زعيمان جمعت بينهما رابطة مشتركة وهى دعم "الحمائية" أو بمعنى آخر الانتصار لفكرة "بلدى أولًا"، الأول مناهض شرس لأزمة المهاجرين والذى واجه انتقادات لسياسته الانعزالية وكراهية الأجانب فى عصر دولى معقد، والثانية محافظة وتخوض معركة لانفصال بلدها من الاتحاد الأوروبى والتخلص من سيطرته عليها، التقيا فى البيت الأبيض للتأكيد على دعمهما لـ"علاقة خاصة جدًا" بين بلديهما.
وفى أول لقاء ثنائى رسمى يشهده البيت الأبيض بعد دخول ساكنه الجديد، عقد الرئيس الأمريكى الجديد "دونالد ترامب" ورئيسة وزراء بريطانيا "تريزا ماى" مؤتمر صحفى، حيث دعم الرئيس خروج بريطانيا من التكتل الأوروبى واصفًا إياه بأنه سيكون "هدية" للعالم أجمع.
دونالد ترامب وتريزا ماى خلال أول مؤتمر صحفى لهما
تريزا ماى التى تعتبر أول مسئولة أجنبية تزور البيت الأبيض منذ تنصيب ترامب، والتى تسعى لتأمين صفقات تجارية لبلادها بعد الخروج من التكتل الأوروبى، وصفت مباحثاتها مع الرئيس الأمريكى بأنها تعد تطورا مهما وخصوصا فى مجال التجارة.
وعن اتفاق تجارى ثنائى متوقع بين البلدين، والذى سيدعم لـ"ماى" الاستقرار الاقتصادى ويثبت قدرة ترامب على إبرام صفقات ثنائية، علقت رئيسة وزراء بريطانيا قائلة إنها مقتنعة "بأن اتفاقا تجاريا بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة سيحقق المصالح الوطنية للبلدين".
من جانبه قال ترامب إن بلاده تجدد علاقاتها الوطيدة مع بريطانيا على مستويات عدة منها العسكرى والمالى والسياسى، مؤكدًا أن "الولايات المتحدة تحترم سيادة الشعب البريطانى وحقه فى تقرير مصيره".
وخلال اللقاء الثنائى تحدث ترامب عن الصعوبات التى تواجه الدول فى ممارسة الأعمال التجارية فى الاتحاد الأوروبى، كما ألمح عن تدفق المهاجرين إلى الدول الأوروبية، وهو الأمر الذى انتقد فيه سياسة المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" حول قرارها بالسماح لآلاف المهاجرين لدخول بلادها.
ترامب وماى بالبيت الأبيض
وقال ترامب مخاطبًا ماى: "أعتقد أن بريكست (أى الخروج من الاتحاد الأوروبى) سيكون شيئا رائعا لبلدك، وعندما يحدث الانفصال سوف تكون لديك هوية خاصة بك، وسوف يكون فى بلدك الأشخاص الذين تريدين أن يكونوا بها، وسف تتمكنين من إبرام اتفاقيات تجارة حرة دون الحاجة لأشخاص تراقب ما تفعليه".
وتطرق اللقاء لأحد نقاط الخلاف بين البلدين وهو تعاملهما مع حلف الناتو، حيث أشارت "تيريزا ماى" إلى أن ترامب، المنتقد للتحالف، يدعمه "مئة بالمئة"، وذلك بعد مباحثات أجريت بين الجانبين، كما أكدت ماى التى ترى فى الحلف "حصن دفاعى جماعى" أنها من جانبها ستشجع قادة الاتحاد الأوروبى على إنفاق 2% من دخلهم القومى لتمويل الحلف، وهو ما شكل محور شكوى "ترامب" من استمرار بلاده فى دعم "الناتو" الذى وصفه فى السابق بأنه "باليا وقد عفى عليه الزمن".
وعن نقطة خلاف أخرى وهى روسيا قال ترامب إن الوقت لازال باكرًا للحديث عن رفع العقوبات التى فرضتها الإدارة الأمريكية السابقة على موسكو، لكنه أشار إلى أن إقامة علاقة عظيمة مع روسيا والصين سيكون شيئًا إيجابيًا.
من جانبها علقت صحيفة الجارديان على اللقاء فى افتتاحيتها أنه مر بشكل جيد، على الرغم من أنه كان من المتوقع أن تواجهه مشكلات بسبب الخلافات بين الجانبين حول روسيا والناتو، وبسبب تصريحات ترامب الأخيرة "المخجلة" عن إدراج التعذيب كأداة ضمن الاستجوابات.
ووصفت الصحيفة البريطانية تصريح "ماى" بدعم ترامب لحلف الناتو بأنه "أكبر هدية سياسية" حال تم تحقيقه، لكنها تشككت فى إذا كانت "ماى" لا يزال لديها نفوذ لتحقيق ما وعدت به من إقناع دول الاتحاد الأوروبى لتمويل الحلف.
ترامب وماى بالمكتب البيضاوى بجانب نصف تمثال ونستون تشرشل
ترامب وماى
وأشارت الصحيفة إلى أن سياسيين أوروبيين أوضحوا أن اجتماع ترامب وماى قد يعكر صفو مفاوضات بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبى.
وفى السياق ذاته وتعليقًا على لقاء ترامب وماى زعم وزير الاقتصاد والصناعة السابق فى فرنسا، والمرشح الرئاسى "إيمانويل ماكرون" أن بريطانيا أصبحت دولة "تابعة" للولايات المتحدة الأمريكية، حسبما نقلت الجارديان عن تصريحاته لراديو فرنسا الثقافى.
وقال المرشح اليسارى الفرنسى إنه يخشى أن الآن قد لا يعتبر الاتحاد الأوروبى أمريكا كشريك موثوق به فى الحفاظ على القيم الغربية بسبب تصريحات الرئيس الأمريكى الجديد "المثيرة للقلق والخطيرة" التى لم تعد تضمن أمن أوروبا.
وخلال المؤتمر أشارت ماى إلى أن ترامب قبل بأن يزور بريطانيا مع السيدة الأولى ميلانيا فى وقت لاحق من السنة الجارية.