قبل سنوات بعيدة قال عضو مجلس نواب بارز، وأحد المقربين من الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فى جلسة تحت قبة البرلمان "الفساد فى المحليات للركب"، واستغرب البعض أن يصدر التصريح من أحد كبار المسؤولين، بينما يُفترض أن يكون دوره إنهاء الفساد لا الحديث عنه، ولكن السياقات اللاحقة قانونيا وتنفيذيا واجتماعيا أيضًا، كشفت عن مستوى التغول والتوحش الذى وصل له الفساد فى قطاع المحليات، وحقيقة أن الأمر لا يرتبط بتقصير أمنى أو رقابى، ولكنه يرتبط أكثر بهذه الغابة المتداخلة من المصالح والمخالفات، والتى تواصل الأجهزة الرقابية تتبعها، وتنجح بين وقت وآخر فى فكّ شفراتها وفصر فروعها المتداخلة، لضبط شبكة هنا، أو مسؤول هناك، وعلى مدار هذه الجهود المتواصلة والمتنامية للأجهزة الأمنية حضرت بعض الإدارات والأحياء والأقسام والمناطق الإدارية بشكل دائم ضمن ملفات الأجهزة الرقابية، بتوالى النجاحات الأمنية والرقابية فيها، والسقوط المتلاحق لعناصرها المتورطة فى الرشوة والمخالفات والتربح، وجاء حى شرق الإسكندرية فى مقدمة ملفات المحليات الساخنة.
عمارة لوران
"عمارة الموت" فى لوران تكشف فساد حى شرق لأول مرة
بدأت الأنظار تتجه لفساد حى شرق الإسكندرية، فى أول واقعة هزت مصر كلها، بانهيار عمارة "لوران" الشهيرة، التى عُرفت إعلاميًّا بـ"عمارة الموت"، إذ وقع الحادث فى 2007، وأسفر الحادث عن مقتل 36 شخصًا وإصابة 3 آخرين، وتمّت إحالة مالكة العقار هانم العريان، والمهندس الاستشارى، و3 مقاولين، و3 مهندسين بالإدارة الهندسية المختصة بأعمال التنظيم بحى شرق، إلى المحاكمة، لتسببهم فى انهيار العقار، بعد أن أثبتت تحقيقات النيابة أن مالكة العقار استكملت أعمال بناء بالعقار دون الحصول على ترخيص، حتى أصبح 12 طابقًا، وأجرت تعديلات بالدورين 11 و12 بالمخالفة للأصول الفنية والهندسية، وذلك وسط تورط مهندسى الإدارة الهندسية لحى شرق، الأمر الذى أسفر فى النهايى عن انهيار العقار، وتسبب فى تلك الخسائر البشرية الفادحة، وافتضح أمر مافيا الفساد فى حى شرق لأول مرة.
وظل حى شرق يعانى من مافيا الفساد بعد ذلك، وهو ما كشفت عنه ضربات الأجهزة الأمنية المتوالية خلال السنوات اللاحقة، واستغلت حالة الفساد المستشرية فى حى شرق، فترة الانفلات الأمنى خلال أحداث ثورة 25 يناير وما تبعها، فى التغول والتوحش فى عملها، ولكن استطاعت الأجهزة الرقابية مؤخّرًا، وفى القلب منها الرقابة الإدارية، فى إطار تكثيف جهودها استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، الكشف عن عدة حالات فساد مالى وإدارى وتلقى رشوة واستغلال نفوذ لعدد من العاملين بحى شرق.
الدكتور رضا فرحات محافظ الإسكندرية
اتهام رئيس حى شرق السابق بالرشوة وإقالته
فى يوليو 2015، أقيل رئيس حى شرق، اللواء خالد فوزى، ووجِّهت إليه 4 اتهامات أمام نيابة الأموال العامة، وهى التربح من الغير، واستغلال النفوذ، والرشوة والإضرار بالمال العام، وذلك بعد اعتراف سائقه الشخصى بتورطه فى قضية رشوة لصالح رئيس الحى، وتم إلقاء القبض عليه متلبّسًا بقضية رشوة وتقاضى مبلغ من المال، لمنع تنفيذ أحد قرارات الإزالة الخاصة بأحد الكافيهات، وعند إحالة السائق للنيابة، اعترف بتلقى الرشوة بالاتفاق المباشر مع رئيس الحى ونائبه، محمد شبانة، الذى قبض عليه بعد ذلك متلبّسًا فى قضة رشوة أخرى.
