بالرغم من أن الدول العربية أصدرت بيانات متتالية تدعم استراتيجية ترامب الجديدة تجاه إيران، التى أقر فيها بعقوبات جديدة على مؤسسة الحرس الثورى الإيرانية ورفض إقراره بالتزام إيران بمخرجات خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووى)، إلا إن القوى الدولية وأوروبا يناطحون ترامب ويرفضون استراتيجيته تجاه إيران.
مشكلة فى التفاوض
من جانبها أعلنت روسيا رفضها الإجراءات الأمريكية الجديدة ضد إيران، مطالبة كل الأطراف بمواصلة الالتزام بالاتفاق النووى، وقال وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، بأن موقف واشنطن بشأن الاتفاق حول البرنامج النووى الإيراني، يشير إلى مشكلة فى قدرة الولايات المتحدة على التفاوض.
وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف
ونقلت وسائل الإعلام الروسية، اليوم الاثنين، عن لافروف بينما يتحدث فى مهرجان الشباب والطلاب بمنتجع سوتشى على البحر الأسود: "قبل عامين تم التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووى الإيرانى ووافق عليه مجلس الأمن الدولى ورحب به العالم بأسره. الآن واشنطن تخرج منه، هذه مرة أخرى، مشكلة التفاوض تظهر كقيمة السياسة الخارجية لديهم".
وقبل إعلان الرئيس ترامب استراتيجيته بخصوص إيران أكدت روسيا موقفها الصلب الداعم لإيران فى مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية وأعرب وزير الخارجية الروسى، عن أمل بلاده بأن يكون القرار النهائى للرئيس الأمريكى، بشأن الصفقة النووية مع إيران متزنا. وقال لا فروف: "نأمل أن يكون القرار النهائى الذى سيتخذه الرئيس الأمريكى متزنا، وأن ينطلق من الوقائع الحالية، إنها كالتالي: هذا البرنامج مطلوب جدا جدا". وقبيل الخطاب استدعت الخارجية الروسية القائم بأعمال السفير الأمريكى فى موسكو وأبلغته رفضها الكامل لخرق الاتفاق.
تعهد بإنقاذ الاتفاق
فى السياق تعهد الاتحاد الأوروبى اليوم الاثنين بالدفاع عن الاتفاق النووى المبرم مع إيران يوم 14 يوليو بالعام 2015م، وحث أعضاء الكونجرس الأمريكى على عدم العودة لفرض العقوبات بعد أن اختار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ألا يقر بالتزام طهران بالاتفاق.
مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى فدريكا موجرينى
وأصدرت برلين وبارس ولندن بيانا موحدا طالبوا فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب بالاتزام بمخرجات الاتفاق، كما قادت ألمانيا وفرنسا الأصوات المحذرة للولايات المتحدة، أقرب حليف للاتحاد الأوروبى فى السياسة الخارجية، من أن أى إضعاف للاتفاق الذى يمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية قد تكون له عواقب وخيمة على السلام.
وقال وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لو دريان للصحفيين "منع الانتشار النووى من العناصر الأساسية المتعلقة بالأمن العالمى والإضرار به سيكون مضرا للغاية ونأمل ألا يعرض الكونجرس الأمريكى الاتفاق النووى الإيرانى للخطر".
وأضاف الوزير الفرنسى قائلا: "إن خطة العمل الشاملة المشتركة هى اتفاق كبير فى مكافحة الانتشار النووى، ونأمل حقا فى أن يضغط الاتحاد الأوروبى أيضا على الكونجرس حتى لا يشكك فى هذا الاتفاق".
موقف فرنسى منفرد
بموازاة ذلك اتخذت فرنسا موقفا أكثر وضوحا تجاه إستراتيجية ترامب من خلال تحركين أولهما إعلانها عن احتمال زيارة الرئيس المنتخب إيمانويل ماكرون لإيران بناء على دعوة من نظيره الإيرانى حسن روحانى، ليصبح بذلك أول زعيم أوروبى يزور إيران بعد نجاح الثورة الإسلامية عام 1979.
الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون
فضلا عن ذلك تحدث ماكرون أمس الأحد فى مقابلة تلفزيونية مع قناة "تي.في.1"، منتقدا سلوك ترامب تجاه إيران، ومؤكدا أن نهجه مع إيران سيخلق كوريا شمالية جديدة، مضيفا "أن الضغوط التى يمارسها الرئيس الأمريكى، على إيران غير فعالة ويمكن أن تؤدى إلى ما يشبه أزمة كوريا الشمالية.
وأوضح ماكرون قوله: "ترامب يتبع نهجا سيئا، وقد أوضحت له أن هذا النهج سيئ ويكفى أن ننظر تطور الأوضاع مع كوريا الشمالية، لقد أوقفنا معها كل المفاوضات، وبعد سنوات، استيقظنا لنرى أنها تبعد خطوة عن الحصول على أسلحة نووية".
وفى ضوء تلك الحقائق يبدو أن استراتيجية الرئيس ترامب تواجه برفض دولى كامل، مع احتمال أن تفقد واشنطن حلفاءها بعيد هذه الاستراتيجية التى يبدو أنها لن يكتب لها النجاح فى ظل "الحماية" الدولية لإيران وتعهد المجتمع الدولى "بإنقاذ" الاتفاق النووى، ما يعنى فى المحصلة أن رغبة ترامب فى حشد الدول ضد إيران يجدى ولن تؤتى أكلها.