استقل «فؤاد باشا المصرى» يخت «فخر البحار» متوجها إلى أوروبا فى مثل هذا اليوم «10 أغسطس 1950».
كان «فؤاد باشا» اسما مستعارا اتخذه الملك فاروق ليسافر به إلى رحلته الصيفية لأوروبا، ولجأ إلى هذه الحيلة، كما تقول الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «فاروق وسقوط الملكية فى مصر» عن «مكتبة مدبولى - القاهرة»: «حتى يتمكن من إطلاق حريته كما يريد».
طار كريم ثابت، المستشار الصحفى للملك، مع حسن عاكف، طياره الخاص، ليكونا فى استقبال «فاروق» فى أول ميناء يرسو فيه اليخت الملكى، ووصل اليخت إلى «دوفيل» بفرنسا، ووفقًا لـ«سالم»: «كان قد حجز للملك وحاشيته 25 غرفة فى فندق «دى جولف»، وبلغ عدد أفراد الحاشية 51 شخصًا من بينهم 14 من رجال البوليس السرى، وصحب معه 13 سيارة كاديلاك وثلاثة لوريات، وتعجبت الصحافة الأجنبية من مثل تلك الحاشية».
انتفت صفة السرية التى رغب فيها فاروق، وتخلى عن اسم «فؤاد باشا المصرى» المزيف، لكن الصحفيين الذين وقفوا أمام الفندق وعددهم 60 صحفيا أطلقوا عليه اسما جديدا هو «القاطرة»، لأنه كان يسير فى المقدمة وسيجاره الكبير الطويل فى فمه ينفث منه الدخان، ورجال الحاشية وراءه كعربات القطار، وحسب لطيفة سالم: «وجد الصحفيون المادة الصحفية التى تثريهم»، وتتحدث «سالم» عن هذه المواد استنادا إلى «الأهرام، وأخبار اليوم، وآخر لحظة، والبلاغ»، فى الأعداد الصادرة 11، 16، 19، 21، 24، 25 أغسطس عام 1950، أى فى الأيام التى تزامنت مع هذه الزيارة، ومما جاء فيها: «أقيم أول حفل فى دوفيل غنت فيه المغنية الفرنسية «أنى بيريه» أنشودة النيل، وبناء على تحكيم الملك أعطاها جائزة مخصوصة، وهى ممن تلقى إعجابه، إذ سبق أن غنت أمامه فى الإسكارابيه وتعلق بها، وترددت على القصر عن طريق «بوللى»، وفى الحفل رقصت الفنانة سامية جمال، وهى الأخرى لها الحظوة لديه، بالإضافة إلى الفرقة الباريسية وراقصات نيويورك، وتسابقت الصحف الفرنسية فى وصف الحفل واعتبرته ليلة من ليالى ألف وليلة».
و«بوللى» الذى سهل الطريق أمام المغنية الفرنسية إلى القصر، كان واحدا من حاشية فاروق، وهو إيطالى الجنسية، التحق بالقصر عام 1922 «وقت حكم الملك فؤاد» وعمل كهربائيا، ووفقا لـ«سالم»: «عقب وفاة فؤاد استلم أمرا بترك القصر فلجأ لفاروق فأبقاه، وبسرعة فائقة استحوذ على قلبه حتى لقد وصل الأمر إلى أنه تخطى كل حاجز، وأصبح ينادى مولاه بكلمة «شيرى» أى عزيزى، بينما يناديه الآخر باسم «بلبل»، ورقاه إلى أن أصبح مديرا لشؤونه الخصوصية وأنعم عليه برتبة البكوية، وكانت غرفته متاخمة له ومكتبه يقع تحت جناحه، ووضحت المهمة الملقاة على عاتقه كقواد والتى أداها بنجاح منقطع النظير».
تتبعت الصحافة البريطانية تحركات فاروق أثناء رحلته الأوروبية، وكما تقول «لطيفة سالم»: «بذلت سلطات البوليس المجهودات لإبعاد الصحفيين لدرجة أنه أثناء تناوله الغداء فى أحد الفنادق لاحظ أن الستارة المجاورة لمقعده تتحرك، وكان وراءها مصور صحفى متنكر فى زى امرأة، فقبض عليه البوليس، وكتبت «ديلى إكسبريس» تحت عنوان «حاكم من الشرق الأوسط يروح عن نفسه» تصف كل خطوة له خاصة عاداته الملتفة، ونشرت «فرانس سوار» مقالاً بعنوان «الملك يلهو»، ذكرت فيه أنه استقبل سامية جمال فى جناحه الخاص، واستمر اللقاء ساعة إلا ربعا»، ووصف مراسل «أسوشيتد برس» حالته وقت رقصها، فقال إنها تقف على المسرح شبه عارية ترتجف كالمجنونة فى موجة من الانفعال الصارخ، فيفقد فاروق السيطرة على أعصابه ويندفع ليصفق ومن ورائه حاشيته.
وتنقل لطيفة سالم عن الدكتور محمد حسين هيكل، رئيس مجلس الشيوخ، الذى كان موجودًا فى أوروبا وقتها، الأثر السيئ على المصريين لدرجة خجلهم من ذكر جنسياتهم، بسبب ما كتبته الصحف الأوروبية والأمريكية حول هذا الحدث، وتضيف «سالم»: «أسرعت الغانيات والتففن حول الملك، فأحاطته اثنتان من الممثلات الفرنسيات، وكلفته إحداهن الكثير، وتنشر «فرانس برس»: «اشترى فاروق بعض المجوهرات الثمينة من محلات فان كليف، ولكن لم يعرف بعد من ستفوز بهذه المجوهرات، هل ستكون سامية جمال أم الراقصة شيرين أم جيمونا أم المغنية أنى بيرييه؟ إنه على كل حال يحمل المجوهرات فى جيب سترته الأيمن، ويقال إن سونيا عارضة الأزياء فى محل كارفن ستكون الفائزة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة