تختلف طرق تربية الأطفال وتتنوع، فنرى البعض يفرطون فى محاولة الحماية ويخافون على الابن من نسمة الهواء، ويخافون عليه من أى شىء، فينشأ الابن ضعيف الثقة بنفسه، وفى المقابل نرى أبا ثانى يهمل الطفل ويتركه دون مكافآت أو تشجيع أو كلمات رضا واستحسان وقبول، لذلك يفقد الطفل الحاجز والدافع للعمل والدراسة ويصبح كسولا خاملا، أما حين يستخدم المربون أساليب القسوة والعنف البدنى والنفسى فينشأ الطفل خائفا مترددا ويُزرع فى قلبه الخوف والرعب الذى يولد الحقد والكراهية، وحين يكثر المربون من محاولة إصلاح الابن عن طريق الإقناع والحوار المنطقى يمل الابن وتفقد النصائح والمواعظ معناها ويصبح الابن متنمرا هازئا لامباليا بكل ما يلقى على مسامعه من حكم ومواعظ، هكذا يعرض الدكتور مسلم تسابحجى فى كتابه "أبناؤنا جواهر لكننا حدادون" والصادر عن دار الفكر هذه الأفكار التربوية الشائكة.
والكتاب يدخل فى دائرة أصول التربية ويقدم آراء حديثة لبناء شخصية الطفل السوية، ويبدأ بمقدمة تحدث المؤلف فيها عن أخطاء التربية مع مقارنة بين ماضيه وحاضره وملابسات ذلك، وكيف خرج من تلك الأخطاء إلى القناعة بالتربية الفعالة القائمة على ثلاث نقاط، بناء الثقة واصطياد الإيجابيات وإعادة توجيه السلبيات، ثم ذكر قصة الكتاب وأسباب تأليفه وتحدث عن أثر حياته الشخصية فى اكتمال الكتاب وردود الأفعال التى صاحبته.
أما فيما يتعلق ببناء الثقة فتحدث "مسلم" عن طريقة بنائها التى تكون بإزالة الخوف، وبالكف عن محاولة التحكم، وباللعب والمرح، وبمصادقة الأولاد، وبالحب من غير شروط، وبالتفهم، وبالاحترام، وبلمسات الحنان، وبالقدوة الصالحة.
وفى نقطة اصطياد الإيجابيات، بحث فى كيفية اصطياد تلك الإيجابيات، ورأى ذلك فى التركيز على الشىء المراد اصطياده، وفى الإحسان إلى الآخرين، وفى الكف عن محاولة ضبط أطفالنا متلبسين بفعل الأخطاء، وفى التخلى عن القوقعات القديمة، وفى التعزيز وترك الانتقاد وفى التركيز على النفس والذات لا على الآخرين وفى تقوية العلاقة بالآخرين ومحبتهم.
ويقول مسلم الكتاب مجموعة إضاءات مهمة وجدتها مفيدة حين طبقت عمليا، وتركز على تبنى منظومة من المفاهيم التربوية القائمة على التربية بالحب والثقة والقدوة والتعاطف وعدم الإكراه بدلا من المنظومة التقليدية المنتشرة فى بيوتنا ومدارسنا والقائمة على العنف واللوم والعقاب والشدة والقسوة والإكراه.
وفى النقطة الأخيرة وهى كيفية إعادة توجيه السلبيات وضع "مسلم" الخطوات اللازمة لتجاوز هذه السلبيات من أجل الخروج إلى نتائج تربوية سليمة تبنى الفرد، وذكر الوجه الإيجابى للسلبيات قائلا: ليس من امرؤ يخلو من نقائص نهبها لفضائله، فضلا عن أن السلبيات هى التى تعلم الإنسان وتبنيه إذا استفاد منها، ومن يعمل يخطئ، ثم ختم الكتاب بذكر نصائح ودروس مفيدة.
والكتاب بهذه الطريقة يعتمد المناهج الحديثة فى تربية الأطفال ويحاول الخروج بهم من منطقة النمطية ويسعى لتطوير طرق تعاملنا مع أبنائنا خاصة بعد التطور التكنولوجى الكبير الذى أصاب العالم كله وجعله مطالب بتعديل وتطوير تقنياته فى التعامل مع الحياة بوجه عام ومن ذلك أسرته خاصة أبناءه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة