استطاع الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب أن يفرض نفسه بقوة على المشهد داخل الجلسات الأولى لمجلس النواب فى دورته الجديدة، ليس بمناقشات ومداولات، بل بتغريدة لا تزيد عن 140 حرفا على موقع المدونات المصغرة "تويتر".
وكتب ترامب: "بكل ما لدى الكونجرس من عمل هل عليهم حقا جعل إضعاف لجنة القيم المستقلة.. عملهم وأولويتهم الأولى.. التركيز على الإصلاح الضريبى والرعاية الصحية وأشياء أخرى كثيرة أهم كثيرا".
وكانت بداية انعقاد الدورة الجديدة للكونجرس الأمريكى شهدت حالة من الفوضى مع تراجع المجلس التشريعى، الذى أصبح تحت سيطرة الجمهوريين لفترة جديدة عن سعيهم لتقييد هيئة الرقابة الأخلاقية، فيما سيطرت حالة من الانقسامات الداخلية على الجمهوريين مع سعى الكثير من النواب إلى حماية أنفسهم من التدقيق المكثف.
وكان الاضطراب قد بدأت ملامحه فى اليوم السابق لانعقاد الكونجرس مع اتفاق الجمهوريين خلف الأبواب المغلقة يوم الاثنين الماضى، وبرغم اعتراض بول راين، الذى أعيد انتخابه رئيسا للمجلس، على تعديل القواعد بشكل يحد بدرجة كبيرة من عمل مكتب أخلاقيات الكونجرس المستقل.
ووجد الجمهوريون حالة من الغضب العارم ضد موقفهم، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى بانتقادات للنواب الذين يحاولون "تلجيم" مكتب الأخلاقيات، الذى تم إنشائه قبل حوالى 10 سنوات فى أعقاب العديد من الفضائح، وتوجه الناخبون الغاضبون إلى مكاتب نوابهم وطالبوا باحتجاجات، بينما وجه الصحفيون أسئلة عديدة للنواب حول الأمر، وبدت قاعات الكابيتول فى حالة من الفوضى.
وتم إنشاء مكتب أخلاقيات الكونجرس فى عام 2008 ردا على المخاوف بأن لجنة الأخلاقيات كانت محدودة للغاية فى متابعة مزاعم المخالفات من قبل أعضاء مجلس النواب، ووفقا لنظام الأخلاقيات الجديد فى المجلس، فإن المكتب سيكون له سلطة إصدار بيان عام بشأن نتائجه حتى لو اختارت لجنة الأخلاقيات ألا تتخذ أى إجراءات أخرى ضد العضو المعنى بالتحقيق.
وجاء الاعتراض الأكبر على الإطلاق، حيث وبخ الرئيس المنتخب دونالد ترامب الكونجرس فى تغريديتن على "تويتر"، لجعله إضعاف الهيئة المعنية بالرقابة الأخلاقية الأولوية الأولى له فى الدورة الجديدة، وفى التغريدة الثانية، نشر ترامب هاشتاج بأحد وعوده الانتخابية الشهيرة "تجفيف المستنقع".
ورأت صحيفة "واشنطن بوست" أن الأحداث التى شهدها الكونجرس فى بداية انعقاده توضح مدى قوة صوت ترامب فى مناقشات الكابيتول، فتغريدات الرئيس المنتخب هيمنت عل كل شىء، وساعدت على تحويل ما كان يمكن أن يكون نقاشا داخليا لتغيير القواعد إلى مشاجرة وطنية على الأخلاقيات الحكومية.
وقالت واشنطن بوست فى تقرير لها إن الأحداث كانت تقع بشكل سريع، فمع استخدام ترامب لرصيده السياسى فى الكونجرس، كان قادة مجلس النواب من الجمهوريين يجتمعون فى مكتب بول ريان يتناقشون حول ما حدث خلال الجلسة، وكيف يمكن تجاوزه.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية إن ما حدث يعد تذكيرا بالانقسامات العميقة داخل الحزب الجمهورى، التى كانت تظهر بين الحين والآخر خلال السنوات الستة الماضية من الحكم المقسم، لكن بعد فوزهم بالبيت الأبيض، فإن الأمور ستبقى تحت سيطرتهم، كما أنه يشير إلى قدرة ترامب على قراءة الغضب الشعبى، وفى هذه القضية تحديدا استطاع أن يسيطر على الأمر.
وكتب رايموند ستوك، المؤرخ الأمريكى للكونجرس: "أن يكون العمل الأول للمجلس فى دورته الجديدة هو السعى لكبح جماح مكتب الأخلاقيات المستقل، فإن هذا أسوأ مؤشر يمكن إرساله، وكان سيحدث على عكس قادة الحزب، وهو ما يثير الشكوك حول مدى فعالية قيادة مجلس النواب فى السيطرة على أعضائه ورؤساء لجانه.
وكان الأعضاء الجمهوريون فى مجلس النواب قد تحدوا قادة حزبهم، وصوتوا خلف الأبواب المغلقة، على الحد من سلطات مكتب الأخلاقيات المستقل، الذى تم إنشاؤه قبل ثمانية أعوام فى أعقاب سلسلة من الفضائح المحرجة بالكونجرس.