"يا ساكن حميثرة فوقك قبة منورة اروى العطاشا يا شاذلى بكاسات معطرة.. وفى حميثرة سوف ترى".. يردد مريدو ومحبو وأتباع الطرق الصوفية هذه الكلمات فى حلقات ذكر ومديح داخل وبمحيط ضريح قطب الصوفية سيدى أبو الحسن الشاذلى فى تلك الأيام، التى تتزامن مع ذكرى إحياء مولده والتى بدأت منذ الأمس ومن المقرر لها أن تستمر ليوم وقفة عيد الأضحى المبارك.
فى وادى حميثرة، بقلب صحراء عيذاب بمحافظة البحر الأحمر، يقع ضريح قطب الصوفية الشيخ أبو الحسن الشاذلى، وسميت تلك المنطقة بقرية الشيخ الشاذلى والتى تتبع جغرافيا مدينة مرسى علم والتى تبعد عنها قرابة 150 كيلو مترا.
وصل إلى تلك المنطقة أعداد من المريدين والمحبين من الصوفية لإحياء ذكرى مولد الشيخ أبو الحسن الشاذلى، والذى يعد من أشهر الأضرحة فى مصر ويأتيه زواره من أغلب محافظات الجمهورية وربما تختلف أعداد الوفود العربية من عام لآخر، والتى تأتى خصيصا من بلاد المغرب العربى نسبة إلى أصله من المغرب.
مولد أبو الحسن الشاذلى بدأ منذ الأمس ومن المقرر أن يستمر حتى يوم وقفة عرفات وجاء الاحتفال به تحديدا فى تلك التوقيت تزامنا مع إقامة شعائر الحج فى بيت الله الحرام، وذلك لوفاة قطب الصوفية فى وادى حميثرة فى توقيت سفره إلى الحج من صحراء عيذاب حتى وافته المنية فى تلك الوادى.
يحمل المريدون والمحبون فى طريقهم لإحياء ذكرى مولد قطب الصوفية أبو الحسن الشاذلى، ما يستخدمونه طيلة أيامهم من مأكل ومشرب، وتقوم مجموعات معينة من القادرين بنحر الذبائح هناك، وقد تستغرق الرحلة من أسبوع حتى 10 أيام ومنهم من يقوم بتوزيعها على المريدين والمحبين حول الضريح.
تنصب الخيام التى يحتمى بها المريدون والمحبون من حرارة الشمس وتستخدم للمبيت طوال المولد فى مناطق حول الضريح والأقرب للضريح لمن سبق فى الوصول إلى وادى حميثرة، بداخل تلك الخيام كل ما يحتاجه المريدون طول المولد.
تختلف أماكن إقامة وفود الطرق الصوفية بعض الشىء، حيث إن أغلبها له ساحة مكان للمبيت والبعض به حمامات ومكان للمأكل والمشرب وأخرى للنوم، إلا أن الازدحام يتسبب فى حالة من عدم التنظيم فى أغلب الساحات وعدم النظافة داخلها.
يقول وردانى السعدنى، أحد أتباع الطرق الصوفية، ومن الحريصين كل عام على زيارة الضريح والمشاركة فى المولد، إن تلك الجموع الغفيرة التى تصل إلى مولد سيدى أبو الحسن الشاذلى تأتى للتبرك بصاحب المقام ومكانه وضريحه، حيث إنه قطب الصوفية الشيح أبو الحسن الشاذلى، من أولياء الله الصالحين.
أضاف السعدنى لـ"اليوم السابع" تبدأ عموما الزيارات إلى وادى حميثرة من المدن والقرى المختلفة فى مجموعات كبيرة وأغلبهم يستقلون سيارات نقل عليها ساتر خشبى يقيهم من حرارة الشمس طيلة طريقهم إلى المكان وسط الجبال، وتختلف طول المسافة من مكان لآخر.
وتابع، أن هناك الكثير يصطحبون أسرهم بأكملها للمولد، وهم دائما يحضرون فى بداية أيام المولد، لتفادى الازدحام الذى تشهده الأيام الأخيرة، وخاصة الليلة الختامية، مشيرا إلى أن تلك المجموعات تحضر معها الخيام لنصبها فى أقرب مكان للضريح إن وجد، وتأتى المجموعات كل بذبائحها، من أغنام وعجول وغيرها ودائما يكون الأكل والشراب أكثر شىء هناك.
بمجرد وصول تلك المجموعات تبدأ بزيارة الضريح والتقرب والتبارك به وفى الغالب ما يكون شديد الازدحام ثم الصلاة فى المسجد المجاور للضريح.
العادات والتقاليد فى مولد الشاذلى
يقول سيد على أحد رجال الصوفية، إن العادات والتقاليد التى يقوم بها المريدون والمحبون فى مولد سيدى أبو الحسن الشاذلى تختلف باختلاف ثقافات المريدين، حيث إن من أشهر البدع هناك، صعود جبل حميثرة وتكويم الحجارة فوقه لاعتقادهم أن من يفعل ذلك يزور المقام العام المقبل.
كما أكد على لـ"اليوم السابع"، أن هناك الكثير من المريدين الذين يصلون للمقام تبركا بهذا القطب الذى يعد من أولياء الله الصالحين، وأن تلك العادات تعد بالنسبة لهم خرافات لا وجود لها.
فيما أكد أحد رجال الصوفية، أن هناك الكثير يصعدون على قمة جبل حميثرة ويدعون الله من فوقه، وخاصة فى توقيت وقوف الحجاج على جبل عرفات، وهناك الكثير أيضا من يطلق على مول أبو الحسن الشاذلى مسمى الحج الأصغر لإقامة المولد فى توقيت قيام حجاج بيت الله الحرام بشعائر الحج.
حلقات الذكر حول الضريح
كما يقال إن لكل شيخ طريقة، فلكل طريقة وردا ومدحا تذكر به شيخهم وتمدحه، هكذا تكون حلقات الذكر حول ضريح سيدى أبو الحسن الشاذلى، يجتمع شباب الطريقة فى مجموعة يبدأون فى حلقات ذكر تشمل مدح صاحب المقام وشيخ طريقتهم وأولياء الله الصالحين.
وقال همام يوسف أحد أبناء الطرق الصوفية، إن كل مجموعة من الطرق الصوفية المختلفة يجتمع شبابها ورجالها فى حلقات ذكر كبيرة ليلا كان أو نهارا، ويبدأ المديح بقصائد فى رسول الله وأولياء الله الصالحين.
تجار أبو الحسن الشاذلى
يأتى المريدون والمحبون من التجار لإحياء مولد قطب الصوفية سيدى أبو الحسن الشاذلى من أغلب محافظات مصر، لبيع الحلوى والسبح ولعب الأطفال والأعشاب المختلفة، وغيرها من البضائع وكذلك يحضر أصحاب المقاهى الذين ينصبون خيمهم لتجهيز المقاهى هناك.
ويعتبر مولد أبو الحسن الشاذلى بالنسبة للتجار موسما، يداوم الكثيرون عليه كل عام للحصول على مكسب وافر من خلال عمليات البيع فيه، والتى يكون نسبة الطلب عليهم عالية وخاصة فى الحلوى ولعب الأطفال.
التشديدات الأمنية فى المولد
ويشهد مولد سيدى أبو الحسن الشاذلى بقرية الشيخ الشاذلى بمدينة مرسى علم استعدادات أمنية مكثفة تزامنا مع إقامة المولد.
من هو سيدى أبو الحسن الشاذلى
يذكر أن قطب الصوفية سيدى أبو الحسن الشاذلى اسمه الحقيقى هو أبو الحسن على بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلى المغربى، الزاهد الصوفى، إليه تنتسب الطريقة الشاذلية، ولد عام 571هـ بقبيلة الأخماس الغمارية، تفقه وتصوف فى تونس، وسكن مدينة (شاذلة) التونسية ونسب إليها، وتوفى الشاذلى بوادى حميثرة بصحراء عيذاب، متوجهًا إلى بيت الله الحرام فى أوائل ذى القعدة 656هـ.
تتلمذ أبو الحسن الشاذلى فى صغره على يد الأمام عبد السلام بن مشيش، فى المغرب، وكان له كل الأثر فى حياته العلمية والصوفية، ثم رحل إلى تونس، وإلى جبل زغوان، حيث اعتكف للعبادة هناك .
وارتقى منازل عالية فى الفكر الصوفى ودرس بها على أبو سعيد الباجى ورحل بعد ذلك إلى مصر وأقام بالإسكندرية، حيث تزوج وأنجب أولاده شهاب الدين أحمد وأبو الحسن على، وأبو عبد الله محمد وابنته زينب، وفى الإسكندرية أصبح له أتباع ومريدون، وانتشرت طريقته فى مصر بعد ذلك، وانتشر صيته على أنه من أقطاب الصوفية فى العالم أجمع.
ووافته المنية فى وادى حميثرة غرب مدينة مرسى علم جنوب البحر الأحمر، أثناء مروره بتلك الوادى إلى ميناء عيذاب ثم إلى الأراضى المقدسة، لأداء فريضة الحج، والذى طلب من خادمه خلال رحلته مرضه بتلك الوادى بدفنه فى ذلك المكان .
إحدى لافتات الطرق الصوفية فى مولد أبو الحسن الشاذلى
حلقات الذكر بالقرب من الضريح
أحد الزوار داخل المقام
بائع السبح بالقرب من المقام
بائع الأعشاب
مريدون داخل المقام
طباخ يطهو الطعام بمولد أبو الحسن الشاذلى
محرر اليوم السابع بمولد أبو الحسن الشاذلى
أحد المريدين والمحبين ملازمين الضريح
جبل حميثرة
مسجد سيدى أبو الحسن الشاذلى