-الانفلات الأخلاقى والنشأة المنحرفة وعدم الاتزان أسباب إصدار شيوخ التيار الإسلامى فتاوى متطرفة
-الارتقاء بإنسانيات الشعب مسألة أمن قومى كفيلة بنقل مصر إلى الدول المتقدمة خلال 10 سنوات
-النهوض بالأخلاقيات يقضى على الفساد ويجعلنا شعب منتج وليس مستهلك
-شيوخ التيار الإسلامى حافظين مش فاهمين وأدعو للرجوع للأزهر فى الفتاوى
دعا الدكتور محمد وسام الدين، الداعية الإسلامى، الحكومة إلزام المدارس بتعليم "الإنسانيات أو أخلاقيات"، معتبرا ذلك أنها مسألة أمن قومى، مشيرا إلى أن تعليم الناس الإنسانيات يقضى على الفساد ويحولها إلى دولة منتجة وينقلها من دولة نامية إلى دولة متقدمة خلال 10 سنوات.
وطرح "وسام الدين" الحاصل على دكتوراه فى العلوم الإنسانية ودبلومة دراسات إسلامية ودبلومة فى الإرشاد الأسرى وتربية أولاد، خلال حواره مع ـ"اليوم السابع" مبادرة "كيف نعيش" تهتم بتعليم الصغار فى المدارس من خلال حصة أسبوعية، والكبار من خلال وسائل الإعلام الأخلاقيات، وإلى نص الحوار..
مبدئيا لماذا تخصصت فى هذا الجانب خاصة؟
الفكرة أن جميع العلوم الإنسانية تصب فى حياتنا على الإنسان، فالهندسة إنسان، والحقوق إنسان وكذلك الطب، فالإنسان لو حياته مرتكبه تنعكس بشكل سيئ على جميع نواحى حياته والعكس أيضا، وأنا بطبيعتى أميل للتعامل مع الإنسان نفسه أيا كان عقيدته، وعندما التحقت بكلية الهندسة دخلت قسم العمارة، الذى يعتبر أدب الهندسة وجزء فنى لطيف، وأنا مهتم بالبشر لأن البشر قضية حياتنا، فمشاكل الإنسان منذ بداية الدنيا حتى الآن هى نفس المشكلات.
من خلال دراساتك هل تهتم الأديان السماوية بفكرة الارتقاء بالإنسانية؟
هناك ما يسمى بما قبل التدين التى هى فكرة الإنسان، فالله سبحانه وتعالى عندما كلف الإنسان كلفه بإنسانيته، والإنسان يُولد على الفطرة ويكون لديه معرفة بالحق والباطل والخير والشر، وذلك قبل التدين وقبل أن يدخل فى أى دين، فخُلقة الإنسان أصلا خُلقة متساوية، فيها جزء أبيض وآخر أسود فالله سبحانه وتعالى يقول "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقوها"، وبالتالى الإنسان لديه مكونات الامتحان الممثلة فى العدل والوفاء، ولذلك نقول إذ لم يرُاع الإنسان قبل مرحلة التدين التى تبدأ عندما يكون سنه 7 سنوات ويتم تلقينه وتعليمه فى هذه المرحلة يُصعب بعد ذلك تعليمه، لأنه فسد سواء كان هذا الإنسان مسلم أو غير مسلم أو ملحد فالعقيدة لن تفرق، فمرحلة ما قبل التدين هى الفترة التى تتكون فيها شخصية الإنسان الأخلاقية وتعليمه الوفاء والإخلاص والشهامة والأمانة، وعندما تغلف الناس عن هذه الأمور وتبدأ تدين الأبناء مبكرا وتعلمهم التكاليف قبل الأخلاق أو الإنسانيات تطلع الأبناء غير سوية ومعوجة، ولذلك تجد شيوخ فسدة، وفى المقابل تجد إنسان غير ملتزم دينيا ولكنه لديه قيم حتى لو كان مُلحدا لأنه تربى".