إلقاء القبض على نائب رئيس الحى للمرة الثانية متلبسا بتقاضى رشوة
لم تكن تلك الواقعة السابقة رادعًا كافيًا لنائب رئيس الحى، محمد شبانة، الذى تم حبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات فى القضية الأولى، المتهم فيها بتقاضى رشوة بالتنسيق مع رئيس الحى السابق اللواء خالد فوزى، بل واصل أعمال الفساد وتلقى رشاوى مقابل منع تنفيذ أعمال الإزالة للعقارات المخالفة، وتمكنت الرقابة الإدارية من القبض عليه أمس، خلال تلقيه رشوة مالية، وألقت الرقابة الإدارية، برئاسة اللواء أحمد المخزنجى، القبض عليه وبحوزته مبلغ كبير من المال، عقب ورود بلاغات من بعض المواطنين تفيد بتلقيه رشوة وتربحه من وظيفته، واستغلال نفوذه، وتم تسجيل المكالمات بالصوت والصورة، وتنفيذ قرار القبض عليه ليتم اتهامه للمرة الثانية فى أقل من عام.
كوبرى ستانلى
القبض على سكرتير عام حى شرق
لم تمر ساعات قليلة على الواقعة السابقة، حتى تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من القبض على سكرتير عام حى شرق الإسكندرية، وآخرين، منهم أحد الأشخاص "منتحل صفة ضابط بالرقابة الإدارية"، وذلك عقب تقاضيهم 800 ألف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل عدم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال بناء 10 طوابق بالمخالفة للقانون بمنطقة جليم بالإسكندرية، ليصبح حى شرق الأعلى فى عدد حالات الفساد وتقاضى الرشوة.
تورط 6 مسؤولين بحى شرق فى التغاضى عن تحصيل 25 مليون جنيه غرامات
فى مايو 2015 تمكنت إدارة الأموال العامة من القبض على 6 من مسؤولى حى شرق الإسكندرية، وبعض موظفى مأمورية الضرائب العقارية بعد تورطهم فى قضايا فساد مالى وإدارى، إذ تواطأ مسؤولو إدارة إشغال الطريق بحى شرق، وبعض موظفى مأمورية الضرائب العقارية، مع مرتكبى مخالفات إشغال الطريق، بالتقاعس والإهمال فى تحصيل الغرامات المستحقة عن تلك المخالفات، وبلغ عدد محاضر المخالفة المحررة فى الفترة من 2013 حتى 2014، حوالى 8137 قسيمة تشوينات وهدم وبناء، وتم تحصيل 333 ألف جنيه فقط، فى حين بلغت قيمة الغرامات المستحقة 25.5 مليون جنيه، الأمر الذى أدى لإهدار 25 مليون جنيه على الخزانة العامة للدولة.
محافظ الإسكندرية يحيل بعض المختصين بحى شرق للنيابة
من جانبه، حاول اللواء الدكتور رضا فرحات، محافظ الإسكندرية، مواجهة الفساد فى حى شرق عبر إجراءات عملية، فقام فى 26 ديسمبر الماضى بإحالة المختصين عن صدور بيان الصلاحية للموقع رقم 251 بتنظيم شارع الجيش فى ستانلى للنيابة العامة، وسحب بيان الصلاحية الصادر من حى شرق للموقع، كما أحال المسؤولين عن ترخيص البناء رقم 78 لسنة 2014 عن الموقع الكائن بشارع أحمد أبو سليمان مع شارع الشهيد مصطفى شعبان بمنطقة أبو سليمان بالسيوف، وسحب ترخيص البناء للموقع، وذلك لتقاعسهم عن اتخاذ الإجراءات القانونية الخاصة بالموقعين.
وأشار" فرحات"، إلى أنه تمّت إحالة أوراق التحقيق الخاصة بالمخالفات إلى المحامى العام لنيابات الإسكندرية، للاختصاص، وذلك طبقًا لما ورد بالكتاب الدورى رقم 4 لسنة 2016، بشأن ضرورة الالتزام بأحكام القانون رقم 119 لسنة 2008، فى الجزء "تجنبا للمساءلة الجنائية والتأديبية، فإن المحافظة تهيب بجميع المهندسين والعاملين المنوط بهم تطبيق أحكام القانون رقم 119 لسنة 2008 المشار إليه، بضرورة أداء مهامهم وإعمال وظائفهم بدقة وأمانة، وفى حالة مخالفة ذلك سيتم إخطار النيابة العامة فورًا، لمباشرة التحقيق، وإعمال أحكام قانون العقوبات والإجراءات الجنائية".
عدد الردود 0
بواسطة:
عميد بحرى/ نادر الخربوطلى.
هم يضحك وهم يبكى...
مهندسة عمارة لوران المنكوبة والتى راح ضحيتها 76 شهيد من خيرة نساء ورجال مصر تشغل الان منصب وكيل وزارة الأسكان بالاسكندرية وقبل ذلك رئيس حماية املاك الدولة وهى تحت الحماية القسوى ..هل لايوجد كفاءات فى الاسكندرية؟ مجرد سؤال.