فى ترجمة للانتصارات المتتالية التى يحققها الجيش الوطنى السورى فى حربه ضد الإرهاب، وتمكنه من تحرير مدينة حلب من قبضة الميليشيات المسلحة، وقبل أقل من أسبوعين على انعقاد مؤتمر "الأستانة"، الذى يناقش سبل وقف إطلاق النار فى سوريا، وإيجاد تسوية سياسية للأزمة التى دخلت عامها السادس، أكدت الفصائل المسلحة، المدعومة من تركيا وعدّة دول خليجية، المشاركة فى المفاوضات التى تشارك فيها الحكومة السورية برئاسة بشار الأسد، برعاية موسكو وأنقرة.
بشار الأسد
يضم مؤتمر الأستانة، المقرر انعقاده 23 يناير الجارى، الفصائل الموقعة على اتفاق الهدنة الذى تم إقراره خلال ديسمبر الماضى، وبموجبه تم توقيع اتفاق بين الجانبين، الروسى ممثلاً عن الحكومة السورية، والتركى ممثلاً عن الفصائل المعارضة المسلحة، وتأتى محادثات مؤتمر "الأستانة" مع نجاح الجيش السورى فى حسم المعركة على الأرض فى مدينة حلب، وبسط سيطرته على عدد من المواقع الاستراتيجية فى البلاد، لتعد محادثات الأستانة بداية تسليم الفصائل المسلحة فى سوريا بالحل السياسى كسبيل وحيد ونهائى لحل الأزمة.
الفصائل السورية المسلحة
مراقبون: الاتفاق الروسى التركى يأتى فى ظل متغيرات أبرزها غياب أمريكا
وفى هذا الإطار، يرى مراقبون أن الاتفاق "الروسى ـ التركى" يأتى فى ظل عدة متغيرات تضرب الإقليم، أبرزها تراجع الدور الأمريكى بشكل كبير فى الساحة السورية لصالح الدب الروسى، إضافة إلى تدخل تركيا عسكريًّا فى سوريا وتورطها فى معارك مع تنظيم "داعش" الإرهابى والفصائل الكردية التى ترفض تدخل "أنقرة"، واستهداف نظام أردوغان بعدة عمليات عنيفة خلال 2016 ومنذ مطلع العام الجارى، ما ينذر بتصعيد كبير من التنظيمات الإرهابية داخل الأراضى التركية.
مؤتمر "الأستانة" يمثل خطوة التمهيد لمباحثات "جنيف 4" فى فبراير
تأتى أهمية مؤتمر الأستانة، الذى يُعقد قبيل محادثات "جنيف - 4" المقرر لها الثامن من فبراير المقبل، فى أنه يمثّل تأكيدًا واضحًا وضويا على أهمية وإجبارية الحل السياسى فى سوريا، دون الحل العسكرى، فيما تقوم جماعات المعارضة خلال اجتماعاتها فى العاصمة التركية "أنقرة" على تشكيل وفد يمثل الفصائل المسلحة التى ستشارك فى الأستانة.
وتحاول تركيا تقريب وجهات النظر بين الفصائل المسلحة، والدفع بها فى اتجاه المشاركة فى محادثات الأستانة المقبلة، لأهميتها فى التوصل لنقاط مشتركة بين الفصائل والحكومة السورية، تكون نقطة انطلاق فى مفاوضات جنيف المقبلة، إلا أن الانقسام لما زال قائمًا بين الفصائل، إذ يرغب فريق منهم فى المشاركة بالمفاوضات، فيما يرفض فريق آخر المشاركة، بذريعة التصعيد العسكرى الأخير فى "وادى بردى".
ووفقًا لمصادر إعلامية سورية، قررت عدّة فصائل مسلحة، إرسال ممثلين عنها فى محادثات "الأستانة"، وهى: فيلق الشام، وفرقة السلطان مراد، والجبهة الشامية، وجيش العزة، وجيش النصر، والفرقة الأولى الساحلية، ولواء شهداء الإسلام، وتجمع فاستقم، وجيش الإسلام "المدعوم من السعودية"، فى حين رفضت فصائل أخرى المشاركة، من بينها أحرار الشام "المدعومة من قطر"، وصقور الشام، وفيلق الرحمن، وثوار الشام، وجيش إدلب وجيش المجاهدين.
المفاوض السورى محمد علوش
قيادى بـ"جيش الإسلام": سأترأس وفد المعارضة السورية فى مؤتمر الأستانة
فى هذا السياق، قال المفاوض السورى محمد علوش، إنه سيترأس وفد المعارضة السورية فى مؤتمر الأستانة، بهدف تحييد الدور الإيرانى على الملعب السورى، مؤكّدًا فى تصريح مقتضب لـ"اليوم السابع"، أن مشاركته على رأس وفد الفصائل المسلحة، تأتى لبحث إيجاد حل للتدخل العسكرى الإيرانى فى سوريا، وبحث وقف إطلاق النار فى البلاد وإدخال المساعدات الإنسانية.
يُذكر أنه من المقرر أن يرسل كل فصيل ممثلين عنه، بعد تحديد الأسماء ضمن قائمة وتسليمها للجانب التركى، الذى سيتولى عملية التنسيق مع روسيا تحضيرًا للمؤتمر الذى سيعقد خلال الأسبوع المقبل، ومن بين الأسماء المشاركة فى الأستانة: منذر سراس ونزيه الحكيم عن "فيلق الشام"، ويامن تلجو ومحمد علوش عن "جيش الإسلام"، والعقيد أحمد سلطان عن فرقة السلطان مراد، والنقيب أبو جمال عن لواء شهداء الإسلام بمنطقة داريا، وأبو قتيبة عن تجمع "فاستقم"، وأبو ياسين عن الجبهة الشامية، إضافة إلى الرائد ياسر عبد الرحيم عن غرفة عمليات حلب، وتقنيين اثنين، أسامة أبو زيد ونصر حريرى.
قيادات بالميليشيات: غالبية الجماعات قررت الحضور وسنناقش وقف إطلاق النار
فى سياق متصل، قال مسؤول من المليشيات المسماة بـ"الجيش السورى الحر"، إن جماعات المعارضة لم تعين ناطقًا باسمها فى المؤتمر، إلا أن الفصائل ستذهب، وأول ما ستناقشه هو قضية وقف إطلاق النار وانتهاكات النظام.
بدوره، قال زكريا ملاحفجى، من جماعة "فاستقم" المسلحة، إن غالبية الجماعات قررت الحضور، وستتركز المناقشات على وقف إطلاق النار، والقضايا الإنسانية مثل المساعدات والإفراج عن المعتقلين.
بدوره، قال مسؤول العلاقات السياسية فى جيش إدلب الحر، فارس بيوش، فى تصريح لـ"اليوم السابع"، إن المشاورات جارية فى "أنقرة" لبحث المشاركة فى الأستانة من عدمها، مؤكدا أن الفصائل تتباحث فى عدة نقاط، أبرزها وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، مؤكّدًا وجود بعض الفصائل المسلحة التى لم تحسم مشاركتها بعد.
مستشار المبعوث الأممى: يجب إشراك السعودية فى تسوية الأزمة
فيما دعا فيتالى نعومكين، مستشار المبعوث الأممى حول سوريا "ستيفان دى ميستورا"، ومدير معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إلى ضرورة إشراك السعودية فى عملية تسوية الأزمة السورية فى إطار مجموعة "روسيا وإيران وتركيا"، قائلاً: "الكثير يتوقف على روسيا، وكذلك نقر بأن الكثير يتوقف على إيران وتركيا، لأنهما قوتان رئيسيتان، إلا أنه يجب إشراك غيرهما من القوى الإقليمية، وقبل كل شىء السعودية".
وقال نعومكين، وهو أيضا مدير معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، لوكالة نوفوستى "