تواجه الحكومة المصرية تحدّيا كبيرًا، قد يقف حجر عثرة أمام نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى، ومن ثم الحصول على الشرائح التالية من قرض صندوق النقد الدولى، وهو الالتزام بالسيطرة على عجز الموازنة، فى ضوء بعض المستجدات الاقتصادية محليًّا وعالميًّا، فعلى الصعيد المحلى فقد الجنيه ما يزيد على 50% من قيمته أمام الدولار، بعد قرار تحرير سعر الصرف مطلع نوفمبر الماضى، وهو ما تجاوز تقديرات بعثة صندوق النقد الدولى، والقائمين على السياسة النقدية والمالية فى حكومة المهندس شريف إسماعيل، وثمة مخاطر من التزام الدولة حرفيًّا بأجندة الإصلاحات المتفق عليها، ما قد يؤدى لإثارة قلاقل اجتماعية نتيجة تزايد الضغوط التضخمية التى يعانى منها الفقراء والفئات الأكثر احتياجا.
كانت مصر قد وقعت اتفاقا مع صندوق النقد الدولى فى 11 نوفمبر الماضى، للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، خلال 3 سنوات، لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى يستهدف خفض الدين العام وعجز الموازنة العامة وإعادة الاستقرار لسعر الصرف وتحفيز النمو الاقتصادى، واتخذت الحكومة المصرية عدة تدابير فى نوفمبر الماضى لخفض عجز الموازنة، كخطوات استباقية للحصول على موافقة صندوق النقد على القرض، كان من بينها تطبيق ضريبة القيمة الماضة بنسبة 13%، على أن تزيد إلى 14% فى يوليو المقبل، وتعويم الجنيه، وزيادة أسعار الوقود وتعريفة استهلاك الكهرباء، وسبق كل ذلك تطبيق قانون الخدمة المدنية للسيطرة على تضخم الجهاز الإدارى للدولة وبند الأجور.
البنك المركزى المصرى
عبء الفائدة المرتفعة وتهديد برنامج الإصلاح الاقتصادى
تشكل أسعار الفائدة المرتفعة عبئًا إضافيًّا على الموازنة العامة للدولة، فكل زيادة بنسبة 1% تكلف الوازنة العامة نحو 14 مليار جنيه، وقد اضطرالبنك المركزى لرفع أسعارالفائدة بواقع 300 نقطة أساس (3%) بعد تحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضى، فى محاولة منه لاحتواء الضغوط التضخمية المصاحبة لتعويم العملة المحلية.
وعلى الصعيد العالمى، من المتوقع ارتفاع متوسط أسعار النفط، بعد اتفاق الدول الأعضاء فى منظمة "أوبك" على خفض الإنتاج، فيما قدرت الحكومة المصرية متوسط سعر البرميل فى موازنة العام المالى الحالى 2016/ 2017 عند مستوى 40 دولارا للبرميل، وعلاوة على ذلك فمن المتوقع ارتفاع سعر الدولارعالميًّا، مع اتجاه بنك الاحتياط الفيدرالى (البنك المركزى الأمريكى) لرفع أسعار الفائدة 3 مرات خلال العام الجارى.
برتامج الحكومة يسعى لتحويل عجز الموازنة إلى فائض 2.1% بحلول 2021
يستهدف البرنامج الاقتصادى للحكومة المصرية، المتفق عليه مع صندوق النقد الدولى، تقليص العجز الأوّلى إلى 5.5% من الناتج المحلى الإجمالى، لتحويله من عجز يقارب 3.4% فى 2015/ 2016، إلى فائض قدره 2.1% بحلول 2020/ 2021، ويستند البرنامج فى ذلك إلى ترشيد الإنفاق وزيادة وتنويع الموارد فى الموازنة العامة.
وكان العجز فى الموازنة العامة للدولة قد شهد تراجعا إلى 5% خلال النصف الأول من العام المالى الجارى، مقابل 6.2% قبل عام من الآن، وتوقعت الحكومة فى بداية العام المالى 2016/ 2017 أن يصل العجز فى الموازنة إلى 9.8%.
مرو الجارحى وزير المالية
خبيرة مالية: الحكومة خفضت عجز الموازنة.. ولكن النسبة أقل من المستهدف
فى هذا الإطار، قالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث فى "فاروس" للاستثمار، إن الحكومة نجحت فى خفض عجز الموازنة إلى 10.8% خلال العام المالى الجارى، مقابل 12.2% فى العام المالى الماضى، ولكن يبقى هذا الرقم أقل من مستوى العجز المستهدف فى برنامج صندوق النقد الدولى بنسبة 10% من إجمالى الناتج المحلى.
وأضافت رضوى السويفى فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن بعض المستجدات قد تحول دون الوصول إلى العجز المستهدف، منها ارتفاع أسعار النفط عالميًّا مع بدء تخفيض الإنتاج وفق توجهات وقرارات منظمة "أوبك"، وهو ما سيؤدى إلى ارتفاع فاتورة دعم الوقود، ما لم تتخذ الحكومة إجراء موازيًّا لاحتواء تلك الزيادة، كرفع أسعار الوقود مرة أخرى خلال العام المالى الجارى، وهو ما يطمح إليه برنامج صندوق النقد الدولى، ورغم ذلك اعتبرت تراجع العجز إلى 10.8% تقدّما كبيرًا، مقارنة بالعام الماضى، متوقعة أن تنجح الحكومة فى خفض العجز إلى رقم فى خانة الآحاد، مع نهاية مدة برنامج صندوق النقد، أى بنهاية العام المالى 2018/ 2019.
وتعتزم الدولة طرح بعض الشركات العامة للاكتتاب، لتوفير نحو 10 مليارات دولار للخزانة العامة، من خلال بيع حصص بقيمة 20% من شركات إنبى وأموك وسيدى كرير وبنك القاهرة، وترى رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث فى "فاروس" للاستثمار، أن طرح نسبة تزيد على 20% قد يمكن الحكومة من بلوغ العجز المستهدف هذا العام.
وزارة المالية
تدابير حكومية لخفض عجز الموازنة
فى سياق متصل، تعتزم الحكومة بموجب الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، اتخاذ عدة تدابير لخفض عجز الموازنة، من خلال طرح حصص الشركات العامة فى البورصة المصرية، وترشيد دعم الغذاء - التموين - من خلال فلترة قاعدة البيانات للكروت الذكية الخاصة بصرف السع التموينية، والتركيز على شبكات الحماية والتحويلات النقدية لدعم الفقراء والفئات المتضررة نتيجة آثار وتداعيات برنامج الإصلاح الاقتصادى.
وتستهدف الحكومة أيضًا ضمن خططها وبرامجها العملية، الإعلان عن استراتيجية جديدة لإصلاح قطاع الطاقة، وإعادة هيكلة الهيئة العامة للبترول ونظام دعم الطاقة بحلول مارس المقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة