ينطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى، غدًا الاثنين، فى أول زيارة رسمية له، لفرنسا، فى عهد نظيره الفرنسى، إيمانويل ماكرون، حيث يعقد الرئيسان أول قمة بينهما لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها على كافة الأصعدة، وسط طموح للتعاون الثنائى أكبر، وقراءة جديدة فى علاقات ثنائية يحرص طرفاها على تعميقها وتعزيزها ودعم أواصرها، خاصة وأن الجمهورية الفرنسية، هى ثالث أكبر بلد من حيث المساحة، وواحدة من أهم الدول الأوروبية ذات الثقل السياسى والموقع المتميز والتاريخ والاقتصاد والثقافة والحضارة.
وفى هذا الصدد، فإن قصر الإليزية، على موعد مع قمة "مصرية - فرنسية"، عنوانها "علاقات صداقة وتعاون أساسه المصالح المشتركة والاحترام المتبادل"، تدشن لعصر جديد من الشراكة الثنائية بين البلدين، حيث يبحث خلالها الرئيسان السيسى، وماكرون، العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها مكافحة الإرهاب وسبل تجفيف منابعه.
السيسى يلتقى مسئولى الشركات الفرنسية الكبرى خلال زيارته
ومن المقرر أن يلتقى الرئيس السيسى، خلال زياته، للعاصمة الفرنسية، باريس، مع العديد من القادة ومسئولى بعض الشركات الكبرى، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية فى المجالات الاقتصادية والاستثمارية، إذ تملك فرنسا اقتصادا قويا، وتمثل خامس دولة فى حقول التجارة الخارجية العالمية، ويعد النفط من أهم وارداتها، والمنتجات الكيميائية والسيارات والمعدات والآلات الكهربائية من أهم صادراتها.
6 مميزات لزيارة السيسى الأولى فى عهد إيمانويل ماكرون
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن زيارة السيسى، المرتقبة لفرنسا، هى الأولى بعد تولى ماكرون الحكم، والثالثة منذ تولی السيسى الرئاسة فى 2014، وتتميز هذه المرة بخصائص غير مسبوقة، أولها، أن كلا البلدين يتعرض لعمليات إرهابية عنيفة ويمكن للعلاقة الاستراتيجية بين مصر، وفرنسا، أن تكون دعما لدحر الإرهاب، ثانياً، فوز فرنسا بمنصب المدير العام لليونسكو بدعم من مصر، ثالثًا أنها تأتى فى إطار التوجه المصرى بتوسيع آفاق ودوائر السياسة الخارجية، وفى ضوء تشابك المصالح وأهميتها والاستفادة الممكنة من كل تطور فى العلاقات الثنائية بين مصر والدول الأجنبية.
ويأتى على قائمة أهم مميزات الزيارة الحالية، للرئيس السيسى، إلى فرنسا، أنها تأتى بعد عودة مصر للمقعد غير الدائم فى مجلس الأمن لعامى 2016 – 2017، والذى أعاد تقديم مصر للواجهة الدولية، كما أنها تأتى بعد أن نجحت مصر فى الانضمام إلى تكتلات اقتصادية عملاقة مثل البريكس - ذلك التكتل الذى يضم، البرازيل، والصين، والهند، وروسيا، وجنوب أفريقيا – والكوميسا، والتجمع العربى المتقارب معها فى القدرات، والتجمع الأوروبى، إضافة إلى خوض القاهرة، المنافسة مع دول كبيرة، وكانت النتيجة مبشرة فى هذا الشأن، حيث زاد حجم الصادرات.
فرنسا أبرز شركاء مصر على المستويين العسكرى والاقتصادى
كما تأتى زيارة السيسى، لفرنسا، فى هذا التوقيت، فى إطار سعى مصر لفتح أسواق جديدة أمام صادراتها والمشاركة فى مشروعاتها القومية العملاقة، وتعد فرصة لمصر لطرح ملفها الاستثمارى وجذب رجال المال والأعمال لمصر، خاصة أن مصر تتمتع بعلاقات متميزة وقديمة مع فرنسا، وتعد باريس شريكا قديما لمصر، وتربط بين البلدين علاقات جيدة، ورغبة مشتركة لدفع العلاقات الثنائية الاستراتيجية خطوات للأمام، حيث استطاع السيسى من خلال مبدأ الندية أن يرسخ مبدأ "دبلوماسية الشرق"، وعن طريقها نجح فى بناء علاقات مباشرة وقوية مع الدول الكبرى، من بينها فرنسا، وتم وضع أسس للتعاون مع هذه الدول، وتدعيمها من خلال الزيارات القصيرة والجولات المكوكية.
وتعد فرنسا، من أبرز شركاء مصر، على المستويين العسكرى والاقتصادية، إذ أبرمت الدولتان صفقات تسليح عدة فى العامين الأخيرين، أسفرت عن حصول القاهرة على حاملتى طائرات من طراز "ميسترال"، فضلا عن تزويد الجيش المصرى، بسرب من طائرات رافال، وتسلمت مصر، فرقاطة، وغواصة، فرنسيتين، انضمتا إلى الخدمة فى القوات البحرية، كما أن فرنسا تعد من أهم الدول الأوروبية المستثمرة فى مصر.
زيارة السيسى لباريس تعكس تطور العلاقات الثنائية المصرية الفرنسية
وزيارة السيسى، المرتقبة، لباريس، تعكس، أيضًا، مدى تطور العلاقات الثنائية المصرية الفرنسية المشتركة، حيث تأتى لدولة تنتمى للاتحاد الأوروبى، ومن الدول الأعضاء الخمس الثابتين فى مجلس الأمن الدولى، وعضو أساسى فى العديد من الهيئات الدولية مثل حلف الناتو، ومجموعة الدول الصناعية، ومنظمة التجارة العالمية والاتحاد اللاتينى، وهى دولة منتجة، وعضو فى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وتعد دولة مستثمرة فى الطاقة النووية.
ويزور الرئيس السيسى، فرنسا، حاملا رصيدا كبيرا من الإنجاز فى مشروعات قومية عملاقة، وفى المواجهة الحاسمة مع أوضاع الاقتصاد، وفى السعى لتجاوز مرحلة الأعراض الجانبية لمواجهة موجات العنف والإرهاب الدامى، الذى يحاول تطويق المنطقة، ومنها ما حدث قبل يومين على طريق الواحات بالجيزة، وفى هذا الإطار لن تجد باريس، أفضل من مصر كدولة شرق أوسطية محورية مركزية تكافح الإرهاب معها أمنا وفكريا وعالميا، ويعد ملف الإرهاب ومواجهة الجماعات التكفيرية والإرهابية الذى يهدد فرنسا والدول الغربية، كما يهدد مصر ودول الشرق الأوسط وشعوبها، من أبرز الملفات المطروحة على طاولة النقاش خلال القمة المصرية الفرنسية.
ملفات سوريا وليبيا واليمن على رأس الأجندة السياسية للزيارة
فيما يحتضن الملف السياسى، قضايا وهموم المنطقة فى سوريا وليبيا والعراق واليمن، وكيفية وقف نزيف الدم هناك واتفاق المصالحة بين حماس وفتح، والتأكيد على أن حل القضية الفلسطينية هو مفتاح الاستقرار فى المنطقة، وللملف الاقتصادى الأهمية الأبرز فى الزيارة الرسمية، التى يقوم بها الرئيس السيسى، لفرنسا، ويتضمن خطة الإصلاح الاقتصادى، التى تنفذها الحكومة حاليا، والبرنامج الذى حاز على موافقة صندوق النقد الدولى، والجهود التى تبذلها مصر من أجل تهيئة مناخ جديد للاستثمار، وإقرار قانون الاستثمار الموحد الجديد، ودعوة المستثمرين الأجانب لزيادة استثماراتهم فى مصر بعدما تغير مناخ الاستثمار وأصبح مهيأ للاستثمارات الأجنبية بعد إزالة العقبات والعراقيل التى تواجه المستثمرين.
وهنا يجب الإشارة إلى أن الزيارات الخارجية للرئيس السيسى، تدل من حيث كثافتها وموقعها الجغرافى، على أهمية مصر للقوى الإقليمية الدولية، والهدف الأساسى منها هو خدمة الإستراتيجية الوطنية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية، وتفعيل علاقات مصر التاريخية مع القوى الكبرى، وإعادة التوازنات مع كافة الدول فى إطار من حق سيادة القرار.