هل عدم تعليم رجال الدين والدعاة الإنسانيات والأخلاقيات قبل مرحلة التدين يتسبب فى وقوعهم بأخطاء وجرائم غير متوقعة؟
نعم، فمن يقع فى أخطاء من الشيوخ سببه أنه فى فترة ما قبل التدين لم تكن فترة صحيحة، وتلقى أخلاقيات غلط فأصبحت موجودة بداخله، وللعلم التشريع جاء من أجل تنظيم الحياة، فإن لم تكن لدينا حياة فلا يمكن تنظيمها، ومثلا على ذلك لو جئنا بشخص مجرم وألزمناه بعدد من القوانين داخل السجن، عندما يجد هذا المجرم ثغرة سيخالف القوانين لأن داخله غير مقتنع بالقوانين، فالدين يعتبر نوعا من أنواع القيود، حيث يضع قيودا على الإنسان، فلو داخل الإنسان مخالف لهذه القيود يبحث عن ثغرة ومبررات لعدم تنفيذ هذه القيود، وهناك جزء من البشر فسادهم سببه التربية الأولى سواء البيئة والنشأة، فينشأ الإنسان فاسدة مهما تربى فيما بعد، فالدين يعمل على تنظيم للحياة، وبالتالى من ينشأ ذلك من الشيوخ دون تربية يتطرف فى فتواه حيث يريد الضغط على نفسه فيصدر فتوى متشددة جدا.
لكن شيوخ التيار الإسلامى يصدرون فتاوى يستشهدون فيها بآيات وأحاديث؟
نعم لكن هناك من ينشأ فى بيئة متطرفة منحرفة وفيها نوع من الانفلات الأخلاقى وانفلات المفاهيم، ولذلك تجد فتواهم متشددة لدرجة التطرف، فالمتطرف فى فساده متطرف فى تدينيه لأن طبيعته غير متوازنة، فالإنسان اللى بطبيعته متوازن مهما تحاول تجبيه فى اتجاه متطرف فعقله لن يقبل هذا، وفى هذا الصدد كان حسن البصرى يرد بكلمة جميلة جدا عندما يقول الناس له أن هناك شخصا ملتزما فكان يقول: "كيف عقله فلا يتم دين عبد حتى يتم عقله" وهذه كلمة صحيحة، فالشخص العاقل وهى الذى يمكن أن يُعلم ويُعطى الدين، أما الشخص الذى ليس لديه عقل يعطيك تطرف وانفلات وتسيب، ويفتى فى الدين بتطرف أو تسيب لأنه شخص ليس لديه توازن، ولذلك أنا اهتمامى بالتوازن.
لكن البعض يرى أن تعليم أبناءه الدين كفيل تعليهم كل شىء راقى؟
بعض الناس متصورة إن الدين جاء من الصفر، والرسول صلى الله عليه وسلم أنشأ الدين من الأول، وأيضا بعض المؤرخين يبالغون جدا فى العرب ويقولوا أنهم كانوا سيئين للغاية وهذا غير صحيح، فالقيم التى كانت عند العرب وأخلاقهم مثل الوفاء بالكلمة واحترام الكبير لا نستطيع أن نصل لها الآن، فرسول الله جاء يكمل الأخلاقيات والإنسانية، وقال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" فالعرب كانت لديهم قيم إنسانية فى حياتهم، ونحن أغفلنا هذه القيم التى يجب علينا أن نزرعها فى الأطفال لغاية سن سبع سنوات على الأقل ونعلمهم "الخصوصية والاحترام والعطف على الصغير والشهامة والأمانة والأخلاص"، ثم بعد ذلك نعلمه الدين الذى ينظم الحياة، فالأخلاق هى الأصل والدين ينظم، وعلى فكرة مش ممكن الدين ينجح دون أخلاقيات، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى أرسل سيدنا محمد إلى العرب لوجود قيم لديهم وأخلاقيات ولكن كان لديهم خطأ فى التشريعات مثل الزواج والبيع والشراء، لكن أخلاقياتهم كانت ممتازة، فالجاهلية كانت جاهلية تشريعات.
