فى كذبة جديدة، ومحاولة للتنصل من مسئوليته عن دماء السوريين، أقدم نظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على تصنيف تنظيم داعش وجبهة النصرة المعروفة حالياً بـ"فتح الشام"، منظمات إرهابية، على الرغم من التمويل والدعم المادى واللوجيستى الذى طالما قدمه النظام التركى لتلك التنظيمات.
وجاء إعلان الخارجية التركية بإدراج التنظيمين على قوائم الإرهاب بعد أيام من انتهاء مؤتمر أستانة الذى استضافته العاصمة الكازاخستانية بشأن التسوية السياسية فى سوريا، والذى شدد فى توصياته على ضرورة التصدى للتنظيمات الإرهابية المسلحة، والتأكيد على ضرورة الحل السياسى للأزمة السورية، الأمر الذى دفع تركيا إلى اتخاذ قرارها الأخير، بحسب مراقبين.
مؤامرات تركيا خلف الكواليس
ويقدم نظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان منذ سنوات الغطاء السياسى والدعم الماضى للميليشيات المسلحة داخل سوريا، واستضافت بلاده عناصر من الجماعات المسلحة فضلاً عن استضافة التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، فضلاً عن تدفق تلك العناصر عبر الحدود التركية التى فتح أردوغان أبوابها على سوريا، لتصبح قبلة الإرهابيين وأحد أهم المعابر إلى الجهاد المزعوم هناك، حيث يمتد شريط حدودى يبلغ 900 كيلومتر بين البلدين.
وأثبتت تقارير إعلامية روسية بالأدلة تورط أردوغان وأفراد من أسرته فى تجارة ضخمة يديرها مع تنظيم داعش، وعقد صفقات نفط كبرى مع التنظيم الإرهابى، وكشفت العام الماضى بصور التقطتها أقمار صناعية عن نقل داعش للنفط ليلا إلى الأراضى التركية عبر شاحنات تعبر الحدود من سوريا إلى تركيا.
ويرى مراقبون أنه مهما أوهمت تركيا العالم وتنصلت من الجماعات الإرهابية بتصريحات براقة للاستهلاك الخارجى، واحترافها للعبة الكراسى وميلها إلى محور روسيا وإيران فى الأزمة السورية، ستبقى وصمة دعم أنقرة للإرهاب باقية، ولعنات الإرهاب تطوقها من خلال التفجيرات الإرهابية التى أصبحت تقع بشكل يومى فى أنحاء تركيا، يروح ضحيتها الأبرياء من المدنيين الذين يدفعون فاتورة سياسات أردوغان.
وتعد موجة الإرهاب التى تزايدت فى تركيا مؤخرا، أحد أسباب اقتراب النظام التركى للمحور الإيرانى ـ الروسى الداعم للرئيس السورى بشار الأسد، وأجرى هذا المحور مباحثات التسوية بالعاصمة الكازاخستانية يومى 23 و24 يناير الماضى، ورضخت أنقرة لما أصدره البيان الختامى من تأكيد على محاربة تنظيمى "داعش" و"النصرة" وعزلهما، وقال مصدر دبلوماسي تركى: "إننا بصفتنا الدول الضامنة لاتفاقية الهدنة في سوريا، سنؤكد في أعقاب لقاء أستانة عزمنا على محاربة "داعش" و"جبهة النصرة" وسنتبنى هذا الهدف في البيان الختامي". لكنه عاد ليقول "أمامنا هدف يتمثل في فصل المعارضة السورية على الأرض عن "داعش" و"النصرة"، من أجل ضمان صمود الهدنة".
ووفقا لتقارير صحفية، شن النظام التركى عملية درع الفرات، بدعوى تطهير الحدود من تنظيم داعش شمال سوريا العام الماضى، وبهدف منع الأكراد من إقامة كيان كردى على الشريط الحدودى مع سوريا، وما يعتبره تهديدا لأمنه القومى من خلال مجموعات تتبنى نزعات انفصالية من الأكراد داخل تركيا.
أروغان يناقض نفسه
ويعتبر مراقبون أن القرارات الأخيرة للنظام التركى أصبحت متناقضة مع سياساته على الأرض، ويرون أنه لا يعترف بأن الإرهاب واحد مهما اختلفت مسمياته، فمن ناحية يضع تنظيمات قدم لها الدعم على قوائم الإرهاب، ومن ناحية أخرى يستضيف عناصر إرهابية مختلفة التنظيمات على أراضيه من بينهم التنظيم الدولى للإخوان، وعزوا ذلك للضغوط التى يواجهها أردوغان فى الداخل التركى بعد حركة الجيش فى يوليو العام الماضى للإطاحة بنظامه، والتى لا يمكن فصلها عن اعتزام توسيع صلاحياته أيضا وقمع المعارضة.
وفى السياق نفسه، أكد زعيم حزب الشعب الجمهورى كمال كليتشدار أوغلو أن النظام التركى سهل انضمام الأتراك إلى تنظيمى داعش وجبهة النصرة فى أكثر من 70 مدينة تركية، كما حول منذ سنوات أراضى تركيا إلى مقر ومعبر للتنظيمات الإرهابية وقدم مختلف أنواع الدعم لها، بما فيها هذان التنظيمان، المدرجان على لائحة الإرهاب الدولية كما قام بشراء النفط السورى المسروق من تنظيم "داعش"، ويقوم هذا النظام حاليا بالتذرع بحجج واهية عن محاربة الإرهاب الذى يرعاه ويدعمه فى المنطقة لتحقيق مطامعه وأحلامه فى إعادة إحياء السلطنة العثمانية، مستعينا من خلال ذلك بحلفائه من التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها.
وقال كليتشدار أوغلو لقناة خبر تورك إن "رئيس النظام التركى رجب طيب أردوغان انتهج سياسات خاطئة وفاشلة فى سوريا والمنطقة عموما"، مضيفا: "لقد حان الوقت للتخلى عن هذه السياسات التى كلفت تركيا الكثير على الصعيدين الداخلى والخارجى، والشرط الأساسى لنجاح السياسة الجديدة هو التخلى عن دعم الجماعات الإرهابية فى سوريا والمنطقة وانتهاج سياسات مسالمة مع جميع دول الجوار".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة