرة واعتقال زوجها ووفاته ثم اعتقالها هى فى سجن القناطر.
وتقول إنجى عن تجربته فى السجن، الأيام تمضى متشابهة كما تمضى الشهور كذلك، وليتم الإفراج عن المعتقلات قررنا عمل إضراب وهو أول إضراب سياسى فى تاريخ السجون النسائية المصرية، عام 1962، وكان شعارنا الإفراج أو الموت وكان الرأى العام العالمى متضامنا معنا آنذاك، ولكن باتت بالفشل، ووقتها توالى السجن مأمور جديد، حيث سمح لهم بالتمثيل وفقا لامكانيات السجن وكان من بين المسجونين الفنانة محسنة توفيق التى لم تكن فى ذلك الوقت عرفت طريق للشهرة، وتم الإفراج عن إنجى فى يوليو 1963 مع زميلاتها المعتقلات.
وهكذا أنهت إنجى مذكراتها، فقد كان تصميمها منذ البداية أن المذكرات حديث عن الذات والمجتمع، بالكفاح وبالعمل، وبانتهاء ما هو عام، ينتهى هذا الحديث.
موضوعات متعلقة..
30 يونيو تتسبب فى معركة بين المثقفين.. شاعر يصفها بالنكسة.. وآخرون بـ"عديمة القيمة"