بعد يوم عصيب شهدته إسبانيا، أعلنت السلطات فى منطقة كتالونيا تصويت أغلبية كاسحة لصالح الاستقلال، وتقول مجلة "تايم" الأمريكية إنه على الرغم من التصويت الكبير لسكان كتالونيا لصالح الإنفصال عن إسبانيا، إلا أن هذا الاستقلال لن يحدث على الأرجح لعدة أسباب.
وتوضح الصحيفة، أن الانفصاليين طالما قالوا إن كتالونيا، التى يعد اقتصادها أكبر من اقتصاد البرتغال ويولد خمس إجمالى الناتج القومى لأسبانيا، تعطى أكثر مما تأخد، وهو ما أثار الانتباه فى أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008، إلا أن السياسات المتعلقة بالهوية مؤثرة أيضًا فى منطقة لا تزال تعانى من آثار حكم فرانشيسكو فرانكو الفاشستى، فالديكاتاتور الإسبانى منع اللغة الكتالونية فى المدارس وقمع مؤسسات الإقليم، وبعدما رفضت الحكومة تخصيص مزيد من التمويل للمنطقة أو منحها استقلال ماليا فى 2012، قال البعض إن الكتالونيين لا يزالوا محاصرين من قبل مدريد.
وبعد تصويت أغلبية كاسحة لصالح الاستقلال، فإن تخلى الكتالونيين عن طموحاتهم يبدو مستبعدا، إلا أن صحيفة الجارديان البريطانية تشير إلى أن إعلان الاستقلال إحادى الجانب ربما يؤدى إلى استيلاء حكومة مدريد على المنطقة، وهو ما سيؤدى إلى تعميق الخلاف بين الانفصاليين والحكومة المركزية وربما يسفر عن مزيد من العنف.
وقالت صحيفة الجارديان، إن محاولة الحكومة الإسبانية قمع الاستفتاء على استقلال كتالونيا بالقوة الوحشية قد أثار أسئلة ملحة للدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى عن التزام أسبانيا بالمعايير الديمقراطية بعد 42 عاما على وفاة الديكتاتور فرانكو، وقد تحدث رئيس حكومة بلجيكا تشارلز مايكل باسم كثيرين فى أوروبا عندما كتب على تويتر يقول "العنف لا يمكن أن يكون أبدا الحل".
ورأت الصحيفة أن رد فعل حكومة مدريد الذى تم إدانته باعتباره رد فعل مبالغ ومخزى، قد بعث برسالة تمثل إشكالية للانفصاليين فى كل مكان، مفادها أن الحملات السلمية التى تتماشى مع الحق المكفول بموجب ميثاق الأمم المتحدة فى تحديد المصير، والحملات التى تنبذ العنف وتعتمد على الوسائل السياسية التقليدية محتومة بالفشل فى نهاية الأمر، أو بمعنى آخر، إن العنف هو الحل الوحيد.
وتابعت الصحيفة قائلة: لا أحد بالتأكيد يعتقد أن السبب وراء سعى كتالونيا للاستقلال سيتلاشى بعد المواجهات الدموية أمس الأحد بين المشاركين فى الاستفتاء والشرطة الإسبانية والتى أدت إلى إصابة المئات، فربما أكدت تصرفات رئيس وزراء أسبانيا مورنيو راخوى العكس، أن الحملة تدخل مرحلة جديدة أكثر راديكالية وستؤدى على الأرجح إلى زيادة الاشتباكات المستمرة والعنف المتبادل والاحتجاجات المقلدة فى أماكن أخرى على سبيل المثال بين السكان المحرومين اقتصاديا فى جاليسيا.
وفى إقليم الباسك، حيث شن إنفصاليو إيتا حملة إرهابية استمرت عقدا وأسفرت عن مقتل أكثر من 800 شخص وإصابة الآن، تجمد حلم الاستقلال لكن لم يصبح طى النسيان، ومبعث الخطر الآن أن جيل جديد من الباسكيين الأصغر سنا الذين يشعرون بالتجاهل من قبل مدريد ونفرهم ما حدث فى برشلونة، ربما يحاولون إعادة النظر فى وقف إطلاق النار الذى أعلنته إيتا عام 2010 وما حدث لاحقا من نزع لسلاحها.
ورفضت مدريد الاعتراف بنتائج الاستفتاء الذى عقد أمس الأحد وظهرت نتائجه فى الساعات الأولى من صباح اليوم، مؤكدة أن التصويت "عملية غير قانونية" حيث قال نائب رئيس الحكومة الإسبانية ساينز دى ماريا ثريا "لم يكن هناك اى استفتاء فى كتالونيا".
ونقلت صحيفة "إيه بى سى " الإسبانية قول ثريا فى مؤتمر صحفى عقد فى قصر مونكلوا فى مدريد، إن المشاورات التى جرت من قبل الرئيس الكتالونى كارليس بودجيمونت تفتقر إلى الشرعية ، وأن هذا الاستفتاء لم يكن له قيمة قانونية ولا يمكن أن يستمر لأنه لا يسهم فى أى شئ".
فى المقابل، قالت صحيفة "ارستيجوين نوتيثياس" الكتالونية، إن راخوى استخدم القوة ضد الناخبين وهو ما يثبت أنه لا يتبع الديمقراطية التى يطالب بها.
وقالت الصحيفة فى تقرير لها إن عنف الشرطة الإسبانية أسفر عن إصابة 465 شخصا منهم 216 فى برشلونة ، و80 فى جيرونا، و64 فى لييدا، و27 فى وسط كتالونيا و25 فى تاراجونا، كما أن بينهم حالتين فى حالة خطرة فى المستشفيات، كما أصيب تسعة من رجال الشرطة واثنين من الحرس المدنى.