تشع الفرحة من ألوان خيوطه.. عم سلامة الذى قارب على 70 عاما أحب مهنته فأحبته وفاضت عليه بهجة مع أولاده وأحفاده.
فى موقع بالقرب من الغورية بميدان أصلان بالدرب الأحمر، نسج عم سلامة خيوطه الملونة، ليرسم بها قصة أهم وأقدم مصبغة للخيوط فى مصر الفاطمية .
بملامح مبتسمة ترفض أن تغادر وجه عم سلامة، قال أنا مواليد 1937، والمصبغة دى شغال فيها من أول ما وعيت على الدنيا وورثتها عن أجدادى وبقالها 117 عاما .
خيوط يغمسها الرجال فى المياه، فيزداد بياضها نصاعة فى شكل جميل، وينقلونها على أكتافهم، يغمرونها بالصبغة فى مياه أخرى، ثم ينفضونها قليلا، ليتخللها اللون المطلوب.
تبدو حوائط المصبغة كئيبة، يكسوها الصدأ، جوانبها متآكلة، كأنما عشّش بها الزمن فابتلعته، بين اللون الغالب على الجدران، تبدو الخيوط زاهية، تسر العاملين وتداعب بعضها بعضا، لكنها رغم ذلك ما زالت تحتاج للتجفيف بإحدى الآلات، فلا تستغرق إلا دقائق لتصل للشكل الأخير بسطح البناية، بعدما يعلقها أحدهم كى تصبح جاهزة للبيع.
لا يكل "عم سلامة" مما يفعل يوميًا. يرضى بالقليل، معلق بالمصبغة، قضى فيها شبابه، وعلى مقربة منها يسكن.. ألوان الخيوط تجذب قلبه كلما غدا أو راح، يبدو بداخلها كملك يأبى التنازل عن العرش، إلا أن يظفر به الموت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة