كشفت صحيفة نيويورك تايمز فى تقرير لها وقائع حرب باردة جديدة تجرى معاركها بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتصوب مدافعها هذه المرة تجاه أهداف حيوية، هى الجالس على مقعد الرئيس فى البيت الأبيض، لتنتزع موسكو بذلك ثأرا طال انتظاره، ردا على تسريب وثائق بنما، وفضيحة منشطات الرياضيين الروس.
حيث قالت الصحيفة فى تقريرها إن تقرير أجهزة الاستخبارات عن التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية يصور جزءا واحدا فقط من حملة دعاية على الغرار السوفيتى. إلا أنها كانت حملة أكثر قوة بشكل هائل بفضل أدوات العصر الإلكترونى، من الإيميلات الخاصة التى يتم اختراقها من قبل القراصنة.
ووفقا للتقرير، فإن التدخل الفاضح من روسيا فى صميم الديمقراطية الأمريكية، حسبما رآه أغلب الأمريكيين، كان جزءا من حرب معلومات قائمة منذ أمد طويل لا تشمل فقط قراصنة غامضين ومواقع إلكترونية منبثقة، ولكن يشمل المزيد من الوسائل الإخبارية التقليدية مثل شبكة روسيا اليوم. وكانت التدخل فى الانتخابات من أجل الإضرار بهيلارى كلينتون ورفع حظوظ دونالد ترامب.
ورأت الصحيفة أن هذ اللحظة فارقة للغاية بالنسبة لوكالات الاستخبارات الثلاثة، "السى أى إيه" و"الإف بى أى" و"وكالة الأمن القومى"، التى أعلنت عما ورد فى التقرير. حيث قالوا للرئيس الجديد أنه تم انتخابه بمساعدة قوية وغامضة من عدو، المجرم المستبد الذى يحكم روسيا، فى إشارة إلى الرئيس بوتين.
واستخدم التقرير لغة حادة غير معتادة عندما قال إن بوتين والحكومة الروسية تطلعوا إلى تعزيز فرص انتخاب دونالد ترامب عندما كان هذا ممكنا بالتشكيك فى وزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون ومعارضتها بشكل يصب لصالح ترامب.
وكان التأكيد الأهم فى التقرير هو أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين رأى أن هجوم الانتخابات هو رد على ما فعلته أمريكا، وأنه ليس جريمة ولكنه دفاع. فهو يحمل ضغينة كبيرة ضد كلينتون التى يعتقد أنها أساءت له عندما كانت وزيرة للخارجية، وشجعت الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية فى موسكو، التى اندلعت ضده فى عام 2011.
ووفقا للتقرير، يرى "بوتين" أن الولايات المتحدة لها اليد الخفية فى تسريب وثائق بنما، والملفات المسروقة من مكتب للمحاماة كشف عن ثروات أقرب المقربين له وحساباتهم فى الخارج. كما أن موسكو تلوم الولايات المتحدة على الكشف عن استخدام الرياضيين الروس للمنشطات.
وقال كريستوفر بورتر، الضابط السابق بالاستخبارات الأمريكية الذى درس الهجمات الإلكترونية، إنه من وجهة نظر الروس، ما حدث هو رد على ما تعرضوا له، وربما لا تعتقد واشنطن أن هذا عدل أو مبرر، لكنهم، أى الروس، يرون الأمر كذلك.
وأضاف بورتر إن بوتين لا يخفى سرا رؤيته للولايات المتحدة بأنها عن طريق تعزيز الديمقراطية فى دول مثل أوكرانيا وجورجيا قد تدخلت فى المنطقة الخلفية لروسيا وحاولت تقويض قوتها.
وتشير "نيويروك تايمز" إلى أن ما يظل غائبا فى التقرير المعلن هو الأمر الذى يتوقعه الأمريكيون بفارع الصبر، وهو الدليل القوى الذى يدعم استنتاجات أجهزة الاستخبارات بأن الحكومة الروسية كانت وراء هجوم الانتخابات. وهذا إغفال كبير، فقد أعرب ترامب طيلة شهور عن شكوكه بأن روسيا تتحمل المسئولية، وتساءل عما إذا كانت الصين هى من تقف وراء هذا الهجوم الإلكترونى أو حتى أشخاص من داخل أمريكا.