أجمع عدد من القانونيين على إن تعدد جهات التشريع فى مصر يعد أزمة كبيرة فى صناعة التشريع، سمحت بوجود قوانين متناقضة ومتضاربة وربما مكررة فى بعض الأحيان، بسبب أن هذه الجهات تعمل فى جزر منعزلة عن بعضها، وبالتالى تكون النتيجة كم هائل من التشريعات التى تحتاج إلى مراجعة وتنقيح.
واختلف خبراء القانون حول دور لجنة الإصلاح التشريعى ما بين من يراها لجنة تضم فى تشكيلها كل الجهات القائمة على إعداد القوانين من أجل التنسيق فيما بينها، ومن يراها مسمى من المسميات لا جدوى من وجودها، خاصة وإن نشاطها مجمد ولم تجتمع منذ أكثر من عام.
الدكتور صلاح فوزى أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة المنصورة وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، أكد على أن هناك جهات متعددة للتشريع فى مصر، منها قسم التشريع بوزارة العدل، وقسم التشريع بمجلس الدولة، واللجنة التشريعية بمجلس الوزراء، واللجنة العليا للإصلاح التشريعى، وتعدد جهات التشريع من الممكن أن يؤدى إلى نوع من البطء والتداخل، وكذا أدى إلى أن يكون لدينا كم هائل من التشريعات بشكل مفرط.
وقال فوزى فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، "لدينا مشكلة فى القائمين على عملية التشريع فى مصر، فلابد أن يكون القائمين على التشريع متخصصين، ولا يترك الأمر على علته، لأن وقتها من سيدفع الثمن هو من يطبق عليه التشريع، وفى بعض الأحيان نجد ما يسمى بـ"ثقب جدار التشريع" بما يجعل هناك استثناءات تحدث فى تطبيق القانون، أو تعطيل للقوانين، بالتالى لابد أن يترك الأمر فى صناعة التشريع لمحترفين ومدققين فى إحكام الصياغة، وهذا الأمر يتطلب عدم السرعة والاستعجال فى التشريع".
وعن اللجنة العليا للإصلاح التشريعى وعدم وجود دور لها فى "الاصلاح التشريعى" خاصة وأن عملها متوقف، قال عضو اللجنة، أن "توقف عمل لجنة يسأل عنه رئيس الوزراء لأنه صاحب الحق فى الدعوة لانعقادها، لكن على أى حال فإن اللجنة العليا للإصلاح التشريعى ما هى إلا لجنة خبراء ليست حلقة من حلقات الصناعة الدستورية الخاصة بالقانون، وليس لها رأى ملزم إنما هى بيت خبرة".
ومن جانبه، قال الدكتور شوقى السيد أستاذ القانون الدستورى، "من الناحية النظرية فإن كل جهة أقدر على إعداد القوانين التى تخصها، لذلك نجد فى كل وزارة من الوزارات إدارة تشريع، وفلسفة هذا الأمر هو أن كل جهة هى الأقدر على إعداد المشروعات التى تخصها ثم ترسلها للجهات المعنية".
وأضاف السيد فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، "لكن على أرض الواقع هذه الجهات تعمل فى جزر منعزلة ولا علاقة لها بالآخرى، وفى نفس الوقت إمكانياتها محدود فى التشريع، فالتشريع إدارة وعلم وفن، لكن الجهات القائمة على التشريع فى مصر خبراتها محدودة".
وأكد السيد على أن عملية التشريع أصبحت مضطربة وكثرة الجهات التى تعد القوانين تمثل عبء على عملية التشريع، موضحًا أنه ليس ضد أن يكون لكل وزارة إدارة تشريع خاصة بها، ترى حاجاتها فى أى تعديلات بشرط أن يكون المجتمع فى حاجة لهذا التشريع وليس "مجرد تشريع وخلاص"، لأن كثرة التشريعات تؤدى لإرباك فى التطبيق وتنازع أيضًا، ثم تقوم كل وزارة بإرسال التشريع إلى الوزير، ومنه إلى رئاسة الوزراء لمناقشته، ويمكن أن يمر بإدارة التشريع بوزارة العدل من أجل إحكام الصياغة، ثم تصب التشريعات فى جهة واحدة فقط لمراجعتها من حيث المشروعية الدستورية وهى مجلس الدولة التى خصها الدستور بهذه المهمة.
وعن اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، أشار السيد إلى أنها مجرد مسمى وعديمة الجدوى من وجهة نظره، لافتًا إلى أن وجودها ينشأ نزاعات ويعطل عملية التشريع.
ومن ناحيته، أكد المحامى بالنقض صابر عمار وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى على أن هناك تعدد فى الجهات التى تعد التشريعات فى مصر، قائلًا "للأسف لا يمكن أن نحد من هذه الجهات أو نقلصها، إنما نستطيع أن يكون هناك تنسيق مستمر بينها"، مشيرًا إلى أن الهدف من إنشاء اللجنة العليا للإصلاح التشريعى هو أن تجمع فى عضويتها كل الجهات القائمة على إعداد التشريع، من مجلس الوزراء وقسم التشريع بمجلس الدولة وقسم التشريع بالعدل، ليكون هناك وعاء واحد يحتوى كل هذه الجهات، لإلغاء التخوف من أن كل جهة تعمل بشكل منعزل دون تنسيق، على سبيل المثال قانون مثل الارهاب سنجد مجلس الوزراء يعمل على إعداده وكذا إدارة التشريع بوزارة العدل، هذا علاوة على فكرة وجود المستشارين القانونيين للوزارات".
وأضاف عمار فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، "فكرة اللجنة العليا للإصلاح التشريعى هى أن تجمع كل هذه الجهات لتقدم التشريع لمن بيده سلطة التشريع"، موضحًا أن الخطر الأكبر يكمن فى تشتيت الجهود، بمعنى أن تعمل كل جهة دون تنسيق مع الجهة الآخرى، لذلك وجود اللجنة العليا للإصلاح التشريعى مهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة