تساؤلات عديدة لاتزال تفرض نفسها بقوة فى واقعة سرقة خمس لوحات من أعمال الفنان العالمى محمود سعيد من متحف الفن الحديث، التابع لقطاع الفنون التشكيلية، ولازالت تحقيقات النيابة، وكذلك تحقيقات القطاع لديها ما تثيره لوحات الفن التشكيلى من كشف الغموض.
بالعودة إلى واقعة اكتشاف السرقة، ومحاولة القبض على السارق، فإن شرطة الشرطة حينما بدأت العمل على هذه الواقعة، طلبت من الدكتورة ضحى أحمد، مديرة متحف الفن الحديث "المعزولة" من منصبها، الاتصال بالسارق لمعرفة إذا ما كان قد غادر مصر أم لا، حيث سبق أن قال لها فى بداية لقائه بها إن لديه جواز سفر أمريكى، وأنه يقوم بالسفر كثيرًا، هذه المعلومة فرضت نفسها فى تلك اللحظة وبقوة، خوفًا من أن تكون اللوحات خرجت من مصر وتم تهريبها.
وما حدث أن مديرة المتحف المعزولة حينما اتصلت بالسارق، عصر يوم الخميس، 19 من يناير الجارى، سألته عن عدم مجيئه لإكمال عمله، فأبلغها بأنه سيعود يوم الأحد، 22 من يناير، وهنا تأكدت شرطة السياحة من تواجده داخل القاهرة.
لكن المفاجأة التى لم يتوقعها أحد فى هذه اللحظة، هو أن العنوان المذكور فى بطاقة الرقم القومى للسارق، والذى تم تدوينه أثناء دخوله للمتحف من واقع بطاقته الشخصية فى السجلات غير صحيح، ومن هنا استدعى الأمر تدخل جهات أخرى فى القضية، بهدف المساعدة على تحديد ومعرفة المكان الذى يعيش فيه السارق ليتم القبض عليه، وهو ما حدث وتم بالفعل القبض عليه، ووجدت اللوحات الأصلية فى الشقة التى كان يعيش فيها، على خلاف العنوان المذكور فى بطاقته القومية.
وبناءً على هذه الواقعة، فإن السؤال الذى يفرض نفسه وبقوة، هل يكشف سجل مكالمات السارق قبل الواقعة عن أسماء الأشخاص المتواطئين معه فى سرقة لوحات محمود سعيد سواءً كانوا من داخل المتحف أو أى أحد له علاقة بالواقعة؟.
قد يتصور البعض أن الأمر محض سرقة لوحات وتم القبض على الجانى، ولكن بالنظر إلى العديد من التفاصيل والكواليس فسوف يتبين أن هناك تساؤلات أخرى بحاجة إلى الإجابة عليها: فمن أين عرف السارق مقاسات اللوحات والبراويز ليقوم بطباعة أعمال مزورة ليستبدلها بالأعمال الأصلية، وكيف وأين تمكن من الحصول على نسخة عالية الجودة من الأعمال الأصلية ليقوم بطباعتها، ومن ثم عمل "ريتاتش" أو "تخانة" توحى بأن الأعمال المقلدة أصلية وأنه لم يقم باستبدال اللوحات الأصلية بأخرى مقلدة؟
كل هذه التساؤلات بحاجة ماسة إلى الإجابة عليها، فالأمر لا يتوقف عند القبض على السارق وإيداعه السجن وتوقيع العقوبة عليه، بل يدفعنا لمعرفة الكواليس للأيادى التى دبرت ورسمت وخططت وساعدت، فإذا كانت عملية سرقة لوحات محمود سعيد قد باءت بالفشل، فلا يعنى ذلك أن أى عمليات أخرى قادمة سوف يكون مصيرها هو الفشل أيضًا، وحتى وإن لم نكن نفكر فيما هو أبعد وننظر أسفل أقدامنا، فعلينا أن ننتبه دومًا وأن نسبق عدونا بسبع خطوات، وألا نفرح ونهلل بالقبض على السارق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة