مسجد السيدة زينب – أسس عام 1302 هجرية 1884/ 85م - هو أحد أكبر وأشهر مساجد القاهرة القديمة، حيث ينسب إلى زينب بنت على بن أبى طالب، وهى ابنة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة الزهراء - وقد أجمع المؤرخون على موفور فضلها ورجاحة عقلها وغزارة علمها، وقد شهدت مع شقيقها الحسين موقعة كربلاء وشاهدت استشهاده، حيث يروى بعض المؤرخين أن السيدة زينب - رضى الله عنها - رحلت إلى مصر بعد معركة كربلاء ببضعة أشهر واستقرت بها 9 أشهر ثم ماتت ودفنت حيث المقام الذى نعرفه الآن، والذى بنى فقه المسجد.
لا يعرف على وجه التحديد متى تم إنشاء المسجد أعلى قبر السيدة زينب، فلم تذكر المراجع التاريخية سوى أن يد الإصلاح والتعمير تناولته فى أوقات مختلفة، ففى العصر العثمانى قام على باشا الوزير والى مصر من قبل السلطان سليمان بعمارة فيه فى سنة 956 هـ/ 1549م، كما قام عبد الرحمن كتخدا فى سنة 1174هـ/1761م بإعادة بنائه، وفى سنة 1212هـ/1798م ظهر خلل بالمسجد فقام عثمان بك المرادى بهدمه وشرع فى بنائه وارتفع بجدرانه وأقام أعمدته ولم يتم البناء نظرا لدخول الفرنسيين مصر، وبعد خروجهم منها استؤنف العمل إلا أنه لم يتم فأكمله محمد على الكبير رأس الأسرة الملكية، ومنذ ذلك التاريخ أصبح مسجد السيدة زينب محل عناية أعضاء هذه الأسرة وموضع رعايتها فقد شرع عباس باشا الأول فى إصلاحه ولكن الموت عاجله فقام محمد سعيد باشا فى سنة 1276 هـ/1859- 60م بإتمام ما بدأه سلفه وأنشأ مقامى العتريس والعيدروس الآتى ذكرهم بعد.
والمسجد القائم الآن أمر بإنشائه الخديو توفيق وتم بناؤه سنة 1302 هـ/1884- 85م وفى عهد الملك فاروق تم توسيع المسجد من الجهة القبلية وافتتح هذه التوسعة بصلاة الجمعة فى 19 من ذى الحجة سنة 1360 هـ/1942م.
تشرف واجهة المسجد الرئيسة الآن على الميدان المسمى باسم السيدة زينب، كما يعتبر الحى الذى يقع فيه المسجد - والذى يحمل اسم صاحبة المقام أيضا - من أشهر الأحياء الشعبية بالقاهرة حيث يكتظ بالمقاهى ومطاعم الأكلات الشعبية، وقد اعتاد الكثير من الناس، خاصة فى شهر رمضان، على الذهاب إلى مقاهى هذا الحى وتناول وجبات السحور، ومن أشهر معالم هذا الحى بجوار مسجد السيدة زينب أيضا شارع زين العابدين وهو شارع موازى للمسجد ويعد من أكبر الشوارع التجارية فى القاهرة.
يوجد بالوجهة الرئيسة للمسجد ثلاثة مداخل تؤدى إلى داخل المسجد مباشرة. وترتد الوجهة عند طرفها الغربى وفى هذا الارتداد باب آخر مخصص للسيدات يؤدى إلى الضريح وتقوم المئذنة على يسار هذا الباب. ويحيط بالركن الغربى البحرى سور من الحديد ويقع به قبتان صغيرتان ملتصقتان محمولتان على ستة أعمدة رخامية بواسطة سبعة عقود أقيمتا على قبرى العتريس والعيدروس.
وتقع الوجهة الغربية على شارع السد وبها مدخل على يساره من أعلى ساعة كبيرة وللمسجد وجهتان أخريان إحداهما على شارع العتريس والأخرى على شارع باب الميضة. وأنشئت وجهات المسجد ومنارته وقبة الضريح على الطراز المملوكى وهى حافلة بالزخارف العربية والمقرنصات والكتابات.
والمسجد من الداخل مسقوف جميعه، حمل سقفه المنقوش بزخارف عربية على عقود مرتكزة على أعمدة من الرخام الأبيض ويعلو الجزء الواقع أمام المحراب شخشيخة كما يعلو الجزء الأوسط من المسجد قبل التوسيع شخشيخة بها شبابيك زجاجية بوسطها قبة صغيرة فتح بدائرها شبابيك من الجص المفرغ المحلى بالزجاج الملون.
ويقع الضريح بالجهة الغربية من المسجد وبه قبر السيدة زينب رضى الله عنها تحيط به مقصورة من النحاس تعلوها قبة صغيرة من الخشب. ويعلو الضريح قبة مرتفعة ترتكز فى منطقة الانتقال من المربع إلى الاستدارة على أربعة أركان من المقرنص المتعدد الحطات ويحيط برقبتها شبابيك جصية مفرغة محلاة بالزجاج الملون.
وقد عملت التوسعة من الداخل على نظام باقى المسجد وهى تشتمل على صفين من العقود المحمولة على أعمدة رخامية تحمل سقفا من الخشب المنقوش بزخارف عربية وبوسطه شخشيخة مرتفعة عنه بها شبابيك للإضاءة. وقد بنيت وجهات هذه التوسعة بالحجر على طراز وجهات المسجد الأخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة