سيطرت حالة من الحزن والندم على عدد من أسر محافظة الشرقية، خاصة مركز فاقوس بعد وصول جثامين غرقى المركبة المنكوبة التى أقلت أكثر من 600 طفل وشاب، لتصحبهم إلى طريق مجهول لم يتضح إلا بعد غرقهم، ونجاة عدد قليل منهم، وتحول حديث أهل القرى الذين فقدوا أبناءهم إلى لوم لأنفسهم.
وما زالت بعض الأسر تدعو الله أن تستطيع قوات الإنقاذ العثور على أبنائهم الذين ما زالوا فى إعداد المفقودين، وكان السبب الرئيسى للهجرة غير الشرعية هو تحسين أحوال الأسرة والذى يكون مقابله أن تفرط الأسرة فى أطفالها الذين تتراوح أعمارهم من 10 سنوات إلى 18 سنة.
التقى "اليوم السابع" ببعض أهالى المفقودين فى الهجرة غير الشرعية لنقل مأساتهم للرأى العام والمسئولين عسى أن يجدوا لهم حلا.
وقال محمود إبراهيم إبراهيم، جد الفقيد محمود أحمد عبد الحفيظ من عزبة ماهر الإصلاح التابعة لوحدة الروضة المحلية والبالغ من العمر 16 سنة، إنه قرر السفر بطريق غير شرعى ليساعد فى علاج والدته المريضة، والتى أقعدها المرض منذ 10 سنوات، وكان محمود يعمل بكل الحرف ليحصل على أجر علاجها رغم أنه طالب بالصف الثالث الثانوى العام.
وتابع الجد قائلا: فكر محمود فى الهجرة ليحسن دخله ويستطيع تلبية مطالب الحياة، خاصة وأن والده أصم ولا يعمل، وبعد مرض والدته التى لم تنجب سواه من الذكور أصبح الحمل ثقيلا عليه، وبمجرد أن علم بفكرة السفر هرع إليها راغبا فى إنقاذ والدته وتحسين وضع الأسرة، وكان لا يدرى أنه سيذهب دون رجعة.
وقال الجد متألما، ما زاد الأمر صعوبة أن محمود لم يعود حتى الآن، وأصبح فى تعداد المفقودين، وابنتى والدة محمود عانت من قسوة الحياة منذ زواجها، وخرجت تعمل لتلبية مطالب منزلها والصرف على زوجها المعاق، وبعد أن أنجبت محمود اعتبرته الأمل الوحيد لها فى الدنيا وضاعفت من عملها لدرجة أنها كانت تخرج لحصاد الأرز مع الرجال كى تلبى مصاريف تعليمه، حتى أصابها المرض وأقعدها، وانتقل الحمل على نجلها ليصرف على والده ووالدته وشقيقتاه.
وأكدت هانم محمود إبراهيم إبراهيم وهى تبكى، "ابنى الوحيد راح ضحية الفقر والحاجة وطلبت منه البقاء بجوارى لكنه أصر على السفر لتحسين وضع الأسرة، ولو أنى أعلم ما يخبئه لنا القدر ما كنت أخرجته من المنزل، لكن لله ما أعطى ولله ما أخذ،
وطالبت المسئولين بسرعة انتشال نجلها وتسليمه لها كى يهدأ قلبها وتطفأ النار التى توقد كل لحظة بداخلها.
وأشار عادل سالم من أهالى قرية الروضة، إلى أن حالة الأسرة المادية السيئة وظروف والدته الصحية هما الدافع وراء السماح لنجلهما بالسفر عن طريق الهجرة غير المشروعة.
وأضاف أن الأب أصبح لا يملك من حطام الدنيا شىء ويعمل "أرزقى" باليومية ولا يلبى دخله حاجات الأسرة الضرورية، خاصة وأن الفقيد له شقيقتان تصغراه إحداهما بالصف الثالث الإعدادى والأخرى بالصف الأول الابتدائى، وتعانى والدته من انعدام الرؤية وأمراض مزمنة بالعظام أقعدها بعد أن عانت كثيرا من الأعمال الصعبة بالأراضى الزراعية، حتى عجزت عن الحركة وأقعدها المرض، مما دفعهم للتفكير فى البحث عن أى طريقة لتحسين دخل الأسرة، ولم يجدوا سوى طريقة الهجرة الشرعية طامحين فى تبديل الحال من المعيشة السيئة إلى معيشة أفضل.
وأوضح أن الأسرة مكونة من 5 أفراد يعيشون بغرفة واحدة وليس بها مرافق، وفى مكان معزول عن القرية، نظرا لعدم استطاعتهم شراء منزل يصلح لسكن الآدميين.
وقال الدكتور أبو الفتوح محمد الأنور وشهرته فتحى الأنور كبير أئمة بإدارة أوقاف فاقوس الأولى وجد الفقيد شريف محمد السيد سليمان السمح 15 سنة من قرية الغبشان تابعة لوحدة الروضة المحلية مركز فاقوس بمحافظة الشرقية، إن الهجرة غير الشرعية ليست بسبب الفقر كما يدعى الناس فنحن والحمد لله أفضل من دول كثيرة، ولكن غيرة الناس من الذين سافروا من قبلهم وقاموا ببناء عقارات وأصبح من ذوى الأملاك ما دعا الأباء للتضحية بأبنائهم وإرسالهم عن طريق البحر وصولا لدولة ألمانيا عن طريق إيطاليا، ظانين أن أبناءهم سيجدون الأموال بالشوارع فيغرفون منها ويرسلون إليهم، ويعد هذا من الجشع وعدم الرضا بما قدر الله لهم.
وأشار إلى أن كل أب مات له ولد سمع من قبل أن هناك مراكب غرقت قبل ذلك، ومع ذلك لم يتعظ بمن ماتوا من قبل، وضحى بنجله، مؤكدا أن ما حدث لن يتوقف ولكن سيتكرر بشكل دورى.
وطالب المسئولين بتتبع مافيا الهجرة غير الشرعية والذين كانوا السبب الرئيسى فى هلاك أبنائنا.
وأكد جمال سيد سليمان عم المتوفى، أن الفقيد كان معى قبل وفاته بيومين وسلم علىّ وعلى الأسرة كاملة وخرج مع أحد المسافرين من القرية يوم الاثنين الماضى، واعتلى المركب يوم الأربعاء.
وتابع، علمت بالخبر فى العاشرة من مساء الأربعاء الماضى فهرعنا إلى الإسكندرية، وبالتحديد رشيد مكان غرق المركب، وحضر الغواصون وبدأت رحلة البحث عن الجثث، واستطاعوا العثور عل بعضها.
وأضاف أن الغواصين استطاعوا إنقاذ 153 فردا ممن كانوا على متن المركب، لأنهم كانوا فوق المركب، وأما شريف ومعه 200 سخص كانوا بداخل ثلاجة المركب ومغلق عليهم، وجاءت العناية من الله بوصول أفراد القوات المسلحة الباسلة والتى انتشلت المركب واستطاعت فتح باب الثلاجة وإخراج شريف وزملائه.
وأوضح عم الفقيد، أن تأخر القوات فى إنقاذ المركب كان سببا رئيسيا فى إغراقها، لأن أهالى رشيد أكدوا لنا أنهم قاموا بإبلاغ الأمن بغرق الباخرة، ولكنه تأخر فى التحرك والإنقاذ، وشكر القوات المسلحة خاصة المخابرات العامة لحرس الحدود برشيد والذين لم يتوانوا فى بذل الجهد المضنى فى انتشال الجثث، ونقلها إلى المستشفيات لإتمام إجراءات تسليمهم لذويهم.
وقدم الشكر لأهل رشيد خاصة الصيادين والذين قاموا بالمساعدة فى إنقاذ المفقودين لحين وصول الأمن، وتساءل كيف يتم تهجير أكثر 600 فرد على مركب واحدة حمولتها لا تتخطى الـ200 وأين حرس الحدود والأمن العام وكل المسئولين؟.
وقال إن الله من علىّ بشريف الابن الأكبر وشقيقه محمود 7 سنوات بالصف الثانى الابتدائى، واختار شريف لأنتظر بحسرتى عليه لأنى ألوم نفسى فى أنى وافقته وتركته ليواجه مصيرا محتوما.
أهالى المفقودين فى مركب الهجرة غير الشرعية... by youm7
أحد الأطفال ضحية الهجرة غير الشرعية
والد أحد ضحايا الهجرة غير الشرعية
عم أحد ضحايا الهجرة الشرعية
جد أحد الضحايا
والد أحد الضحايا
المعزين
أهالى الضحايا
محرر اليوم السابع مع أهالى الضحايا
محرر اليوم السابع يناقش أسر الضحايا
أهالى الضحايا