أكد الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى، أن هناك العديد من التحديات التى تواجه توفير الاحتياجات المائية للبلاد ومن بينها تأثير ظاهرة التغيرات المناخية على الدلتا، والزيادة السكانية المتزايدة، مشيراً إلى أن الدولة لديها العديد من البرامج والمشروعات والسيناريوهات للتعامل مع أثار التغيرات المناخية وخاصة الاقتصادية منها والاجتماعية، للحد من الأثار المتوقعة، بالإضافة إلى الانتهاء من وضع استراتيجية للتأقلم مع هذه الأثار لتحديد المخاطر والإجراءات اللازمة.
أضاف عبد العاطى، فى كلمته خلال ورشة العمل الإقليمية حول تعزيز مفهوم الهشاشة الاجتماعية فى المنطقة العربية، وينظمها المجلس العربى للمياه بالتعاون مع الجامعة العربية وعدد من المنظمات الدولية، وتستمر 3 أيام بالقاهرة، أن الدولة تقوم بتنفيذ العديد من المشروعات والبرامج لمواجهة الأثار السلبية للتغيرات المناخية على المناطق المختلفة، وخاصة منطقة الدلتا، منها خطة كاملة لمراجعة جميع منشآت توزيع المياه على طول مجرى النيل والتى تصل إلى نحو 120 منشأ مائيا تتضمن مراجعته من الناحية الإنشائية ومدى كفاءته، خاصة وأنها بنيت فى نهايات القرن الـ19 وبدايات القرن الـ20 .
وأوضح عبد العاطى، أن المشروعات تهدف منع وتقليل أثار التغيرات المناخية، وتم وضعها ضمن الاستراتيجية القومية لإدارة الموارد المائية للبلاد، وخاصة سياسة التكيف مع التغيرات المناخية بالمناطق الساحلية المنخفضة وارتفاع منسوب البحر منها حوائط بحيرة وحواجز أمواج لوقف أعمال النحر، وتثبيت خط الشاطئ واستخدام تقنيات جديدة فى مشروعات حماية المناطق الساحلية المنخفضة المناسيب والمعرضة للغمر بالمياه وتثبيت الكثبان الرملية.
وأكد عبد العاطى أن تحلية مياه البحر والمياه الجوفية "المسوس" من أهم المحاور المستقبلية لتحقيق الأمن المائى، لافتاً إلى أنه بدون وضع استراتيجية عملية وتوفير التمويل وتأهيل الكوادر البشرية المناسبة فسوف تكون هناك تداعيات سلبية على الأمن المائى محذراً من التفكير فى نقل المياه من النيل إلى المناطق الساحلية لما يسببه من تكاليف وفواقد مائية عالية، وأن الحل الأمثل لهذه المناطق هو إنشاء وحدات تحلية عن طريق المستثمرين أو شركات عالمية متخصصة .
وأشار، إلى أن التنمية المستدامة للمياه والحفاظ عليها يحتاج إلى رفع القدرات وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة وإشراك جميع مستخدمى المياه فى التخطيط للإدارة السليمة والرشيدة للمياه، مطالباً تعميم التجارب الناجحة فى إدارة المياه فى الوطن العربى ورفع الوعى المائى وترشيد الاستهلاك وكذلك تنسيق الجهود بين دول إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغيرها.
مؤكدا أن تكلفة أعمال حماية البلاد من السيول خلال العام الحالى بلغت 230 مليون جنيه لتنفيذ أعمال الصيانة الدورية لمخرات السيول القائمة، وإنشاء أخرى جديدة، للاستفادة القصوى من مياه السيول المتدفقة، وكذلك الوقاية والحماية من أخطارها فى ظل توسع المناطق العمرانية والتعديات على المخرات.
ولفت أن مصر تعانى من ضعف فى مواردها المائية، مشيراً إلى أن المتاح هو الحصة التاريخية من مياه النيل والتى تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنوياً طبقاً لاتفاقية 1959 بين مصر والسودان، وبعض الموارد الأخرى المحدودة من المياه الجوفية والقليل النادر من الأمطار الموسمية.
وكشف أن مصر من أعلى الدول فى العالم فى مجال إعادة استخدام المياه لتقليل الفجوة بين الاستخدامات والمتاح بما فيها وضع ضوابط للاستخدام الأمن لمياه الصرف الزراعى المعالجة، أهمها أن تكون ذات نوعية جيدة وتستخدم فى زراعة المحاصيل المناسبة لهذه النوعية من المياه، علاوة على تنفيذ مشروعات للحد من مواجهة مصادر تلوث المياه والحد منها لتحديد بؤر التلوث على المجارى المائية والتنسيق مع الوزارات المعنية لمنع التلوث الناتج عن مياه الصرف الصحى والصناعى الذى يتم إلقاؤه فى شبكة المياه، ومنع التعديات عليها.