ما هو الفارق بين الإنسانيات والأخلاقيات؟
لا يوجد فرق فالإنسان أخلاق وهى احترام الإنسان كانسان، فالذى استضافنا فى الكون الله سبحانه وتعالى واستضافنا لظروفنا سواء كنت بوذى أو مسيحية أو ملحدة، وهو الذى يحاسبنا يوم القيامة، والله كلف الذى استضافهم من المسلمين أن يدعو غيرهم للإسلام ولو فشلوا فى دعوتهم ربنا يتولى شأنهم يوم القيامة ويحاسبهم بطريقته، ولم يعطينا الحق فى أن ننهى حياة من رفض يُسلم، فنحن جميعا ضيوف الرحمن، فالذين حافظوا على الإنسانيات بلادهم نظيفة وتجد فيها أمانة وقيم، أما الذين لم يحافظوا على إنسانيات والأخلاقيات بيوتهم "خربانة" وشوارعهم "خربانة" وحياتهم فاشلة لأنهم لم يحافظوا على الإنسانيات، وحافظوا على التشريعات فقط وكيف يصلى ويصوم فقط، ولذلك تجد من الناس من يتساءل ليه نحن نصلى ونصوم وحياتنا رديئة، لأنهم لم يحافظوا على الإنسانيات، وبترك الإنسانيات تأخر المسلمين.
من وجهة نظرك كيف نعيد القيم الإنسانية؟
على الدولة تعليم الأخلاقيات والإنسانيات وهى الجزء الذى قبل الدين، فيجب على المدارس خلال الـ6 سنوات الأولى أن تعلم الأطفال الأخلاقيات بشكل كامل، ثم بعد ذلك تأخذ كل أسرة ابنها تعلمه الدين، فنحن نطالب إلزام المدارس بتعليم الأخلاقيات كالأمانة والصدق والإحسان سواء كان هؤلاء الأطفال مسلمين أم مسيحيين، وأنا أتمنى أن تحدث حاجة أسمها "أسلوب حياة" وهى تعنى تعليم النشء من خلال حصة أسبوعية على الأقل كيفية المآكل والمشرب والملبس وكيف ينظف غرفته وكيف يتعامل مع والده ووالدته وكيفية التعامل فى كل شىء ونظام الحياة، وأنا أتصور أن هذا الأمر سيقضى على مشكلات كثيرة نواجهها الآن من تراكم القمامة والإسراف الذى نراه فى مسألة الزواج وخصوصا فى الأرياف، وأنا أتمنى أن تكون هذه الحصة أسبوعية فى المدارس فى مراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، كما أرى أن تعليم الأخلاقيات مسألة أمن قومى، لأنه سيتم تعليم الناس كفيفة المعيشة الأمر الذى سوف يساعد على إلغاء الطبقية فى المجتمع، فالأخلاقيات تساوى بين الناس، وعلى فكرة الأخلاقيات اعتقاد وليست سلوك ويجب علينا نزرعها فى الصغار.
ما الذى ينعكس على مصر حال تطبيق هذا الأمر؟
سنقضى على مشكلات كثيرة وخلال 10 سنوات مصر شكلها ستغير تمامًا، وينقل مصر من الدول النامية إلى المتقدمة مثلما حدث فى سنغافورة وكوريا، فجزء كبير من ضياع الناتج القومى بسبب الأخلاقيات، مثل الفساد والرشوة وأنواعها وتجد من يحج ويصلى ثم يسرق ويغش، وحال إعادة الناس للفطرة سوف ينتجون ويصبحون شعب منتج، فتعليم الأخلاقيات مسألة أمن قومى.
وليس من المبالغة أن الأخلاقيات أمن قومى؟
ليست مبالغة فالفرق بيننا وبين اليابان والدول المتقدمة هى الأخلاقيات، فالأخلاقيات تجعلنا شعب منتج، وليس مستهلك ويتعلم الفرد كيف يعيش ويهتم بالوطن، تمنع لدينا صور الإسراف وتنتهى لدينا فكرة أن تتزوج العروسة بـ300 ملاية وما إلى ذلك.
من خلال دراساتك ما هو تقيمك للشعب المصرى؟
شعب غلبان وتم إهماله لفترة طويلة، فهو يمتلك مقومات الحضارة والنجاح لكن تم إهماله لفترة 50 سنة، وتم إهمال الفرد نفسه سواء على مستوى الصحة والثقافة رغم أنه مكون المجتمع وضعفه ضعف للدولة كلها، لذلك يجب أن نهتم بالفرد نفسه فى كل شئ حتى فى الخطاب الدينى.
بماذا تنصح أولياء ألأمور؟
عليهم الاهتمام بفكرة الإنسانيات قبل التشريعات، فأنا أرى أب يحجب أبنته التى تبلغ عامين وممكن ينقبها، ولذلك تجد الأبناء يشتمون ويهربون من المدارس لأنهم تعلموا تشريعات ولم يتعلموا إنسانيات، ولذلك علينا الاطلاع فى علوم الإنسانيات، فأغلب المشكلات الزوجية سببها الإنسانيات، وتجد أسرة فيها الرجل شيخ وزوجته معلمة قرآن ولكن بينهما مصانع الحداد، لذلك نأمل أن يكون تعليم الأخلاقيات فى المدارس ودور العبادات ووسائل الإعلام.
ما هو تقيمك للتيار الإسلامى والفتاوى التى تصدر عنهم؟
الفتاوى المتشددة التى تصدر عنهم تدل على المنشأ والأخلاقيات التى تربوا عليها، والشيخ سكون صاحب علم لسببين، الأول قراءته الجيدة للنصوص، ثانيا قراءته الجيدة للواقع، وكثير من أصحاب الفتاوى المتشددة حافظين مش فاهمين، الفقهاء قديما كانوا يستفسرون على أمور محددة قبل إصدار الفتوى، ومن الأفضل أن نتحدث فى الأخلاقيات العامة، وأن يكون الخطاب الدينى إنسانى، كما أدعو إلى الرجوع للأزهر الشريف فى الفتوى فهو مؤسسة عريقة وسطية منضبطة، وعدم الذهاب للشيوخ الأخرى.
عدد الردود 0
بواسطة:
فايز
مقال رائع
انا مندهش انة لم يعلق احد على هذا الموضوع الهام والحيوى جدا ويبدو ان هذا الموضوع اصاب الناس بالصدمة لانة واجههم بحقيقتهم مجردة من اى خداع او غش فاصيب الجميع بالخرس . احيى هذا الباحث جدا لانة نكأ الجرح الرئيسى فيما بلغت فية الامور بمصر فنحن من اوائل الشعوب المتدينة جدا ولكن نحتل مرتبة متقدمة فى درجات الفساد وهو ما يبرهن صحة ما وصل لة الباحث من ضرورة البحث عن الاخلاقيات قبل ان نفتى دينيا فى كل التفاهات التى لا تسمن او تشبع من جوع نعم اذا كانت اخلاقياتنا مرتفعة سوف نتقدم واليابان خير مثال على ذلك لكونها دولة غير متدينة ولكنها ذات اخلاقيات فكانت النتيجة هو هذا التقدم المذهل أن ما يراة الانسان فى الخارج من نظام وانضباط ورقى ف التعامل الانسانى هو ما يؤكد اننا نهرب من واقعنا المزرى بالفتاوى والدجل والسحر . شكرا لهذا التحقيق الذى اصاب كبد الحقيقة ويا ريت اقرا تعليقات على هذا الموضوع الخطير.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
الحقيقه
هذا بحث جيد وياريت وزارة التعليم والتسريب للامتحانات تعمل به وكان من المفروض عندها باحثين ومطورون للمناهج لكن كلها فساد ومحسوبية ورشاوى ووزارة التعليم بقيادتها الحاليه والمستقبلية هم سسب الجهل والتخلف للشعب المصرى وقتل ضميره وانسانيته فلتذهب وزارة التربيه والتعليم المتخلفه الى الجحيم وانشاء وزاره او هيئه جديدة بديله لهؤلاء الارهابين الذين يدربون اطفال وشباب مصر ليخرجوا من التعليم جهلاء لا يعرفون الكتابه او القراءه بل يعلمهم الارهاب والقتل وياريت التطوير يصل الى الازهر لان منهم من قتل السادات والنائب العام هشام بركات والله الموفق