- حينما تتعلق حياتك بالحصول على قطرة دماء، فإنك تشعر بالمعاناة، ولكن الأشد مرارة أن تعيش طيلة حياتك على نقل الدم، وتتعرض للأمراض والمضاعفات بسبب الإهمال فى عمليات نقل الدم، ذلك هو ملخص حياة ما يقرب من 3000 مريض بـ"الثلاسيميا" أو أنيميا البحر المتوسط أخطر أمراض الدم الوراثية، بالشرقية والذين يتساقطون كأوراق الشجر واحدا تلو الآخر بسبب تجاهل وسوء تقدير لمأساتهم من قبل المسئولين.
"زينب" فتاة شابة تتجسد فيها معاناة الآلاف من هذا المرض اللعين، من تعرضها لمضاعفات مرضية كالسكر وفيروس سى نتيجة نقل الدم غير الآمن، وفضلا عن معاناة مادية ونفسية تؤكد "إحنا مش واخدين حقنا، إحنا متبهدلين، علاجنا مش لاقيينه، وأنا مش عايزة حاجة غير العلاج، وأن يكون فيه دكتور متواجد معانا وإحنا بننقل الدم، لإنقاذنا".
زينب مريضة تعيش ظروف صعبة
انتقل "اليوم السابع" إلى قرية بيشة قايد مركز الزقازيق، حيث تعيش "زينب عادل" 28 سنة، مع أسرتها البسيطة المكونة من الأم و4 أشقاء، داخل منزل فقير، عبارة عن حجرتين من الطوب الأحمر، دون أى كماليات ويضم مستلزمات منزلية بسيطة، وذلك بعدما تعرض لحريق ضخم قبل عدة سنوات راح ضحيته الأب وتصدع المنزل الذى كان بالطوب اللبن.
فهى فتاة رغم صغر سنها، إلا أن علامات المرض نحلت جسدها، وغيرت من ملامحها على مر السنوات، وقضت أغلب اليوم ترقد على السرير ولا تقوى على أى مجهود، تحمل جهاز "الديسفرال" المسئول عن تخفيض نسبة الحديد فى الدم والذى بدونه تتدمر أجهزة الجسم نتيجة ترسب الحديد فيها.
معاناة وآلام
وأكدت "زينب" أنها تقضى يومها ترقد على السرير بدون حركة، تحمل جهاز "الديسفرال"، لتناول الجرعة، حيث إن مدتها تستغرق 10 ساعات، ولكن ليست هذه معاناتها الوحيدة، فهى لا تجد أمبولات متوفرة طوال الوقت فى المستشفى، ويتأخر صرفها هى والأنواع الأخرى المكملة للعلاج، مثل منشطات الكبد والكالسيوم وغيرها لعدة أسابيع وأحيانا أشهر، بسبب الروتين وعدم وصول قرارات تجديد، كذلك اضطرها لشراء حجارة بطارية يوميا ومستلزمات كالقطن والبلاستر وغيرها لتشغيل الجهاز، وهو فوق طاقتها المادية.
وتضيف لـ"اليوم السابع"، أن من المفترض أن يشمل قرار العلاج على نفقة الدولة، مصاريف تنقية الدم، إلا أن مستشفى الجامعة ترفض اعتماد مصاريف تنقية الدم، ويتم تسلمنا الدم بدون تنقية من الشوائب، الأمر الذى يصيبنا بالرعشة فور تلقى الجرعة، وأصاب العديد منا بأمراض، لافتة إلى أنها أصيبت بفيروس سى نتيجة ذلك.
3 آلاف مريض بـ"الثلاسيميا" بالشرقية يبحثون عن... by youm7
ظروف مادية صعبة
وأضافت الفتاة المكلومة، أنها رغم ظروفها الصحية والتى تضطرها أن ترقد بالساعات والأيام فى السرير تعانى الألم، إلا أن عجزها عن تدبير النفقات المادية وشراء الدواء المتعلقة به حياتها، والذى يتأخر صرفه من صيدلة المستشفى للأشهر، أجبرها على النزول للعمل، موضحة أنها ظلت 6 سنوات الماضية تعمل فى أحد مصانع العاشر من رمضان مقابل مئات الجنيهات، وأن زملاءها بالمصنع كانوا يرعون حالتها الصحية ولا يجهدونها، إلا أن مشقة السفر يوميا من السادسة صباحا إلى 7 مساء ومخاطرة فى الشتاء كانت معاناة أخرى فى حياتها.