وحول العلاقات مع دول حوض النيل أوضح عبد العاطى أن هناك عدة اعتبارات تحكم علاقات مصر مع دول حوض النيل، لتحقيق أهدافها الاستراتيجية فيما يتعلق بمياه النيل، خاصة أن عصر الوفرة المائية ودخلنا مرحلة الندرة، بالإضافة إلى التحديات الطبيعية مثل ظاهرة التغيرات المناخية .
وأضاف، أن الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة لمصر وزيادة إيراد حوض النيل هو المخرج الوحيد لتحقيق الأمن المائى لشعوب دول الحوض، لمواجهة الزيادة السكانية ومتطلبات التنمية الحالية على التعاون الفنى الثنائى فى مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية ورفع مستوى المعيشة.
أضاف أن التعاون الثنائى مع دول حوض النيل من محاور السياسة الخارجية المصرية، وذلك بتوفير الخبرات الفنية المؤسسية لدول الحوض فى مختلف المجالات الزراعة والطاقة والتعليم والصحة والدفاع والصناعة والاستثمار، وغيرها من المجالات التى تخدم قضية المياه وبعدها القومى رغم محدودية الامكانيات المالية للدولة.
وأشار عبد العاطى إلى أن ظاهرة التغيرات المناخية يتم التعاون فى مواجهتها على مستوى دول حوض النيل من خلال المبادرة، مشيراً إلى أن هناك مشروع الخط الملاحى الذى يربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط، لفتح أسواق جديدة للتجارة والصناعة والزراعة بين دول البحيرات الاستوائية وخارج القارة الإفريقية وفى نفس الوقت دراسة تأثير الظاهرة على المجرى الملاحى، مؤكداً أن هناك تعاونا قويا على مستوى النيل الشرقى ونأمل أن يكون أفضل من الماضى.
وحول التعاون مع الدول العربية، أكد عبد العاطى استعداد الوزارة لتقديم كافة خبراتها لمواجهة التحديات المائية فى المنطقة العربية، حيث إن معظم مصادرها تأتى من خارج حدودها، وذلك من خلال أجهزتها ومراكزها البحثية، وأن الوزارة تتيح تجاربها الرائدة للدول العربية فى مجالات الإدارة المتكاملة وإنشاء السدود والخزانات والاستفادة من مصادر المياه غير التقليدية، بالإضافة إلى الإصلاح الإدارى والمؤسسى.
من جانبه أكد الدكتور محمود أبوزيد رئيس المجلس العربى للمياه، أن العالم العربى يواجه أخطر التغيرات على مجرى التاريخ مع تطور النزاعات الإقليمية، والتى تتمثل فى ارتفاع مستويات الفقر إلى 33% بالإضافة إلى نزوح نحو 20 مليون مواطن وتغير مقر إقامتهم وتأثرهم بمخاطر التغيرات المناخية، والتى تزيد بمناطق الهشاشة اﻻجتماعية، علاوة على مخاطر الغذاء والمياه.
وحذر أبو زيد فى كلمته خلال ورشة العمل الإقليمية حول تعزيز مفهوم الهشاشة الاجتماعية فى المنطقة العربية، من أزمات الجفاف وصعوبة تحقيق الأمن المائى فى مثل هذه الحالات، مشيرا إلى أن الورشة تسهم فى معرفه التحديات التى تواجه المنطقة العربية للتعامل مع التغيرات المناخية بتبادل الخبرات بين الخبراء المشاركين، فى إشارة منه لعرض حاﻻت من لبنان والأردن وسوريا وغيرها من الدول التى تعانى من الهشاشة اﻻجتماعية للتعرف على كيفية قياسها، لتحديد أثارها بشكل أكثر دفة ومعرفة دور المؤسسات القومية فى مواجهة المخاطر وخططها.
ومن جانبه أشار الدكتور حمو العمرانى ممثل الجامعة العربية، وخبير الوكالة الألمانية للتعاون الدولى، إلى عدم وجود رؤية موحدة من قبل الدول العربية للتعامل مع المناطق التى تعانى من ندرة المياه بالوطن العربى، وكذلك التنبؤ بالتغيرات المناخية المرتبطة بمنظومة إنتاج وتوزيع الثروات بين فئات المجتمع علاوة على ضعف اليات الحماية اﻻجتماعية للفئات الفقيرة.
ولفت العمرانى فى كلمته على أهمية الورشة فى دعم التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتحسين الأوضاع المعيشية للفئات اﻻجتماعية المهمشة بالمجتمعات العربية.
وطالب العمرانى بالبدء فى تنفيذ برامج التكيف مع التغيرات المناخية والتنبؤ ببؤر الهشاشة والفقر المتوقعة نتيجة أثار هذه التغيرات وارتباطها بالأمن الغذائى وندرة المياه والهشاشة الاجتماعية لبناء القدرات البشرية مع المنظمات الإقليمية والدولية، مع تطوير منظومة البحث العلمى لإيجاد آليات جديدة للحد من الهشاشة اﻻجتماعية بالمنطقة العربية مع الأخذ فى اﻻعتبار خصوصيات كل دولة على حدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة