لا يتوقف السلفيون عن إثارة الغبار أينما حلوا، مستندين إلى رؤى أحادية تفسر الدين بشكل واحد لا يقبل الأخذ والرد واختلاف الأفهام، ويعبر عن هذه النظرة جانب من المواد المنشورة عبر المنابر الاعلامية التابعة للدعوة السلفية وذراعها السياسى حزب النور، إذ تتضمن في كثيرا منها طعنا وتكفيرا للآخر وتناول "مخل" للتيارات الفكرية والسياسية المختلفة، بما قد يترتب عليه فى نهاية المطاف تحريضا على الايذاء البدني في حق من وصفوا بـ"الكفر" عبر منابر السلفيين ، ورغم أن عددا من المحاولات جرت بعد عزل محمد مرسى عن السلطة لتنقية مواقع السلفيين من الفتاوى التكفيرية، مثلما حدث مع موقع "صوت السلف" فى نسخته الجديدة التى خضعت لعملية "تجميل" سياسى تتفق مع مرحلة مابعد سقوط مشروع الإسلام السياسى في مصر، لكن الواقع مع ذلك يشير إلى أن جانب المواد المنشورة لازالت تنضح بالتكفير والتجاوز في حق الآخر بسبب أن "التجميل" فى الهيئة لم يصل إلى "التجديد" فى الفكر.
مؤخّرًا نشر موقع رسمى ناطق باسم الدعوة السلفية وذراعها السياسية "حزب النور"، مقالا للداعية السلفى أحمد فريد، أحد مؤسسى الدعوة وأحد آباء الحزب الروحيين، يتضمن هجومًا عنيفًا على التوجهات الليبرالية والعلمانية، إذ وصفهما بـ"القنوات العفنة"، و"الكفر بالدين والأخلاق"، بحد زعم صاحب المقال، فيما اعتبر ليبراليون وعلمانيون هذه التصريحات تحريضًا صريحًا ضد المجتمع المصرى، مؤكدين أن شيوخ الدعوة السلفية يتحدثون عن الليبرالية والعلمانية دون قراءة كتاب واحد عن أى منهما.
وقال الشيخ السلفى أحمد فريد فى المقال الذى حمل عنوان "أيها الملحد اركب معنا": "اُحذِّر الشباب والفتيات من هذا المستنقع الخبيث، مستنقع الإلحاد، وأقول لهم احذروا العلمانية والليبرالية، فإنها قنوات عفنة تصب فى هذا المستنقع الآثم، مستنقع الإلحاد، فالعلمانية هى اللادينية، أو الحياة بعيدًا عن الدين، والليبرالية أضَلّ سبيلا، فهى الكفر بالدين والقيم والأخلاق، وهى عبادة الهوى، فهذه المذاهب الباطلة والأفكار المنحرفة تصل بمن سلك سبيلها فى نهاية المطاف إلى الإلحاد، وهو إنكار وجود الله عزّ وجلّ، واعتقاد أن الكون وُجد صُدْفة بلا مُوجِد أو أنه أوجَد نفسَه، فهو الخالق والمخلوق".
الشيخ السلفى أحمد فريد
أحمد فريد يتهم العلمانيين بالكفر والزنا وترك الأخلاق ويعتبرهم "عبيد الهوى"
كان "فريد" قد ألقى مجموعة من الخطب المصورة تحت العنوان نفسه، ونشرتها الدعوة السلفية فى أكتوبر الماضى، وقال وقتها إنها رسالة من تأليفه ضد الإلحاد، ثم أعاد موقع "الفتح" نشرها، وقال "فريد" فى تسجيل له: "العلمانية الحياة اللادينية والليبرالية أضل سبيلاً، لأنها التطور للعلمانية، موضّحًا أن العلمانية هى ترك الدين، أما الليبرالية فهى ترك الأخلاق والأعراف والقيم"، على حد قوله.
وأضاف الشيخ السلفى: "قد عرف الله سبحانه وتعالى الليبرالية فى قوله تعالى (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) فالليبرالى عبد الهوى، يزنى كما يشاء ويشرب الخمر كما يشاء، وهذه القنوات العلمانية والليبرالية، من سلك سبيلها، فإنها توصل صاحبها للإلحاد".
حسام الخولى
نائب رئيس "الوفد": ما قاله الشيخ السلفى تكفير وتحريض صريح على مصر بأكملها
على الجانب المقابل لتصريحات الشيخ السلفى، انتقد المهندس حسام الخولى، نائب رئيس حزب الوفد، أعرق الأحزاب الليبرالية فى مصر، ما قاله أحد مؤسسى الدعوة السلفية فى تعريفه لليبرالية، معتبرًا مقال أحمد فريد تكفيرًا وتحريضًا صريحًا على المجتمع المصرى بأكمله، وأن هؤلاء الشيوخ يهاجمون الليبرالية دون أن يقرأوا عنها.
وقال "الخولى" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "ما نشر فى المواقع السلفية تحريض علينا وعلى المجتمع المصرى"، داعيًا لضبط أمور الدعوة والحديث فى الشؤون الدينية، وأن يكون الحق فى الحديث عن الدين الإسلامى للمسؤولين فى المؤسسات الدينية الرسمية فقط، سواء الأزهر الشريف أو دار الإفتاء أو وزارة الأوقاف، متابعًا: "نسبة الأمية فى مصر تصل لـ40%، فأى شخص أمى يتلقى مثل هذا الكلام من الممكن أن يستخدمه فى ارتكاب أعمال إرهابية، والليبرالية تعنى الحرية بما لا يضر الآخرين، وهى لا تخالف الدين الإسلامى الذى حث عليها".
شريف الشوباشى
شريف الشوباشى: السلفيون يتحدثون عن العلمانية دون معرفة.. ويكفرون الجميع
فى سياق متصل، هاجم الكاتب العلمانى شريف الشوباشى، ما نشره الموقع الرسمى للدعوة السلفية، قائلا: "هؤلاء يتحدثون عن العلمانية ولا يعرفون معناها، وقد عملوا على تشويهها، إذ أوهموا الناس أن العلمانية ضد الدين وأنها كفر، والحقيقة غير ذلك، فالعلمانية هى فصل الدين عن السياسة".
وأضاف "الشوباشى" فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، قائلاً: "بالنسبة للعلمانية فكل الناس متساوون، وهذا الأمر يتناقض مع الفكر السلفى الذى لا يؤمن بالمواطنة أو المساواة، فالفكر السلفى يكفر جميع الأديان السماوية وغير السماوية، بل إن السلفية الحديثة تعتبر الشيعة والصوفيين كفارًا، ووصف الدعوة السلفية للعلمانية بالكفر يُعيدنا مئات السنين إلى الوراء، كما أنه يثير الفتنة فى المجتمع المصرى من قبل السلفيين".