ذات يوم.. وفاة سيد درويش «إمام الملحنين» بتأثير المخدرات

الخميس، 15 سبتمبر 2016 10:00 ص
ذات يوم.. وفاة سيد درويش «إمام الملحنين» بتأثير المخدرات  درويش
كتب : سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 كان سيد درويش فى زيارة إلى الإسكندرية، وخطر له أن يزور إحدى صاحباته فى منزلها، وعندها شرب حتى الثمالة، وحسب كتاب «سيد درويش» لـ«محمد محمود دوارة» «الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة»: «كان قد زار طبيبه قبل ذلك وحقنه بحقنة قوية التأثير على القلب يحتاج متعاطيها إلى الراحة فشعر ببعض التعب وخرج مستئذنا، حيث عاد إلى منزل شقيقته فى نهاية «محرم بك» وعند الفجر صعدت روحه إلى بارئها».
 
كانت الوفاة فى مثل هذا اليوم «15 سبتمبر 1923»، واختتمت حياة فنان عبقرى عمره 31 عاما «مواليد 17 مارس 1892»، و«كان إحساسه بقصر رحلته فى الحياة يتلخص فى عبارة تقليدية، ينطلق بها لسانه دائما أثناء حديثه وهى: «يا مين يعيش» وهى تشرح فلسفة «أن أيامه فى الحياة معدودة، ومن أجل هذا الإحساس الدفين كان طابعه الإسراف والتدفق والانطلاق والحركة الدائبة «حسب وصف عبدالنور خليل» فى كتابه «المعمون فى الطرب» «دار الهلال - القاهرة»، مضيفا: «كان كالقدر الذى يغلى ماؤه على النار، يفور ويتدفق، ولا ينفع حيال تدفقه وغليانه شىء، كان شديد الاندفاع، سريع الاستجابة لخواطر عبقريته فى العمل، جياشا دافئا متحركا إلى حد الثورة فى أحاسيسه وعواطفه ومطالبه الذاتية، وكان يريد أن يأخذ من حياته كل شىء، وأن يعمل فى حياته كل شىء قبل أن تمضى عنه هذه الحياة».
 
مضت حياة سيد درويش مقسومة بين «عبقريته فى العمل» و«مطالبه الذاتية»، وعلى صعيد عبقرية العمل يصفه عباس محمود العقاد فى مقال له بصحيفة البلاغ «29 سبتمبر 1925» بـ«إمام الملحنين ونابغة الموسيقى المفرد فى هذا الزمان»، وجاء انفجار «عبقرية العمل» استجابة طبيعية لمقاومة شعب ضد الاحتلال الإنجليزى، وحسب عبد النور خليل: «كان يخفى تحت عمامته ثورة غاضبة قلبت كل الموازين فى الأسلوب التقليدى للغناء فى عصره، لكنه أيضا كان طرازا فريدا من الثوار اختزن كل معاناة شعبه، وأراد أن يشق طريقا يشاركه به هذه المعاناة والمقولة التى رددها البعض بأن ثورة 1919 فى مصر كان لها زعيمان «سعد زغلول» و«سيد درويش» صحيحة إلى حد كبير، ويروى الشيخ يونس القاضى «مؤلف أغانى»، أن سيد درويش طلب مقابلته ذات يوم فذهب إليه فى البنسيون الذى كان يسكنه فى درب المهابيل، وأخبره أنه يريد أن يتفاهم معه على توجيه الأغانى إلى غير الموضوعات الغرامية والعاطفية وما إليه من وجد وهيام وشكوى هجر المحبوب، ونجح سيد درويش حتى قبل أن تنشب الثورة فى مارس 1919 أن يجمع حوله مجموعة من الشعراء والزجالين والكتاب والأدباء الوطنيين الثائرين كانت مبعثرة قبل أن يستقر فى القاهرة عام 1917. أما عن القسمة الثانية لحياته وهى «مطالبه الذاتية» فتجسدت فى إدمانه للمخدرات، بالإضافة إلى ما يذكره خليل: «كان معروفا عنه شغفه بالغوانى وبنات الليل ومطربات الصالات، وكان يختار حبيباته وعشيقاته ضخام الجثة عريضات الصدور راسخات الأعناق، كذلك النوع الذى كان يفضله السلطان عبدالحميد فى إستانبول، ويسميه على سبيل المداعبة «بقرات أرمينيا»، ومن هذا النوع عشق «جليلة أم الركب».
 
كانت جليلة من غوانى الإسكندرية، وبث فى هواها أروع الألحان مثل: «أنا هويت وانتهيت وليه بقى لوم العزول»، و«ضيعت مستقبل حياتى فى هواك» و«زرونى كل سنة مرة»، وفى القاهرة انصرف إلى أكثر من مطربة ممن عملن معه بطلات لأوبريتاته الغنائية مثل «حياة صبرى»، وأجرى الكاتب الصحفى يوسف الشريف لقاء نادرا معها، بعد أن هجرت الأضواء ولم يعد أحد يعرف مكانها سوى أربعة أشخاص هم، كامل الشناوى، الفنان عبدالعظيم عبد الحق، الفنان عبدالعزيز خليل، والفنانة نجمة إبراهيم، ويذكر «الشريف» فى كتابه «مما جرى فى بر مصر» «دار الشروق - القاهرة»، أن عبدالعظيم عبد الحق هو الذى دله على مكانها واسمها الذى تعيش به «أم جميل»، واسمها الحقيقى «عائشة عبد العال» من مواليد الإسكندرية وتزوجت سيد درويش بعقد عرفى فى أواخر أيامه، وتصفه لـ«الشريف»: كان عقله سارح ديما، وكريم جدا، يأخذ عربون الأوبريت 100 جنيه، ويسهر أصحابه معاه ويصرف عليهم كل المبلغ فى ليلة واحدة، كان وجيه زى القمر وشهم ويكره الوحدة زى العمى». 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة