د. يسرا محمد سلامة تكتب: عن المعلم الحق أتحدث

الأحد، 18 سبتمبر 2016 12:00 م
د. يسرا محمد سلامة تكتب: عن المعلم الحق أتحدث فصل دراسى ـ أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أزمة التعليم فى مصر جميعنا نعلمها جيدًا، بكل ما تحمله من تفاصيل صغيرة، فكل بيت مصرى يحمل جزءً منها فى داخله؛ لأن كل بيت تقريبًا لا يخلو من طالب فى مرحلة التعليم الأساسى.

 

الأزمة الأكبر التى يواجهها تعليمنا تكدس الفصول كل عام بما لا يقل عن 50 أو 60 طالبا، فى المدارس الحكومية، وفى بعض المدارس الخاصة توجد نفس المشكلة من التكدس إلا أنها أقل فقد يصل العدد مثلا إلى 30 أو 40 طالبا، ومن هنا تحدث المشكلة الأكبر حين لا يجد المدرس الوقت الكافى لإعطاء ما فى جُعبته من شرح مستفيض لتلاميذه، وبالتالى يخرج الطلبة من حصصهم غير مستوعبين لما تم تدريسه فى الحصة، وتكون النتيجة لجوء الطالب إلى الدروس الخصوصية حتى يفهم المادة.

 

هنا يتحمل العبء الأكبر من الأزمة المدرس، خاصةً لوجود بعض المدرسين – لا أقول الكل – ممن يتعمد عدم بذل الكثير من الجهد فى الحصة المدرسية؛ من أجل توفير طاقته للدروس الخصوصة، أو لغرض اضطرار الطالب إلى اللجوء إلى الدرس الخصوصى حتى يتمكن من هضم المادة جيدًا، كما أنه لا يُرهق نفسه كثيرًا فى التواصل مع تلاميذه، ولسان حاله يقول "سأتواصل مع من ومن ومن" فالعدد ماشاء الله لا يمكن إحصاؤه.

 

لكنى اليوم سأقدم نموذجًا للمدرس الذى نتمناه جميعنا، ونطمح فى أنْ يكون موجودًا فى كل مدارسنا دون استثناء، فلو وجد مثله حقًا لانضبطت العديد من المساوئ، ولظهر تعليمنا بشكلٍ أفضل مما هو عليه الآن، لأنى مُقتنعة بفكرة، أنَّ العملية التعليمية قائمة فى الأساس لا على اللوائح والقوانين فقط، بل على المدرس قبل كل شىء.

 

نموذج اليوم، أعرفه حق المعرفة، فهو شخصية قلما يجود الزمان بمثلها، يُعطى عطاءً بلا حدود، لا ينتظر المقابل المادى، ولا ينظر إليه، يَهمه أولاً وقبل كل شىء الطالب ولا شىء آخر سواه، يحاول بناء شخصيته، قبل توصيل المعلومة إليه، لا يبخل بوقته أبدًا عن طالبٍ أراده فى أمرِ ما، لا يقفل بابه فى وجه أحد، فالكل لديه سواسية، يستمع إليهم بحنان الأب، يُزيل أى مخاوف قد تكون بداخلهم عن مستقبلهم فى مرحلة ما بعد التعليم الأساسى، فهم سيواجهون حياة جديدة عليهم فى الجامعة، ولا يعرفون شيئًا عن ما هم مُقبلين عليه.

 

عندما يكون التدريس مقرونًا بالشغف، سيُصبح المعلم أبًا وصديقًا وأخًا لا محالة، سيبذل كل ما لديه وأكثر دون أن ينتظر عائدًا يعود عليه فى المقابل، وستعم الفائدة على الطلاب جميعهم؛ لأنَّ الشغف حالة تُلقى دائمًا بظلالها على الغير، تُعطى نفحات إيجابية لا مثيل لها، ونموذجنا الذى أتحدث عنه، يعلم ذلك تمامًا، أتمنى أنْ أرى مُعلمينا فى مثل شغفه، الحياة ستصبح مختلفة جد الاختلاف، القدوة مطلوبة فى كل مجال، وهو خير قدوة ومثل يُحتذى به، فالعطاء دون مقابل نعمة كبيرة لا يمنحها المولى عزَّ وجل، إلا لمن يرضى عنهم فقط؛ لأنهم يظلون دائمًا سببًا بعطائهم لسعادة غيرهم.

 

أنْ يتذكرك تلميذك بعد إتمامه لمرحلة التعليم الجامعى، وبعد إنهائه لجميع دراساته، هدية عظيمة معنوية لا يفهم معناها سوى من يتعامل بكل قطرة فى دمه، فالعطاء الذى لا ينضب يُعد نادرًا فى زمننا هذا، ويجب أنْ تُكافأ على نُدرته حتى ولو طال الوقت، فما عند الله باقٍ، عندما تُعطى دون جزاءً أو شكورًا.

 

تحية لكل مُعلم زرع فى داخل طلابه حبه، وتمنوا أن يتواصلوا معه، ويتذكروه بكل خير فى حِلهم وترحالهم، وجزاه الله عنهم خير جزاء فى الدنيا والآخرة، إنه على ذلك قدير، أنْ تُعلم لهو أمر هين ويسير، لكن أنْ تُربى وتَحتوى، وتَهدى إلى الطريق الصواب شباب فى مرحلة المراهقة ويحتاجون إلى كل ذرة توجيه، لهى الرسالة التى من أجلها قال شاعرنا الكبير أحمد بك شوقى "كاد المعلم أنْ يكون رسولا".










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة