فى "الأوراق الخاصة لجمال عبد الناصر" تأميم قناة السويس صفعة للاستعمار

السبت، 09 يوليو 2016 09:00 ص
فى "الأوراق الخاصة لجمال عبد الناصر" تأميم قناة السويس صفعة للاستعمار غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يظل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يشغل الناس وتظل أحداث المرحلة التى عاصرها من أخطر ما مرت به مصر عبر تاريخها الطويل، وتظل الكتب عنه وهن سياساته وعن البلاد بخيرها وشرها تشغل الجميع، يكتب المؤرخون والسياسيون والمحللون حول هذه الفترة ويدلى كل واحد برأيه، لكن الأوراق الخاصة بجمال يظل لها طابعها الخاص وسحرها المميز، فعن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وفى ثلاثة أجزاء صدرت هذه الوثائق المهمة التى جاءت تحت عنوان "60 عاماً على ثورة 23 يوليو جمال عبد الناصر الأوراق الخاصة"، إعداد هدى جمال عبد الناصر.

وفهنا يتحدث عبد الناصر عن بداية ثورته، وعن الموقف الذى دفعه للتظاهر والوقوف أمام السلطة. ويقول الرئيس الراحل، كثيرًا ما سئلت هذا السؤال: متى أصبحت ثوريًا لأول مرة؟، ويتابع: هو سؤال تستحيل الإجابة عليه، فهذا الشعور أملته ظروف تكوينى وتنشئتى، وغذاه شعور عام بالسخط والتحدى اجتاح كل أبناء جيلى فى المدارس والجامعات، ثم انتقل إلى القوات المسلحة.

ومن خلال هذه الأوراق الخاصة يمكن رصد "الخطة البريطانية" فى سنة 1956 بعد تأميم قناة السويس، والتى كانت تقصد إلى الإطاحة بحكم الرئيس جمال عبد الناصر، تقول الأوراق الخاصة للرئيس ناصر إنه "بعد تأميم قناة السويس، وقف إيدن (رئيس وزراء بريطانيا) فى البرلمان البريطانى، ووجه ألفاظا نابية إلى الرئيس جمال عبد الناصر، ثم وجه حديثا فى التليفزيون إلى الشعب البريطانى، وقال فيه: إننا لا نثق فى جمال عبد الناصر "، وكان هذا العمل من جانب إيدن مثار الدهشة فى جميع الأوساط الدبلوماسية والسياسية، فليس من المألوف أن يوجه رئيس حكومة مثل هذا القول إلى رئيس حكومة أخرى إلا إذا كان يستطيع ان يطيح به بسرعة، حتى يجد من يثق به ومن يتعامل معه.

وتتابع الأوراق الخاصة لجمال عبد الناصر فضح الخطة البريطانية لإيذاء مصر فتقول " كشفت جريدة الايكنومست البريطانية عن السر فى هذا التصرف من مستر إيدن، فقالت: لقد ضللت وزارة الخارجية البريطانية رئيس الوزراء، فإن تقاريرها كانت تقول إنها تستطيع الإطاحة بالنظام الحالى فى مصر فى مدة أسبوعين، وأن مظهر التشدد من بريطانيا والتهديد، سيؤلب الشعب المصرى على الحكومة المصرية، وبهذا يستطيع مستر إيدن أن يجد على رأس الحكومة المصرية، من يستطيع أن يتعامل معه منفذا الرغبات البريطانية، وفى نفس الوقت، كتبت صحافة المحافظين عمن يخلف عبد الناصر، ويكون صديقا لبريطانيا، منفذا لأوامرها، ثم بدأت الصحافة تظهر استخدام القوة والتحركات، وكان يوم 16 أغسطس أكبر مفاجأة لمستر ايدن والحكومة البريطانية والرأى العام البريطاني، الذى صدق المحافظين، والذى كان ينتظر نبأ التخلص من الحكومة المصرية من آن لآن".

وتتابع الوثائق بفخر أنه فى "16 أغسطس أعلنت الأمة العربية عن وحدتها، من المحيط الأطلسى إلى الخليج العربى، فقد أيدت مصر فى كفاحها من أجل المحافظة على حقوقها فى قناة السويس، وأضرب العرب فى جميع البلاد العربية، وكان وقع هذه الأنباء على ايدن وقع الصاعقة، فقد كانت تقارير وزارة الخارجية البريطانية تقول"إن الشعب المصرى لا يؤيد عبد الناصر، فظهر أن العرب جميعا يؤيدون عبد الناصر، قادة العرب وشعوب العرب، وشعر مستر ايدن بأن استخدام القوة لن يمكن بأى حال من الأحوال، فأى اعتداء على مصر سينتج عنه تهديدا للمصالح البريطانية فى جميع أنحاء الأمة العربية.

وتتحدث الوثائق عن كيف اتفق الاستعمار مع أعوانه ومع الصهيونية فتقول " لقد استمر إيدن فى خطته حتى بعد أن كشف الرأى العام البريطانى الأخطار التى يمكن ان تحيق ببريطانيا، لو صمم إيدن على هذه الخطة، وبدأت المعارضة فى استخدام القوة تنتشر فى بريطانيا نفسها، وقاوم العمال خطة إيدن وقالوا له اذهب إلى الأمم المتحدة، ولكن ايدن لم يشأ أن يتراجع وصمم على خطته فى مجلس العموم، حتى أجبر فى الجلسة الأخيرة على أن يتعهد بالذهاب إلى الأمم المتحدة.

يضم الكتاب مجموعة من الأوراق لم تكتب للنشر، بل كتبها جمال عبد الناصر لنفسه، فجاءت معبرة عن أفكاره ومعتقداته وسياساته فى تطوراتها المختلفة، فالمذكرات تكتب بإرادة صاحبها يحذف منها ما يريد ويجمل منها ما شاء أما تلك فهى أوراق حميمة بلا تنميق ولا إضافة، كما يضم الكتاب فى أجزائه صور شخصية فى جميع المراحل ولكافة الأحداث.

وينقسم إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول جمال عبد الناصر طالبا وضابطا ويتحدث عن نشأة عبد الناصر ثم دخوله الكلية الحربية وتخرجه منها، وخدمته بالسودان والعلمين ثم الاستقرار بالقاهرة، حتى أصبح قائدا للضباط الأحرار.
أما الجزء الثانى الثورة فى سنواتها الأولى ويتناول تغيير النظام القائم وصدام الجيش مع الأحزاب والجماعات السياسية والتغيير الدستورى وإعلان الجمهورية، ثم مفاوضات الجلاء، بمراحلها، والجزء الثالث يتحدث عن تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثى على مصر فى 1956، ويتناول مقدمات الصراع السياسى والعسكرى، ومعركة السد العالى وتأميم قناة السويس، ثم العدوان الثلاثى على مصر، والمعركة السياسية بعد وقف إطلاق النار.

ويحكى عبد الناصر عن أول يوم انضم فيه للتظاهرات دون أن يشعر، وكيف أن حماسه وسخطه دفعاه إلى ذلك، فيقول: مازلت أذكر بوضوح أول صدام لى مع السلطة..كان ذلك فى سنة 1933م، وكنت يومئذ تلميذًا فى الإسكندرية لم أبلغ بعد الخامسة عشرة من عمرى، وكنت أعبر ميدان المنشية فى الإسكندرية، حين وجدت اشتباكًا بين مظاهرة لبعض التلاميذ وبين قوات من البوليس، ولم أتردد فى تقرير موقفى، فلقد انضممت على الفور إلى المتظاهرين، دون أن أعرف أى شىء عن السبب الذى كانوا يتظاهرون من أجله. وبعد ذلك يوضح الرئيس الراحل سبب انضمامه دون معرفة السبب، فيقول: لقد شعرت أننى فى غير حاجة إلى سؤال، لقد رأيت أفرادًا من الجماهير فى صدام مع السلطة، واتخذت موقفى دون تردد فى الجانب المعادى للسلطة.

وفى عجالة يشرح جمال عبد الناصر، كيف كانت أجواء المظاهرة، وكيف لم يحالفه القدر فى الفرار من يد رجال البوليس، فيقول:مرت لحظات سيطرت فيها المظاهرة على الموقف، لكن سرعان ما جاءت إلى المكان الإمدادات، حمولة لوريين من رجال البوليس لتعزيز القوة، وهجمت علينا جماعتهم، وإنى لأذكر أنى فى محاولة يائسة ألقيت حجرًا، لكنهم أدركونا فى لمح البصر، وحاولت أن أهرب، لكن حين التفت هوت على رأسى عصا من عصى البوليس، تلتها ضربة ثانية حين سقطت، ثم شحنت إلى الحجز والدم يسيل من رأسى، مع عدد من الطلبة الذين لم يستطيعوا الإفلات بالسرعة الكافية.

ولأول مرة يسأل عبد الناصر عن سبب المظاهرة بعض القبض عليه، ويتابع قوله:لما كنت فى قسم البوليس، أخذوا يعالجون جراح رأسى، سألت عن سبب المظاهرة، فعرفت أنها مظاهرة نظمتها جماعة مصر الفتاة فى ذلك الوقت، للاحتجاج على سياسة الحكومة. وكأى شخص يذوق قسوة الظلم، ومعاناة السجن، يمتلأ بالثورة، فيقول ناصر: دخلت السجن تلميذًا متحمسًا، وخرجت منه مشحونًا بطاقة من الغضب، وقد مضى بعد ذلك زمن طويل قبل أن تتبلور أفكارى ومعتقداتى وخطتى، ولكن حتى فى هذه المرحلة الباكرة كنت أعلم أن وطنى يخوض صراعًا متصلاً من أجل الحرية.

كثيرة هى اللحظات التى سجلتها هذه الوثائق والتى تقترب من روح الزعيم جمال عبد الناصر، وتوضح خوفه على الوطن واهتمامه به


غلاف الكتاب
غلاف الكتاب




موضوعات متعلقة..


- فى مذكراتها "المشير وأنا".. برلنتى عبد الحميد: عبد الناصر كان يؤمن بالدجالين









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة