ألوان زاهية دهنها القدماء المصريين منذ آلاف السنين مازالت راسخة حتى الآن على جدران معبد خنوم بمدينة إسنا جنوبى محافظة الأقصر، والذى يعود اكتشافه لعام 1843م أى ما يزيد على 173 سنة مضت، كما أنه يشهد إقامة أكبر خطة لتطويره للاستعداد لدخول الخريطة السياحية بعاصمة السياحة العالمية بكل قوة.
معبد خنوم بإسنا شاهد على التاريخ جنوب الأقصر
ويشهد حالياً المعبد أكبر خطة تطوير فى تاريخه، حيث كشف محمد السيد سليمان، رئيس مدينة إسنا، أمس الجمعة، أن اللجنة التى تم تشكيلها بالاشتراك مع وزارة الإسكان ومحافظة الأقصر، شارفت على الانتهاء من دراسة 25 فدانا فى المنطقة المحيطة بمعبد خنوم بإسنا لتطوير المنطقة، وذلك بغرض النهوض بمستوى محيط المعبد لدخوله قائمة المزارات السياحية والأثرية بالمحافظة.
وأضاف رئيس مدينة الأقصر، أنه تم حصر كافة التعديات على الأراضى والبناء غير المشروع بالمنطقة للقيام بإزالتها سريعاً لتمهيد الطريق بمحيط المعبد، لإقامة مشروعات جديدة تخدم السائحين، وكذلك بحث وضع المنازل التى كانت ضمن خطة تطوير منذ عهد سمير فرج محافظ الأقصر الأسبق لإزالتها بالتفاوض مع مالكيها.
آثار معبد خنوم بإسنا تشهد أعمال تطوير وصيانة كبرى
وكان قد عقد محافظ الأقصر محمد بدر، اجتماعاً موسعاً بمبنى مجلس مدينة إسنا، لمناقشة مشروع تطوير المعبد، وذلك بحضور عضو المجلس التخصصى للتنمية المجتمعية التابع لرئاسة الجمهورية الدكتورة سمية بهى الدين، ورئيس مدينة إسنا محمد سيد سليمان، وحضر الاجتماع، أعضاء مجلس النواب عن دائرة مدينة إسنا، وعدد من القيادات التنفيذية بالمحافظة، وممثلون عن منطقة آثار مصر العليا، وعدد من أصحاب البازارات وأهالى المنطقة المحيطة بالمعبد التى تدخل فى إطار مشروع التطوير.
وأكد المحافظ وضع مخطط تفصيلى للارتقاء بالبيئة العمرانية لمنطقة معبد إسنا وتنمية المنطقة الأثرية حول المعبد، مشيراً إلى أن المخطط يشمل تطوير المدخل ومنطقة البازارات المؤدية إلى معبد إسنا، لاستغلال الموقع المركزى لمنطقة المعبد وتطويرها بهدف تدفق الحركة السياحية على المعبد، وتوفير الخدمات اللائقة التى تناسب السائحين.
محافظة الأقصر تضع خطة متكاملة لإنقاذ معبد خنوم
ويعد "معبد خنوم بإسنا" من أهم المعالم السياحية بمدينة اسنا، حيث أنه المعبد الوحيد الباقى من أربعة معابد كانت موجودة فى إسنا ثلاثة منها فى شمال غرب إسنا فى (أصفون – كوم الدير – غرب اسنا)، أما الرابع فكان يقع فى شرق اسنا (الحله)، وفى عام 1830 تم اكتشاف معبد آخر فى موكير جنوب غرب اسنا بحوالى 10 كم، إلا أن هذه المعابد اختفت منذ القرن الماضى ولم يبق منها غير ما يدل عليها.
ويرجع اكتشاف "معبد خنوم بإسنا" وتنظيفه من الرديم إلى عام 1843م أى فى أواخر عصر محمد على باشا ويسبق هذا التاريخ زيارة العالم الفرنسى (شمبليون) له فى عام 1828م الذى ذكر أنه رأى نقوشا تحمل اسم الملك تحتمس فى هذا المعبد، ويعتقد أن المعبد الحالى أقيم على أطلال معبد قديم يرجع بدايته إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة، حيث عثر على نقوش تحمل اسم الملك تحتمس عام 1468 – 1436 ق.م الذى جاء ذكر مدينة اسنا باسمها فى عهده.
وكان قد أعد الباحث أحمد سيد بحثا أثريا لم ينشر يذكر فيه أن معبد إسنا يرجع إلى عصر الدولة الوسطى الأسرة الثانية عشرة 1991- 1778 ق.م، وقد تهدم هذا المعبد وأعيد بناؤه فى العصر الصاوى للأسرة السادسة والعشرين، ويرقد معظمه أسفل المنازل الحديثة بإسنا، أما المعبد الحالى فقد بدأ تشييده فى عهد الملك البطلمى بطليموس الملقب باسم فيلوميتور أى المحب لأمه، وقد أضيف إليه فى العصر الرومانى قاعة أساطين ترجع لعصر الامبراطور الرومانى (كلوديوس) 40م، وتمت زخرفة الصالة فى عصر كل من فيسيان وتراجان وهادريات، وآخر نقوشها ترجع لعهد الامبراطور دكيوس حوالى سنة 249 – 250م على الجدار الغربى للمعبد، أى أن هذا المعبد استمر فى بنائه وزخرفته خلال 400 عام على فترات منفصلة ما بين عام 181 ق.م – عام 250 م.
محمد بدر يؤكد وضع معبد إسنا بالخريطة السياحية مستقبلا
ويقع معبد خنوم بإسنا على الضفة الغربية لنهر النيل على بعد 100م تقريباً من نهر النيل، ويتعامد رأسياً عليه على محور واحد وتنخفض أرضية المعبد بعمق 9م تقريباً عن مستوى الأرض الحديثة لمدينة إسنا ويتم النزول إليه بسلم حديث تم إعداد من وزارة الآثار، وخصص هذا المعبد لعبادة الإله خنوم مع كل من زوجته منحيت – نيبوت، أما الإله خنوم فقد مثل برأس كبش وجسد إنسان ويعرف باسم الإله الفخرانى أو خالق البشر من الصلصال وباسم خنوم رع سيد إسنا، أما الإلهة منحيت فقد مثلت برأس أنثى الأسد ويعلوها قرص الشمس وجسد أنثى وتشبه الإلهة سخمت لهذه القوة، أما الإلهة نيبوت الزوجة الثانية لخنوم ويعنى اسمها سيدة الريف، وقد مثلت بهيئة أدمية على شكل سيدة يعلو رأسها قرص الشمس بين قرنين وهى هنا تشبه الإلهة إيزيس فى هيئتها.
ويتكون معبد خنوم بإسنا من صالة مستطيلة الشكل ذات واجهة ذات طراز معمارى خاص بعمارة المعابد المصرية القديمة فى العصرى اليونانى والرومانى، ويحمل سقفها 24 أسطوانة بارتفاع 13م ومزخرفة بنقوش بارزة ذات تيجان نباتية متنوعة وألوان زاهية متميزة، وتعتبر هذه القاعة (الصالة) من أجمل صالات الأعمدة فى مصر على وجه العموم من حيث تماثل النسب وطريقة نحت تيجان أعمدتها، وبقائها فى حالة جيدة من الحفظ وتتميز واجهة المعبد بحوائط نصفية أو ساترية لكى تستر المعبد وتحافظ على أسرار الطقوس التى كانت تؤدى بداخله.
الألوان الفرعونية مازالت راسخة بمعبد خنوم بإسنا
وتنقسم جدران معبد خنوم بإسنا الداخلية والخارجية إلى سجلات أو صفوف أربعة بكل سجل منظر متكامل بذاته وتمثل مناظر المعبد بصورة عامة الملوك البطالمة فى الجدار الغربى، والاباطرة الرومان فى هيئات فرعونية وهم يقدمون الهبات والقرابين والزهور المقدسة لالهة المعبد (خنوم – منحيت – نيبوت)، وآلهة أخرى مثل (مين – سوبك – صخور – ايزيس)، والمناظر الداخلية للمعبد تتعلق أغلبها بالديانة والعقيدة فى تلك الفترة وتتكون من مؤلفات دينية ونصوص عن خلق العالم واصل الحياة بالإضافة إلى التضرعات والتراتيل الدينية وأعياد الإله خنوم ومناظر فلكية ومناظر تأسيس المعبد ومناظر سحرية تمثل صيد وقتل الارواح الشريرة وهزيمة الأعداء.
وفى واجهة معبد خنوم بإسنا، يوجد طراز معمارى كان شائعاً فى العصور المتأخرة يعرف بإسم الاعمدة المتصلة أو الحوائط النصفية، ويحلى الجزء الجنوبى من الواجهة مناظر تمثل خروج الامبراطور (تيتوس) فى هيئة فرعونية من قصره حاملا رموزا إلهية أربعة للإله "خنوم – تحوت – حورس – أنوبيس" إله التحنيط، ثم يليه منظر يمثل عملية تطهير الإمبراطور بواسطة الالهين حورس – تحوت بأوانى التطهيرHST وبعلامات الحياة أمام الإله خنوم ثم منظر قيادة إلهى الشمال والجنوب للامبراطور إلى داخل المعبد، والناحية الشمالية تمثل مناظر تتويج الامبراطور.
أما المناظر الداخلية، تضم المعبد العديد من المناظر ولكن من أهمها فى الواجهة الغربية (مدخل المعبد القديم) حيث يوجد فى أعلاها منظر رئيسى يمثل الإله خنوم برأس كبش وجسد إنسان بالزى الإلهى داخل قرص الشمس سيد إسنا، ويعنى هذا المنظر أن الإله خنوم محمى من قبل الإله رع.
أحد جدران معبد خنوم بإسنا تحتفظ بتاريخها الفرعونى
المنازل والمساجد تحيط بمنزل خنوم بمدينة إسنا
الألوان مازالت متواجدة بجدران معبد خنوم بإسنا
بهو داخل معبد خنوم بإسنا راسخ منذ آلاف السنوات
ألوان أعمدة معبد خنوم الداخلية التى نقشها الفراعنة
الجدران الفرعونية الداخلية بمعبد خنوم بإسنا
أعمدة تاريخية داخل معبد خنوم بإسنا تحتفظ برونقها الفرعونى
جمال أعمدة وجدران معبد خنوم بإسنا مازالت راسخة
أحد التماثيل داخل معبد خنوم جنوب الأقصر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة