تحولت الشهرة الواسعة التى تتمتع بها العديد من الفنادق الخمس نجوم إلى نذير شؤم ونحس على روادها، وبخاصة هؤلاء من الشخصيات العامة والسياسية، فمثلاً اشترك فندقا «الفورسيزون»، و«فيرمونت»، فى كونهما المكان الذى أطاح بنظامين سياسين، فالثراء الفاحش الذى يتمتع به رواد فندق الفور سيزون كان سببا فى خروج العديد من رجال نظام مبارك من الفندق رأسا إلى السجون وإن تمت تبرئتهم مؤخرا، بينما ظنت جماعة الإخوان المحظورة أنها من فندق «فيرمونت» ستستطيع السيطرة على القوى السياسية المصرية الرافضة لوجود أحمد شفيق فى المشهد الانتخابى فى 2012، إلا أن ذلك لم يكن صحيحا، فوثيقة الفيرمونت كانت مسمارا فى نعش الإخوان.
ومؤخرا انضم إليهما فندق سميراميس الذى تسبب فى سخط شعبى كبير ضد وزير التموين بسبب إقامته الدائمة فى الفندق منذ 2014 وهى الواقعة التى قد تتسبب فى الإطاحة به من منصبه.
الفيرمونت والصفقات الإخوانية
قبيل أيام قليلة من إعلان نتائج جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية 2012 التى كانت تدور رحاها بين محمد مرسى مرشح جماعة الإخوان المسلمين، وأحمد شفيق مرشح نظام مبارك الذى خرج عليه المصريون فى يناير 2011، برز اسم الفندق الشهير فتحول من فندق لاستقبال السائحين والزائرين إلى مقر لعقد صفقات واجتماعات الإخوان السياسية التى كانت وثيقة فيرمونت بدايتها.
اجتماع مغلق عقده قادة الجماعة فى فيرمونت وكان على رأسهم محمد مرسى الذى كان ينتظر إعلانه رئيسا للجمهورية وقتها، مع العديد من القوى السياسية والثورية ورموز العمل السياسى وقتها، انتهى ببيان وقع عليه مرسى وألقاه الكاتب الصحفى حمدى قنديل، وكان من أهم التوصيات التى جاءت فى وثيقة فيرمونت، تشكيل فريق رئاسى وحكومة الإنقاذ الوطنى من جميع التيارات الوطنية، ويكون رئيس هذه الحكومة شخصية وطنية مستقلة، والسعى لتحقيق التوازن فى تشكيل الجمعية التأسيسية بما يضمن صياغة مشروع دستور لكل المصريين، إلا أن ذلك لم يحدث وخالفت الجماعة ما اتفقت عليه، فتحولت وثيقة الدعم السياسى إلى وسيلة ضغط وحجة على نقض الإخوان لعهودها مع الجميع.
لم تكن وثيقة فيرمونت فقط هى التى تسببت فى شهرة الفندق الطاغية سياسيا، لكنه تحول إلى مقر مؤقت لرئاسة الجمهورية فى عهد الإخوان فبعد وصول الجماعة للرئاسة شهد الفندق العديد من المناسبات الدولية، من بينها القمة الإسلامية التى عقدت فى فبراير 2013، وشارك بها وفود 56 دولة إسلامية، إلى جانب الشخصيات من ممثلى المنظمات الدولية والدول الأجنبية، وعلى الرغم من تعدد المطالب بعقد القمة بعيدا عن القاهرة بسبب الظروف الأمنية التى كانت تشهدها العاصمة آنذاك، إلا أن المؤسسة الرئاسية أصرت على عقد القمة بفندق فيرمونت.
استقبل الفندق الذى تستحوذ على النسبة الأكبر منها شركة الديار القطرية وعدد من رجال الأعمال السعوديين والقطريين، أيضا قمة وزراء الخارجية العرب بدلا من مقرهم بالجامعة العربية ليتولى الحرس الجمهورى وشرطة الرئاسة تأمين الفندق والوفود الرسمية للدول المشاركة.
لم يقتصر فيرمونت فقط على اللقاءات الرسمية للدولة المصرية فى عهد الإخوان، وإنما كان مقرا دائما للقاءات قيادات الجماعة مع العديد من رجال الأعمال المصريين والعرب والأتراك، وكان شبه مقر دائم لعدد من مسؤولى رئاسة الجمهورية ومكتب الإرشاد، وبحسب ما أعلنه الدكتور ياسر على المتحدث السابق باسم الرئاسة فى عهد الإخوان فإن إقالة المشير طنطاوى والفريق سامى عنان خرجت من أحد هذه اللقاءات بـ«فيرمونت» مع بعض الشخصيات الصحفية.
وشهد الفندق أيضا لقاءات بين أيمن على مستشار الرئيس لشؤون المصريين فى الخارج ومحيى حامد مستشار الرئيس لشؤون التخطيط والمتابعة، بالإضافة إلى عدة لقاءات جمعت بين الأخوين أحمد مكى، النائب السابق لـ«مرسى» وأخيه محمود مكى وزير العدل وعدد من الشخصيات من مكتب الإرشاد والرموز القضائية فى وقت اشتعال أزمة مقاطعة القضاة للإشراف على الاستفتاء وأزمة النائب العام الأولى للإطاحة بعبدالمجيد محمود.
من أبرز اللقاءات التى تم عقدها بـ»فيرمونت» لقاء بين وفد يترأسه قائد الحرس الثورى الإيرانى، وقادة الإخوان المسلمين لبحث تشكيل حرس ثورى إخوانى لقمع المتظاهرين، وهو اللقاء الذى أطاح بأحمد جمال الدين وزير الداخلية السابق.
الفورسيزون صائد رجال الأعمال والوزراء
من على ضفاف النيل بقلب القاهرة خرج العديد من رجال الأعمال والسياسيين والوزراء من فندق الفورسيزون إلى ساحات المحاكم، من بينهم كان وزير الزراعة السابق صلاح هلال الذى تورط فى قضية رشوة كبرى بالوزارة فى نهاية العام الماضى، المعروفة إعلاميا باسم فضيحة الفورسيزون، لأن الفندق الشهير كان مقرا يتردد عليه المتهون فى القضية لشراء بدلهم أو تناول عشائهم، بالإضافة إلى كونه مقرا دائما لإنهاء صفقتهم.
لم تكن واقعة وزير الزراعة فقط هى الحادثة الوحيدة الشاهدة على سوء حظ المترددين على الفندق، ولكن الفورسيزون كان نحس دائم على جميع من اتخذوه مقرا لإقامتهم أو إنهائهم أعمالهم فيه، فالفندق الفخم المطل على أجمل أماكن القاهرة لم يعط ظهره لأحد مثلما كان لصاحبه ومالكه رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى.
فالفندق كان شاهدا على قضية القتل التى أثارت ضجة كبرى تورط فيها هشام طلعت مصطفى بالتحريض على قتل المطربة اللبنانية الراحلة سوزان تميم فى نهاية عام 2008، فخرج هشام أحد أبرز رجال أعمال نظام مبارك من فندقه إلى غرفة ضيقة بأحد سجون القاهرة.
امتد نحس الفورسيزون من أحد رجال أعمال نظام مبارك إلى النظام كله، ففرع الفندق الواقع فى جاردن سيتى كان يعتبر واحدا من أماكن صناعة القرار فى مصر فيما قبل 25 يناير 2011، حيث كان يعد مقرا مصغرا لمجلس الوزراء بسبب إقامة العديد من الوزراء به أو لتردد بعضهم عليه بطريقة شبه دائمة، مثل أنس الفقى وزير الإعلام الأسبق، وأحمد المغربى وزير الإسكان الأسبق وغيرهم من وزراء ما قبل الثورة.
ولقرب الفندق من مجلسى الشعب والشورى، كان يعتبر غرفة ثالثة للبرلمان المصرى بسبب إقامة العديد من نواب الحزب الوطنى فيه وعلى رأسهم أمين تنظيم الحزب الوطنى السابق المهندس أحمد عز، فمطاعم الفندق وبهوه كانت شاهدا على العديد من جلسات كبار دولة مبارك التى ربما خرج من رحمها العديد من القرارات المصيرية للشعب المصرى.
الفندق الذى كان واجهة مفضلة لكبار رجال الدولة أصبح معروفا عنه أنه المكان الذى يخرج منه الوزراء و كبار رجال الأعمال شققهم الفندقية التابعة للفور سيزون أو أجنحة إقامتهم الفارهة، مباشرة إلى السجن.
مؤخرا استرد الفورسيزون مكانته مرةأخرى ليصبح قبلة سياسى مصر بعد 30 يونيو، فقبل بضعة أشهر كان الفندق شاهدا على تشكيل العديد من اللجان النوعية لمجلس النواب الذى كان يعتبر مقرا دائما لتجمع قيادات ائتلاف دعم مصر.
سميراميس قد يطيح بالوزير «حنفى»
على غرار فندقى فيرمونت والفورسيزون كان فندق سميراميس شاهدا على قضية أثارت الرأى العام المصرى قبل عدة أيام ضد وزير التموين، الدكتور خالد حنفى، فبحسب ما كشفه عضو مجلس النواب الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، خلال برنامجه أن وزير التموين خالد حنفى يقيم فى فندق سميراميس منذ فبراير 2014 إلى أغسطس 2016، بجناح خاص يحمل الرقم 1038 الذى تبلغ مساحته نحو 131 مترا، ووصلت تكاليف إقامته خلال هذه الفترة أكثر من 6 ملايين جنيه، وأن الوزير كان يدفع 10 آلاف جنيه يوميا.
وعلى الرغم من الرد السريع من قبل المتحدث الرسمى لوزارة التموين والتجارة الداخلية، محمود دياب، بأنه غير صحيح، مؤكدًا أن وزير التموين والتجارة الداخلية، يتحمل تكاليف إقامته داخل الفندق التى تقل كثيرا عما ذكره «بكرى» على نفقته الخاصة، وأكد دياب، أن وزير التموين، من أبناء محافظة الإسكندرية، والحكومة لا توفر سكنا للوزراء، وكان عليه الإقامة فى مكان مناسب، مشددا على أن هذا يعد أمرا شخصيًا بالنسبة للوزير.
ما أثاره بكرى أحدث ضجة كبيرة لدى الرأى العام المصرى ضد وزير التموين، وخاصة فى ظل ما كشفته لجنة تقصى الحقائق بمجلس النواب عن فساد القمح، وما تبعها من مطالبات بضرورة إقالة الوزير، متسائلا كيف دفعت تكلفة هذه الإقامة المستمرة بمبلغ يقدر يوميًا بـ10 آلاف جنيه قائلا: «ياريت يقدم وزير التموين استقالته.. البرلمان وصانعو القرار لن يصمتوا طويلاً».
وبهذه القضية التى لا تزال تفاصيلها محل اهتمام من المجتمع المصرى يصبح سميراميس هو أحد الفنادق الشهيرة التى ارتبط اسمها بفضيحة كبرى.