بعد يوم طويل من الدراسة والانشغال بالواجبات المنزلية التى تقوم بها كل فتاة فى مثل سنها، كانت "حنان مقيبل" تجلس فى احد أركان بيتها فى مدينة بئر العبد بشمال سيناء، وفى الخلفية ينساب صوت القرآن الكريم وأحيانًا أغنية لأم كلثوم أو فيروز، تستمتع بالتطريز وتنسيق الألوان مع بعضها البعض التى تتداخل فى أشكال هندسية بديعة، تغزل شالاً بدويًا أو حقيبة أو عدد من الإكسسوارات التراثية وتمزج بين تلك النقوش التى توارثها أبناء سيناء جيلاً بعد آخر وتلك التى تبدعها بخيالها لتكون النتيجة تحفة فنية مشغولة بأصابع اليد.
المهندسة حنان مقيبل
رحلة "حنان" مع هذه الحرفة التراثية بدأت قبل 25 عامًا، تحديدًا منذ دراستها بالثانوية حين تشربت من والدتها فنون التطريز البدوى وحتى الآن ورغم دراستها الهندسة الزراعية، إلا إنها تحرص على الطقس نفسه من وقتٍ لآخر.
إكسسوارات وبرقع سيناوى مشغول يدويًا
ولم تقف هذه الرحلة مع المشغولات التراثية أبدًا على عتبة الهواية وإنما تعمقت فيها بالتوازى مع عملها فى الهندسة الزراعية كما تحكى لـ"اليوم السابع": بعد تخرجى وعملى التحقت بالعمل الأهلى التطوعى، وكنت مديرة لمنتدى التراث السيناوى، وبعدها أسست جمعية أهلية باسم "جمعية تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ببئر العبد" مع مجموعة من السيدات وهى الجمعية التى توليت رئاسة مجلس إدارتها، ونقوم من خلالها بتدريب الفتيات على الخرزة السيناوية وجودة التشطيب والتسويق وفن البيع".
مشغولات سيناوية يدوية
وتضيف حنان: تعمل بالجمعية 30 سيدة وفتاة يتدربن على التطريز السيناوى على القماش الخام، ويصنعن منه شالات وشنط وعباءات وإكسسوارات يتم إنتاجها فى مشغل الجمعية الذى أنشأناه بعد الحصول على منحة من الوكالة الكندية، والمنتجات يتم تسويقها من خلال معارض مؤسسة مصر الخير وهيئة تنشيط السياحة وبعض المؤسسات الخيرية.
توب بدوى فى صورة قديمة وتوب بدوى مشغول يدويًا
ترى "حنان" أن التطريز السيناوى لا يحتاج تعليمًا وإنما تدريبًا فقط وتقول "هو شغل إبداعى من وحى الفطرة أكثر من كونه تعليمى، ونحن توارثناه من جيل إلى جيل، ولكن كل ما تحتاجه الفتيات هو فرصة للتسويق فى ظل الظروف والإمكانيات الصعبة حتى لا يتوقف مشروعهن".
مشغولات يدوية سيناوية من إبداع فتيات بئر العبد
المتانة وروعة الغرزة وإبداع تداخل الألوان وتنوع التصميمات وتميزها بالإضافة إلى تنوع الخيوط وألوانها الزاهية مع الإبداع المتوارث من جيل إلى جيل، كلها مميزات تتمتع بها المنتجات اليدوية السيناوية كما تقول "حنان" التى ترى أن هناك إقبالاً كبيرًا على المنتجات السيناوية اليدوية من ملابس وإكسسوارات، وتقول: "نعمل على كميات كبيرة من المنتجات اليدوية، لذلك أصبحت أنشغل أكثر بالإدارة والتنسيق الإشراف على التصميمات والفتيات والسيدات وتوجيههن فى العمل".
مشغولات يدوية سيناوية