محكمة شمال القاهرة تردع تجار المخدرات بالسجن المشدد والغرامات.. قانونيون: الاكتفاء بضبط صغار التجار وعدم القضاء على "الحيتان الكبار" سبب زيادة الظاهرة.. ويؤكدون: لابد من مواجهة الأوكار الحقيقية

تحتل أحكام قضايا الإتجار بالمواد المخدرة، مرتبة الصدارة بين الأحكام الصادرة من محكمة شمال القاهرة الابتدائية، حيث تتدرج العقوبات الصادرة ضد المتورطين فى هذه القضايا ما بين السجن 3 سنوات وحتى السجن المشدد وفقا لكل واقعة، مما يضع تساؤلا عن السبب الحقيقى الذى أدى لانتشار تلك الظاهرة.

أهم الأحكام الصادرة ضد تجار المخدرات خلال الأسبوع الماضى

من أهم القضايا التى شهدتها المحكمة خلال الأيام الماضية، الحكم بالسجن 10 سنوات وغرامة مالية قدرها 100 ألف جنيه، على "نقاش"، يدعى "على صلاح عبد الباقى"، 30 عاما، لاتجاره بالحشيش، فى منطقة منشأة ناصر، بعد أن تم ضبطه وبحوزته 793 جراما.

كما قضت الدائرة 27 جنايات جنوب القاهرة بالسجن المشدد 10 سنوات، وغرامة مالية قدرها 100 ألف جنيه، لـ"أسامة سيد" 29 سنة، عاطل، وذلك لاتجاره بالحشيش أمام إحدى دور العبادة بمنطقة منشأة ناصر.

وكشفت تفاصيل القضية التى تحمل رقم 5136 لعام 2016، أن تحريات المباحث أثبتت استعانت الأجهزة الأمنية بـ"عمرو سيد" عقيد شرطة بمكتب مكافحة المخدرات، للإيقاع بالمتهم، وذلك من خلال قيامه بعملية شراء وهمية لموادة مخدرة، وبالفعل ذهب عقيد الشرطة لشراء "الحشيش"، وكان المتهم يبيع تلك المضبوطات أمام إحدى دور العبادة.

وأصدرت الدائرة 12 جنايات محكمة شمال القاهرة، حكم بالسجن 6 سنوات لـ"عمرو.ح" عاطل، كما ألزمته بدفع غرامة مالية قدرها مائة ألف جنيه، وذلك بتهمة الإتجار فى الهيروين.

وتعود تفاصيل الواقعة إلى قيام المتهم وشهرته "عمرو اليهودى"، 34 عاما، عامل أحذية، مقيم بمنطقة الزاوية الحمراء، بالترويج لمسحوق الهيروين فى منطقة الزاوية الحمراء، الذى يعيش بها، وكانت بحوزته 6 جرامات.

السيدات يحتللن حصة كبيرة فى تجارة "الكيف":

كما أن السيدات احتللن حصة لا بأس بها من الأحكام الصادرة فى قضايا الإتجار بالمخدرات، وكان أبرز تلك الأحكام، الحكم الصادر من الدائرة 14 جنايات شمال القاهرة، بالسجن المشدد 3 سنوات وغرامة مالية 50 ألف جنيه لربة منزل "دولت سليمان" 35 عاما، لإتجارها فى المخدرات، وخرق حظر التجوال الذى فرضته البلاد خلال السنوات الماضية.

وعثرت الأجهزة الأمنية على المتهمة وبحوزتها 100 قرص ترامادول بقصد الإتجار به، وذلك خلال مرور إحدى الدوريات الأمنية، حيث تمكن "أحمد عبد الحميد" رائد شرطة بقسم شرطة ثان السلام، بضبط المتهمة وجدها تحمل شنطة بلاستيكية سوداء اللون، وعندما وجدته يقدم عليها أسرعت وألقت بها للتخلص منها، ما زاد شكوك الرائد، وقام بضبط الحقيبة وعثر بداخلها على المضبوطات.

وخلال الفترة الماضية تمكنت الأجهزة الأمنية، من ضبط "منيرة،م"، 50 عاما، برفقة ابنها "عاطل" 20 عاما، خلال ترويجهما كمية من مخدر الحشيش فى منطقة مدينة نصر.

واعترفت المتهمة خلال تحقيقات النيابة بأنها تستعين بابنها فى ترويج المضبوطات على الشباب ببعض شوارع مدينة نصر، وذلك بعد أن تركها زوجها بدون مأوى، ولم تجد سبيلا غير ذلك لتربية ابنها.

قانونيون: الزج بصغار التجار لتوريطهم بتلك القضايا وعدم ضبط الجناة الحقيقيين وراء الأزمة

ويفسر الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مكتب القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أن السبب الرئيسى وراء انتشار ظاهرة الإتجار بالمخدرات، ترجع إلى عدم معاقبة التجار الحقيقيين، الذين يستتروا وراء شركات واستثمارات دولية ضخمة، لافتا أن عادة ما يقتصر الأمر فى قضايا الإتجار بضبط التجار الصغار.

ولفت "مهران"، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، إلى أن التجار الحقيقيين عادة ما يجعلون صغار الموزعين للمخدرات كبش فداء"، لذلك نجد أن الأحكام الصادرة ضدهم تكونت فى قضايا تنحصر بها كمية المضبوطات إلى أوزان قليلة لا تتعدى جرامات محددة.

فى حين يرى ياسر سيد أحمد، محامى بالنقض، أن الأزمة الحقيقية وراء تنامى تلك الظاهرة تعود إلى الأسلوب المتبع لدى رؤساء المباحث، الذى يعتمد على إلزام الضباط بالكم وليس الكيف، ما يعنى الحصول على أكبر قدر من المحاضر، دون الوصول إلى الجانى الحقيقى، لذلك تنحصر المحاضر المحررة فى تلك القضايا على مساعدين التجار الكبار.

كما يرى ضرورة استهداف الأوكار الحقيقية لتجار المخدرات، حتى تنحصر ظاهرة الإتجار بالمخدرات، التى باتت تحتل الصدارة بين القضايا التى تنظرها المحاكم المصرية يوميا.