ولفتت إلى أنها اضطرت منذ 9 أشهر إلى ترك العمل، بسبب إصابتها بمرض السكر مؤخرا، وأن لا تستطيع تدبير أى من نفقات العلاج خاصة أنها تستخدم أقلام السكر والتى تكلفها مبالغ كبيرة تصل إلى 700 جنيه شهريا، فضلا عن أدوية المرارة وفيروس سى والثلاسيميا والتى تضطر لشرائها من الصيدليات لعدم توافرهم بالعلاج على نفقة الدولة، وأن معاش التضامن يبلغ 323 جنيها، وهو لا يكفى أى شىء من العلاجات المضطرة لها يوميا وتتعلق بها حياتها.
إهمال واستهتار
وتكمل "زينب"، إننا كمرضى نعانى أشد المعاناة داخل المستشفى الجامعى بسبب عدم الاهتمام والاستهتار بمرضنا، لافتة إلى أنها كغيرها من المرضى تتعرض لرعشة ومضاعفات ناتجة عن نقل الدم أحيانا تصل للإغماء، ولا تجد طبيبا متخصص لإنقاذها أو جهازا تنفسيا صناعيا أو حجرة مجهزة لنقل الدم، فضلا عن سوء بعض الممرضات معهم فى المعاملة.
الأطباء يخطفون حلم المرضى
وعلى الرغم من المعاناة التى يتعرض لها مرضى الثلاسيميا، والذين يقارب عددهم 3 آلاف لكونه أحد الأمراض الوراثية المنتشرة فى الشرقية، ظهرت بارقة أمل لحل أزمتهم إلا إنه سرعان ما ذهبت كسراب، وهى تكوين جمعية تحت إشراف التضامن الاجتماعى لتوفير العلاجات لهم.
وعن ذلك قالت الناشطة ريهام عبدالعادل، إنها تولى كل الاهتمام لمعاناة المرضى، وإنها سبق أن تواصلت مع مديرية الصحة لتوفير الدم للمرضى من أبناء مركز الحسينية والذى يضم 60% من المرضى، خاصة أنهم يعانون من مشقة السفر لمدة ساعتين ونصف الساعة لمدينة الزقازيق لتلقى الجرعات بالمستشفى الجامعى، وبالفعل جار إنشاء فرع لبنك الدم لتوفيره لكل المرضى فى شمال الشرقية وليس فقط لمرضى الثلاسيميا، والذين سيكون لهم معمل مجهز لتلقى الجرعات.
وأضافت لـ"اليوم السابع" أنها ومجموعة من المرضى، استطاعوا مقابلة اللواء خالد سعيد محافظ الشرقية، وعرض مأساة ومعاناة المصابين عليه، خاصة أن بعض الحالات توفيت نتيجة مضاعفات مرضية بسبب الدم غير المنقى، والذى قرر على الفور توفير شقة لإنشاء جمعية لهم، إلا أن المرضى بحسن نية ونتيجة جهل البعض منهم قاموا بتفويض أحد الأطباء باستلام الشقة والذى بدوره تعامل مع التضامن الاجتماعى، وقدم أعضاء مجلس إدارة لتدشين الجمعية كلهم من أطباء وآخرين من غير المتخصصين فى أمراض الدم، دون أن يكون للمرضى تواجد فى مجلس الإدارة، وبالتالى ستصبح الجمعية دون فائدة للمريض، بل ستكون قناة جديدة لجمع تبرعات لصالح مجلس الإدارة كما يحدث فى المستشفى ويستفيدون لأنفسهم دون النظر للمرضى.
وناشد المرضى اللواء خالد سعيد محافظ الشرقية، والدكتورة غادة والى وزيرة التضامن بالتدخل، إعادة تشكيل مجلس الإدارة، بحيث تكون النسبة الأكبر للأعضاء من المرضى، لكى تعود عليهم بالفائدة والمساهمة فى حل مشكلاتهم.
زينب إحدى مريضات الثلاسيميا
مريضة الثلاسيميا تعيش على جهاز الديسفرال
زينب تضطر لشراء العلاج من الخارج لعدم توافره بالقرار
جزء من العلاج
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة