أكد الدكتور كريم سالم، مدرس مساعد أمراض الكلى بمعهد تيودور بلهارس، عضو مجلس نقابة أطباء الجيزة، أن أزمة نقص المحاليل الطبية دخلت شهرها الثانى، ومازالت مستمرة، دون أى بوادر لحلها أو لمعرفة أسبابها الحقيقية، مشيرا إلى أن المستشفيات والصيدليات تعانى نقص حاد محاليل الملح والجلوكوز، رغم أهمية توفيرها لعلاج نقص السكر الحاد أو اختلال الأملاح بالدم، أو الجفاف، كما انها تستخدم لتوصيل الدواء لأجسام المرضى، وتعد علاج أساسى لمرضى الكلى، وبدونها لا يمكن تقديم جلسة الغسيل الكلوى الدموى للمريض.
وأضاف سالم، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن متوسط ما يحتاجه مريض الغسيل الكلوى فى الجلسة الواحدة عبوتان من محلول الملح، حيث يستخدم المحلول فى بداية الجلسة لتحضير الماكينة للجلسة، ثم فى نهايتها لإرجاع دم المريض بواسطة الماكينة، وقد يحتاج المريض إلى محلول الجلوكوز أثناء الجلسة، للمرضى المصابين بنقص الجلوكوز فى الدم لإنقاذ حياتهم"، لافتا إلى أن نقصالمحاليل يجعل الطبيب غير قادر على تقديم العلاج الكامل للمريض، مما يكون له أثر سلبى فى علاج المرضى، قد يتعدى ذلك إلى تعريض حياة المرضى للخطر.
وأوضح أن سعر محلول الملح ارتفع من 3 جنيهات إلى 4 جنيهات ونصف، ثم إلى 10 جنيهات ثم إلى 12 جنيها، أى نحو أكثر من 400%، ويتم بيعه فى بعض الصيدليات بـ 15 جنيها، ويتراوح سعر الكرتونة من 220 إلى 250 جنيه، بدلاً من 80 جنيهاً بسبب نقصه، وذلك فى الوقت الذى تتابع فيه إدارة النواقص التابعة لإدارة الصيدلة بوزارة الصحة لتلك الأزمة، والإنتاج الأسبوعى للشركات لمعرفة الرصيد المتوفر عن طريق وجود مفتش صيدلة فى كل شركة، لافتا إلى أن إجمالى إنتاج الشركات الـ3 الكبرى يصل إلى 7 ملايين عبوة شهريا، وهى نسبة توازى استهلاك السوق، مما يعنى عدم وجود مشاكل إنتاجية، خاصة فى ظل قرار وزارة الصحة بوقف تصدير الشركات المنتجة للمحاليل للخارج خلال فترة الأزمة، لحين توفير المحاليل بكميات كبيرة فى السوق المحلية.
وأرجع الدكتور كريم سالم، مدرس مساعد أمراض الكلى بمعهد تيودور بلهارس تلك الأزمة، إلى تخزين بعض الشركات للمحاليل لتعطيش السوق، ورفع أسعارها، من خلال حلقات وسيطة كشركات توزيع أو مخازن أو غيرها لافتعال الأزمة وبيعها الإنتاج فى السوق السوداء بأسعار مرتفعة لجنى مزيد من الأرباح، لافتا إلى أن هناك كميات كبيرة من المحاليل تحت التحليل، ولا يمكن استخراجها إلا بعد موافقة مفتشى الصحة والإفراج عنها، وربما يكن ذلك أحد أسباب نقصها، بجانب اشتراط بعض شركات المحاليل شراء منتج أخر من إنتاجها عند الطلب منها مع كل توريد، وعدم توريد شركات الأدوية للكميات التى تم التعاقد عليها بحجة ارتفاع أسعار المواد الخام، وتوقف خطوط الإنتاج بسبب أزمة الدولار.
واقترح لحل الأزمة مضاعفة الإنتاج، والعمل على إعادة فتح مصنع المتحدون فارما للمحاليل الطبية تحت إشراف تام لوزارة الصحة، وإدارة الصيدلة للقضاء على السوق السوداء، وإجراء حملات تفتيشية من مباحث التموين وجهاز حماية المستهلك على المحال التى تتاجر فى تلك المحاليل خارج التسعيرة الرسمية، وإرشاد مديرى وأصحاب وحدات غسيل الكلى إلى ضرورة عدم شراء المحاليل من السوق السوداء، وتكويد المركز الخاص بهم فى الشركات الحكومية للحصول على متطلباتهم الفعلية بالسعر الرسمى، مطالبا بتوجيه طلبات احاطة من اعضاء لجنة الصحة بمجلس النواب لوزير الصحة، وتوفير البنك المركزى حصة دولارية أسبوعية لاستيراد المواد الفعالة من طرف الشركات المنتجة.
ولفت إلى إمكانية مناقشة زيادة ثمن جلسة الغسيل الكلوى المدفوعة من التأمين الصحى، وقرار علاج نفقة الدولة "القوميسيون الطبى"، حيث أن السعر الحالى هو 140 جنيها، وهو نفس السعر منذ سنوات ماضية علما أن بعض مستهلكات الغسيل الكلوى قد زادت أكثر من ثلاثة أضعاف، وأصبحت أسعار المستهلكات يومية وقابلة للزيادة حال توافرها، موضحا أن سعر فلتر الغسيل الكلوى فى 2014 تراوحت قيمته من 45 إلى 55 جنيها، وقفز إلى من 60 إلى 85 جنيها فى العام الجارى، وأمبول الهيبارين الذى يحتاج المريض إلى 2 أمبول أثناء الجلسة، وصل سعره من 5 إلى 7 جنيهات خلال عامين، وجركن محلول الديليزة من 45 جنيها فى 2014، إلى 60 جنيها فى 2016، حيث المحاليل الطبية يحتاج المريض أيضا إلى عبوتين بسعر 12 جنيها للواحدة لوجود أزمة، وكبسولة "البيكارب" لكل جلسة من 16 جنيها فى 2014، إلى 25 جنيها فى 2016، وتراوحت أسعار ماكينات الغسيل الكلوى من 90 ألف جنيه فى 2014، إلى 115 ألف جنيه فى 2016، على حسب نوعها.
وتابع: "وذلك بخلاف تكلفة الماء والكهرباء، وصيانة الماكينات، ورواتب العاملين من أطباء وتمريض وموظفين وعمال وبحساب تكلفة الجلسة الفعلية بالأسعار الحالية الآن، حتى يتضح لنا أن السعر العادل للجلسة أصبح يستلزم الزيادة فى حدود ضعف القيمة الحالية، وأن استمرار السعر الحالى 140 جنيها للجلسة الواحدة قد يدفع أصحاب المراكز الخاصة إلى إغلاقها أو دفع مبلغ كبير من طرف المريض للمركز، أو استخدام فلاتر صغيرة الحجم مثل الـ 1 متر للتوفير فى الارتفاع الكبير فى المستهلكات، أو العودة لاستخدام محلول الغسيل "الأسيتات" بدلا من "البيكارب" لتوفير النفقات، وهى جميعها حلول ستضر بالمريض.
ولفت إلى أن جلسات غسيل الكلى المزمن ليست وحدها التى تضررت من ارتفاع الأسعار، حيث تأثرت جلسات فصل البلازما، التى قد يحتاجها المرضى المصابين بأمراض مناعية حادة فى الكلى أو مرضى الرفض الحاد لزراعة الكلى، حيث أصبح سعر فلتر فصل البلازما من 1500 جنيه بدلا من 1000 جنيه خلال الخمسة أشهر الماضية، مبررين ذلك بأن الفلاتر مستوردة، وارتفع سعر الدولار من 7 جنيهات إلى 13 جنيها، مضيفا: "مع عدم قدرة المستشفيات الحكومية والجامعية والتعليمية على استيعاب العدد الهائل من مرضى الغسيل الكلوى فى مصر، أًصبح من الضرورة حل المشاكل الخاصة بمراكز غسيل الكلى، واتخاذ اللازم لإنقاذ حياة المرضى".
ومن جانبها، قالت الدكتورة فاتينة فاضل، رئيس قسم كلى الأطفال بمستشفى أبو الريش بجامعة القاهرة، أن الأطفال المصابون بالفشل الكلوى؛ الذين يحتاجون إلى الغسيل الدموى للإعاشة؛ يواجهون نقص شديد فى مستلزمات الغسيل وخاصة الفلاتر الصغيرة الحجم أقل من واحد متر٢ بكافة أنواعها، وذلك لأن الشركة الوحيدة المستوردة تجد صعوبة شديدة فى الاستيراد من الشركة الأم بألمانيا، لعدم توفر العملة الصعبة وحيث أن هذه الأصناف لا تصنع محليا فإن حياة هؤلاء الأطفال مهددة لتوقفهم عن الغسيل، وقد يؤدى ذلك إلى وفاتهم أو تعرضهم لمخاطر شديدة أثناء عملية الغسيل، إذا تم استخدام فلاتر الكبار والتى قد تنهى حياتهم أيضا بالوفاة.
ومن ناحية أخرى، قال الدكتور حسن إبراهيم، عضو مجلس نقابة الصيادلة، أن هناك انفراجة نسبية فى أزمة المحاليل الطبية، مشيرا إلى أن استمرار الأزمة نتيجة لشعور كافة الجهات التى تحتاج لها بوجود أزمة، مما يدفعها لسحب كميات أكثر من حاجتها خوفا من اختفاء المحاليل، مضيفا:" الاستهلاك الفعلى أكثر من الاحتياج، فإذا كان الاحتياج 8 ملايين عبوة، نجد أن السوق استوعب 20 مليون"، لافتا إلى أن الوزارة تبذل جهدًا كبيرا للتأكد من عمليات الإنتاج والتوزيع، ومتابعة الشركات بشكل يومى.
وأضاف إبراهيم لـ"اليوم السابع"، على الوزارة أن تعمل لإعادة فتح أحد الشركات التى تم إغلاقها فى الوقت التى كانت تغطى فيه على 60% من السوق، بعد إغلاقه بقرار غير سليم من قبل وزير الصحة السابق الدكتور عادل العدوى، بعد التأكد من استيفائه المعايير اللازمة لإعادة الفتح، مشيرا إلى أن السوق السوداء نتيجة طبيعية لنقص أى سلعة فى مصر، موضحا أنه يمكن التغلب عليها من خلال إجبار شركات الإنتاج بتوريد إنتاجها لشركات التوزيع، لسهولة السيطرة عليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة