كشفت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، أمس الأحد، تفاصيل جديدة ومثيرة فى القضية الرئيسية المتهم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، مؤكدة أن الشبهات ضده مدعمة بـ"تسجيلات صوتية" تدينه وتؤكد تورطه فى قضايا الفساد الكبرى.
وتركز القضية التى يطلق عليها اسم "ملف 2000" على الاتصالات التى جرت بين نتنياهو وأصدقائه من رجل الأعمال الكبار مقابل فوائد ومميزات متبادلة، وقد تسلم المحققون بالشرطة الإسرائيلية توثيقا لها.
صفقة المال والسلطة
وحسب الشبهات تتركز القضية الكبرى المتهم فيها نتنياهو، حول صفقة كبيرة بين المال والسلطة، فهى لا تتعلق فقط بحقائب مليئة بالأموال مقابل تسهيل احتكار الغاز أو تحويلات بنكية بمبالغ ضخمة فى حسابات مشفرة مقابل امتيازات فى البنية التحتية أو فى مجال التعدين، لكنها تتعلق بواقع يحاول فيه رجال الأعمال عقد تحالف بينهم، وهو تقديم دعم مالى ضخم يساعد رئيس الحكومة على مواصلة السيطرة على الحكم مقابل استغلال قوته لضمان إنجازات ضخمة لهم تقدر بمبالغ طائلة.
وأوضحت هاآرتس، أن هذا التحالف تم توثيقه من جانب جهات التحقيق والمفاوضات بشأنه تحتم إجراء تحقيق جنائى فورى، وأنه حين كشف بقية تفاصيل القضية، ستسلط الأضواء حول طريقة اتخاذ القرارات فى قيادة الدولة.
نتنياهو لن يستطيع نفى التهم
وأكدت الصحيفة أن القضية تقوم على أدلة راسخة سيكون من الصعب نفيها من جانب نتنياهو، لافتة إلى أن تلك الأدلة ستثير أصداء أكبر من الأدلة التى سلمتها مستشارة رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت شولا زكين والتى أدت للنهاية إلى سجنه، مشيرة إلى أن هناك سلسلة من التسجيلات التى يسمع فيها صوت نتنياهو، وقالت شخصيات تحدثت مع نتنياهو بعد التحقيق الثانى معه، يوم الخميس الماضى، أنه فوجئ بالأدلة ضده.
وأوضحت هاآرتس، أن تفاصيل هذه القضية ستثير ضجة لأن نتنياهو بدا طوال سنوات بعيدا عن مستنقع المال والسلطة الذى سبح فيه بمهارة نظرائه السابقين آرئيل شارون وإيهود اولمرت، مضيفة أن نتنياهو، كان قد وصف نفسه فى الماضى بأنه شخص حذر، وربما تكون أخطاؤه مثيرة للغضب من ناحية عامة، لكنها قليلة، ولكن حين سيتم نشر تفاصيل القضية الخطيرة يمكن لهذه الفرضيات الأساسية أن تتغير.
القضية تتحول جنائيا
وقالت الصحيفة الإسرائيلية، أن هذه المواد المفخخة وصلت إلى طاولة المستشار القانونى للحكومة، ابيحاى مندلبليت، فى ربيع العام الماضى، وظل لفترة طويلة محتفظ بها داخل مكتبه إلى أن خرجت مصادر من مكتبه فى نهاية الاسبوع، تعلن أن القضية خطيرة من ناحية عامة وتلامس حدود العمل الجنائى، وبعد أن أخفى المعلومات عن الرأى العام بدون أى مبرر، سارع المستشار إلى تحويل القضية للتحقيق معه فيها.
وأوضحت هاآرتس إلى أن قضية نتنياهو الثانوية، التى تتعلق بتلقيه هدايا ثمينة باهظة الثمن كرشوة، تُستقبل ببلادة، وأن التفسير لذلك يمكن أن يكمن فى ما حدث خلال العقد السابق، فى حينه شاهد الإسرائيليين رئيسهم المشبوه بالاغتصاب والمتحصن فى ديوان الرئاسة، ورئيس حكومة تصب الملايين فى حساب ابنه من اصحاب المصالح، ورئيس حكومة آخر كان مسئولا عن الأسرار النووية وتلقى مغلفات مليئة بالدولارات، ووزير مالية راكم فى حسابه البنكى الأموال التى سحبها من تنظيم عمالى، ووزير داخلية خبأ فى الخزينة مئات آلاف الدولارات واشترى فيلات على شاطئ البحر بأموال اصحاب رؤوس الأموال.
وقالت الصحيفة العبرية إن طوال سنوات ماضية دارت حكايات عن رئيس الحكومة، دلت على ميله الواضح لاستغلال مكانته الرسمية والحصول من أصحاب الأموال فى إسرائيل والعالم على تمويل، طوال حياته، كرحلات طيران فى الدرجة الأولى، والنزول فى فيلل فاخرة يمتلكونها، وأخيرا سيجار كوبى وزجاجات شامبانيا وبدل راقية.
ورغم الكثير من التحقيقات التى نشرت منذ بداية سنوات التسعينيات عن بخله، وعن التمويل الغريب لاحتياجاته من أموال الدولة، واصل نتنياهو سلوكه الذى يدل فى الأساس على حكم مشكوك فيها.
المطالبة باستقالة نتنياهو
وفى المقابل، تزايدت الأصوات المطالبة باستقالة نتنياهو، فى ظل بدء التحقيق الجنائى معه. وقالت النائبة تسيبى ليفنى من "المعسكر الصهيونى" المعارض، إن سلوك نتنياهو يفقده الحق الأخلاقى بالبقاء رئيسا للحكومة، وذلك بسبب التحقيقات معه، مضيفة أنه يجب أن يقرر إذا كان يريد أن يكون قلة حاكمة أو رئيس حكومة.
فيما قالت عضو الكنيست شيلى يحيموفيتش: "لقد اقتربت اللحظة التى يجب فيها على نتنياهو الاستقالة، هذا فساد يثير الاشمئزاز، لقد تمتع نتنياهو بكل بساطة بأسخياء وفروا له بشكل متواصل المتعة الثمينة، على غرار مغلفات تالينسكى فى قضية أولمرت، نتوقع من كل صاحب ايدى نقية أن لا يواصل العمل تحت قيادة رئيس حكومة فاسد".
تحركات لتشكيل حكومة جديدة
وكان قد بدأ رئيس حزب "كلنا"، وزير المالية موشيه كحلون، اتصالات مع "المعسكر الصهيوني" لدراسة إمكانية تشكيل حكومة بديلة فى حال استقالة نتنياهو.
وحسب تقرير التلفزيون الإسرائيلى فان كحلون ينوى فحص الأمر مع الرئيس الإسرائيلى رؤوبين ريفلين، بهدف منع حل الكنيست وإجراء انتخابات جديدة، لكن كحلون نفى هذا الأمر بشكل قاطع، وكتب على صفحته فى تويتر، أن "النشر عن جس النبض لتشكيل حكومة بديلة لا اساس له من الصحة، ولم اتحدث فى هذا الموضوع لا مع رئيس الدولة ولا مع رئيس المعارضة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة