"كان الموضوع فى البداية يتمثل فى توجيه ضربة مثل نفثة أفعى سامة من طائرة شبح تعتبر فخر صناعة الحرب الأمريكية يقودها طياران أميريكيان مهمتهما التسلل فى سماء العراق لقتل صدام حسين وأولاده، فربما أفسح الطريق – كما يعتقد قادتهما – لانتفاضة تحريرية للشعب العراقى، مما يمهد لغزو أمريكى سهل للعراق، يقف فيه العراقيون صفوفا لتحية جيش الخلاص الأمريكى، إلا أن الأمور تداعت بدخول الجيوش الأمريكية الخدمة فى المعركة البرية فى العراق، ورغم إعلان الرئيس جورج بوش الابن انتصار جيشه، فإن العراق تمزق وأصبح فرقًا وأشلاء" هذا ما يراه الكاتب إيوجين جاريكى، فى كتابة "الطريقة الأمريكية فى الحرب.. قذائف موجهة ورجال مضللون.. وجمهورية فى خطر"، وترجمه عبد المنعم عبيد، والصادر عن المركز القومى للترجمة.
وحول كيف ولماذا تخوض الولايات المتحدة الحروب، وتخلق أسبابها، وتطور أساليبها وتستمر فى شنها، تدور أسئلة كثيرة، ويعرف المؤلف كيف يطرح الأسئلة فى هذا الصدد، ويظل يتساءل حتى يحصل على إجابة، من خلال حوارات مهمة، لتدهشنا هذه الإجابات الصادمة والكاشفة، ثم يطلب المؤلف من حكومته أن تعترف بمسئوليتها عن سوء استخدام القوة من خلال ما تكشف له الإجابات عن أسئلته من قصص سردها له مفكرون من سلاح الجو الأمريكى يحددون فيها ملامح وعناصر الطريقة الأمريكية فى الحرب .
وبعد الحيرة الكبيرة التى تلت غزو العراق يتساءل جاريكى:كيف تصرفت الأنظمة السياسية والاقتصادية والعسكرية الأمريكية لكى تكون نتيجة ذلك هدم البنية الصناعية الماهرة للجمهورية الأمريكية، وإشاعة الاضطراب فى توازن القوى فيها، وزيادة تطاول الرئيس الأمريكى من أجل اتخاذ قرار الدخول فى الحرب ضد العراق ليعطل أداء الديمقراطية الأمريكية
وبحسب المؤلف، يبقى السؤال الأهم :لماذا شقت أمريكا طريقها إلى مطب الحرب التراجيدية فى العراق؟ هل كان ذلك تحت مبرر الرد على هجمات سبتمبر 2001، أم كانت من أجل الفوز بأعمال تجارية أفضل، لو أدى الأمر بنا إلى أن ندفن أولادنا وإخوتنا فى قبور وحيدة بعيدة عن أرض الوطن، وما الذى حول مواردنا وأمتنا إلى ترسانة واحدة ضخمة تنتج المزيد من أسلحة الحرب. بدلا مما كنا نصدره من مواد السلام؟ وكيف تمكن النظام الأمريكى فى النهاية من تضليل الأمة وزعزعة العالم .
وقد صنع مؤلف الكتاب فى أول الأمر فيلما وثائقيا مهمًا موضوعه (لماذا نحارب) وحصد فيلمه الجوائز ، وانطلق صانع الفيلم الوثائقى إلى أنحاء الولايات المتحدة ليناقش الأفكار الواردة فيه مع الخبراء فى كليات الحرب الأمريكية المرموقة، وعلى الأخص كلية (وست بوينت) فى نيويورك، والتى جرت فيها مناقشات عدة ومؤتمرات علمية عسكرية مدنية حاشدة ضمت أساتذة الفكر والعسكرية والطلاب والجنود الذين يجرى تعليمهم وتدريبهم ليخوضوا معارك الغد حول ما تضمنه الفيلم من أفكار ومشاهد، إذن الكتاب يمزج بين روح السينما وخاصية الكتابة ويبحث عن إجابة لأسئلة عديدة مطروحة منذ سنة 2003 حتى الآن وفيما يبدوا أنها ستظل مطروحة إلى أمد بعيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة