فتش فى أعماق روح ستجده هناك يختبئ فى مكان ما، ابحث عن جملة تزلزل مشاعرك ستجدك تردد كلمة من كلماته أو مطلع أغنية كتبها، اسأل عن صورة معبرة لموقف أو حالة إنسانية تمر بها ستجد صورا تبهرك خصوصا وإنها غير نمطية تدهشك كيف صاغها بهذه الرقة العذوبة من مفردات حياتنا اليومية وقاموسنا الشعبى _(ما تسرسبيش ياسنينا من بينا ادينا، ياطبق بنور فى السما بيدور فوت مرة وزور قلبى المكسور، ومنين بيجى السواد، من الطمع والعناد.. ومنين بيجى الرضا، من الإيمان بالقضا"، وينفلت من بين إدينا الزمان، كأنه سحبه قوس فى أوتار كمان، وتنفرط الأيام عود كهرمان، يتفرفط النور والحنان والأمان، اه يا بلاد غريبة عدوة ولا حبيبة)_أنه عم سيد حجاب شاعر العامية المصرى المتفرد والذى قلما نجد موهبة تضاهى موهبته، عم سيد كما يناديه كل من اقترب منه، وعرفه عم سيد المعجون بتراب مصر وطمى النيل، وإذا كان فؤاد حداد وصلاح جاهين يشكلان تجربة هامة ومختلفة فى الشعر العامي، وكل منهم يشكل مرحلة لها ملامحها وخصوصيتها فى تاريخ الشعر العامى والغنائي، أيضا سيد حجاب هو واحد من أرباب الشعر العمى وأساطيره والتى نادرا ما تتكرر.
سيد حجاب
عم سيد والذى كان لى شرف تسجيل حلقة تليفزيونية معه، وبعد الحلقة سرنا معا وتحدثنا كثيرا حكى لى بنفس شغف الطفولة وعلامات الدهشة الأولى والتى تصاحب اكتشاف الأشياء عن جلسات المصطبة الشعرية حول الموقد فى ليالى الشتاء الباردة وهو يلقى الشعر للصيادين فى مباراة يلقى فيها كل صياد ما عنده فكان يدون كل ما يقوله الصيادون ويحاول محاكاتهم فى بلدته المطرية والتى تتبع محافظة الدقهلية.
وكيف أخفى عن والده أول قصيدة كتبها عن شهيد باسم "نبيل منصور"، خوفا من أن يكون مستواها غير جيد إلا أن الوالد والمعلم شجعه على المضى قدما فى هذا الاتجاه حتى دخل المدرسة وصادق المعلم الثانى شحاته سليم نصر مدرس الرسم والمشرف على النشاط الرياضى والذى علمه كيف يكتب عن مشاعر الناس فى قريته.
سيد حجاب
عم سيد الذى عرفته قليلا.. كان يغزل كلماته بروح صبر الصياد الذى ينتظر ان تخرج له بلطية من البحر وأحيانا يحلق ويصل إلى اقصى خياله وهو أن يجد اللؤلؤة وجنية البحر المسحورة وبدا ذلك واضحا منذ ديوانه الأول "صياد وجنيه".
واصل عم سيد مشواره، ولكن جاءت تجربة كتابة التترات للمسلسلات التليفزيونية، ورحلة الدراما الغنائية سبقها العديد من الأغانى التى كتبتها فى مناسبات مختلفة، كان أولها أغنية من ألحان "محمد فوزى"، بعنوان: "يا طير يا طاير" عن السد العالي، ثم جاءت أغنية أخرى بعنوان "ياما زقزق القمرى على ورق اللمون" غناء "ماهر العطار"، إلى أن جاءه المخرج محمد فاضل وطلب منه كتابة أغانى مسلسل بعنوان: "جحا المصرى" بطولة الراحل عبد المنعم مدبولى، إلى جانب بعض الأعمال المسرحية التى قام بكتابة أغانيها ومنها مسرحية بعنوان: "حدث فى أكتوبر" مع المخرج كرم مطاوع الذى كرر معه التجربة فى أوبريت "دنيا البيانولا" من بطولة عفاف راضى ومحرم فؤاد وكانت أول صرخة احتجاج ضد الانفتاح الاستهلاكى فى عهد السادات، ثم مسرحية بعنوان: "كلام فارغ جدا" بطولة عبد المنعم مدبولى. ومنها الايام، الشهد والدموع ليالى الحلمية ،وارابيسك وذئاب الجبل والنديم وجع البعاد وغيرها الكثير لتزداد تجربته بهاء وخصوصية، حيث اننا مع كل تتر يكتبه كنا نصرخ من الوجع والشجن.. نتأمل معا كيف صاغ مفردات تتر وجع البعاد عندما صرخ بصوت كل المجروحين قائلا :"اه يا وجع البعاد.. يا بعيد عن العين يا نور العين يا ضى الحق.. طول ما احنا عايشين على بابك ح ننزل دق.. لحد ما تبان لنا وليلنا الطويل ينشق.. وان فج نور فجرنا تضحك قلوب العباد.. واهين يا وجع البعاد.. يا بعيد عن العين يا ساكن جوه ارواحنا.. وجع البعاد فى ليالى الشوق يطوحنا.. نحلم نلاقيك.. لكن الريح يسوحنا.. هوه احنا نوحنا غير لما الوجع فينا زاد".
سيد حجاب
عم سيد رحلت جسدا، ولكنك هنا تعيش بداخلنا فى وجداننا، خصوصا وانك كتبت أحلامنا وآلامنا وأوجعنا، ماعنديش فصاحتك عشان ارثيك ولا اكيد كلامك الحلو المشغول والمغزول بروح صياد ولا عندى صورك المدهشة "بس بقولك من قلبى مع السلامة ياعم سيد ومافيش احلى من كلامك فى تتر الايام اختم بيه "
أيام ورا أيام ورا أيام ورا أيام..لا الجرح يهدى ولا الرجا بينام.. ماشى فى طريق الشوق ماشى.. لكن قلبى مطرح مايمشى يبدر الاحلام.. العتمه سور والنور بيتوارى.. وش للفجارى فى زمان النوح.. ميته تخطى السور يا نوره..ويهل عطرك على الخلا ويفوح.. ويشدنا لقدام.. من عتمه الليل النهار راجع.. ومهما طال الليل بيجى نهار.. مهما تكون فيه عتمه ومواجع.. العتمه سور يجى النهار تنهار.. وضهرنا ينقام.. ايام ايام ايام.
عدد الردود 0
بواسطة:
السندباد المصرى
هنا القاهرة
وداعا ايها المصرى العبقرى فى كلماتك كنا نرى مصر بشخوصها وشوارعها عندما اسمع رائعتك هنا القاهرة التى تلخص مصر الزمان والمكان والانسان حب المصرى لبلده رغم وجعه واماله المحبطه وداعا ايها المصرى الرقيق الاحساس كل كلمة كتبتها هى قطعة من روح مصر ترسم لوحة شاعرية جميلة كانت كلماتك مختلفه ليست مثل كلمات الشعراء الصنيعة المرصوصة بلا احساس لذلك ستعيش كلماتك يا حجاب لتشهد على عبقرية اللهجة العامية المصرية وجمالها ولتمضى انت بجسدك ولتظل كلماتك تترد فى طرقات القاهرة وازقتها وحواريها وعلى شاطى نيلها هنا القاهرة الساحرة رحمك الله