لماذا لا يستغل القائمون على وزارتى الآثار والثقافة مئات الآلاف من التماثيل والقطع الأثرية الفرعونية والقبطية والرومانية والإسلامية الملقاة فى المخازن مهملة معرضة للنهب والتلف، ويعرضونها فى الحدائق والساحات والميداين العامة والقصور المنتشرة بطول مصر وعرضها؟
سؤال كهذا بالطبع، ستجد له ألف إجابة لدى المسئولين، منها أنه بعرض هذه الآثار الملهمة والمهمة فى الشوارع ستتعرض لمحاولات التلف والسرقة وكأنها مصونة محفوظة فى مخازنها!!
فى باريس لا تجد ناصية ولا شارعا إلا وبه تمثال، أو لوحة، العاصمة الفرنسية متحف مفتوح بمئات الآلاف من الشواهد والتماثيل والجداريات والنوافير، التى أغلبها يجسد عصر النهضة فى أوروبا، ويكفى ساحة اللوفر وحديقتها المفتوح مجانا للجميع، كذلك ميدان سفنكس الذى يتزين بتماثيل أبو الهول فى قلب عاصمة النور.
إن تحول باريس لساحة مفتوحة للفنون والجمال والرقص والرسم والكتابة، جعلها العاصمة الثقافية والوجهة السياحية الأولى فى العالم، بفضل هذا التنوع المبهر فى المعروضات التى تزين شوارعها وميدانيها وتمثل كل الحضارات.
وما ينقصنا، لدينا مئات الآلاف إن لم يكن ملايين القطع الفنية من كل العصور، ولدينا ايضا مئات الآلاف من المنحوتات واللوحات لفنانين معاصرين تسعى الدول الأخرى للحصول عليها، وتحصل عليها بـ "تراب الفلوس".
لدينا أيضا مئات القصور والبيوت الأثرية المغلقة والحدائق التى تفتقر لأى مظهر يدل على أنها حدائق!! ولدينا مئات الميادين التى تخلو من أى عنصر جمالى يزينها ويترك للشعب المصرى المطحون والبائس فرصة لتذوق الجمال والاستمتاع بثراثه المحرم عليه.
لماذا لا تتحول ساحة الأهرامات لمتحف مفتوح للآثار الفرعونية بالمجان للمصريين، ومن يريد أن يدخل فليدخل ويستمع؟ لماذا لا يوعى الشعب المصرى بأن هذه الآثار ملكه لا يصح أن يشوهها أو يتعدى عليها، وبالتأكيد المصريون يعرفون قيمة حضارتهم المتنوعة والراقية، فقط يحتاجون لمن يوعيهم وينبههم؟.
لماذا لا يتحول قصر عابدين وساحته المفتوحة وحدائقه للمتحف وساحة مفتوحة للفنون، تعرض فيها مئات التماثيل المهملة والمكدسة فى مخازن وزارتى الآثار والثقافة، بدلا من تركها للضياع، ثم ما دور وزارة الداخلية وشرطة الآثار من مواجهة المخربين ومعاقبتهم.
لا نحتاج لكثير من الحديث عن أن الثقافة والفن هما السبيل الأول لمكافحة التطرف والإرهاب والتشوه الذى نعانى ويلاته، وطالما كان الأدب والفن والتراث الإنسانى والحضارة الرافد لتغذية الشعور الوطنى لدى المصريين، فارجوكم لا تحرموهم من تراثهم والاستمتاع به، وخصصوا الساحات العامة لعرض بعض القطع والآثار المكدسة فى المخازن.