سرقة أغنياتها وإعادة إنتاجها تنظيم حفلات باسمها، صناعة أفلام وثائقية حول حياتها، أشكال مختلفة استخدمتها إسرائيل للتعدى على التراث الغنائى لكوكب الشرق أم كلثوم، والسطو على تاريخها الفنى، حيث ظهر فى إنتاج القناة الأولى الإسرائيلية فيلم وثائقى عن حياة أشهر المطربات التى عرفتها مصر، و استعرض الفيلم تاريخها فى السياسة ومدى علاقتها بالملك فاروق ومن بعده الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
التجاوزات الإسرائيلية فى حق التراث الفنى والغنائى المصرى، لم يقف عند حد أم كلثوم فقط، وإنما شمل فنانين آخرين من ضمنهم العندليب عبد الحليم حافظ ، وكذلك الفنانة شيرين وغيرهم، تكرار وقائع السطو تستدعى التساؤل ما إذا كان هناك مؤسسات قد تلجأ لها مصر لحماية هذا التراث وعلى رأسها منظمة اليونسكو .
هل تتدخل اليونسكو ؟
باعتبار اليونسكو، هى المنظمة المسئولية عن حماية التراث الثقافى والفنى للدول، المادى منها وغير المادى، فمن الممكن أن تلجأ مصر لها، للمطالبة بضم التراث الفنى لأم كلثوم إلى التراث الثقافى العالمى، كإجراء لحمايته.
فكرة ضم التراث الفنى من أغانى وأفلام وغيرها للتراث الثقافى العالمى، متاحة، وبالفعل هناك عدد من الدول التى تقدمت بطلبات لليونسكو فى نفس الملف، ومن ضمنهم الجزائر على سبيل المثال.
تجارب دول ضمت أغانيها للتراث الإنسانى العالمى
قدمت الجزائر ثلاثة ملفات لهيئة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) من أجل تصنيف أغنية الراى ضمن التراث الإنسانى العالمى، وفقا لما أعلنته وكالة الأنباء الجزائرية .
وأوضحت الوكالة، نقلا عن سليمان حاشى مدير المركز الوطني للبحث فى ما قبل التاريخ، الأنتروبولوجيا والتاريخ، تقديم الجزائر ثلاثة ملفات لتصنف ضمن التراث الإنسانى العالمى، بينها أغنية الراى التي يعود ظهورها إلى بدايات القرن العشرين.
وأعلن حاشى، أن الجزائر تقدمت بملف لتصنيف "الراى كغناء شعبي جزائري"، و"التقطار" وهو صناعة ماء الورد وماء الزهر الذي تشتهر به خصوصا مدينة قسطنطينية شرق الجزائر العاصمة، بالإضافة إلى "كيالين الماء" وهى الطريقة أو التسيير التقليدى للماء الذى يعتمد عليه فى الصحراء الجزائرية، جنوب البلاد.
اتفاقية اليونسكو لحماية التراث غير المادى
فى عام 2003، اعتمدت اليونسكو اتفاقية جديدة لحماية التراث الثقافى غير المادى، والتى وصلت إلى الحفاظ على كل تراث الدول بما فيها العادات والتقاليد، مؤكدة أن الحفاظ على هذا التراث هو حماية للهويات الثقافية.
التراث غير المادى يشمل العادات والتقاليد والمناظر الطبيعية
وشمل التراث غير المادى على سبيل المثال لا الحصر، المهرجانات التقليدية والتقاليد الشفهية والملاحم، والعادات، وأساليب المعيشة، والحرف التقليدية، حيث اتسع نطاق مفهوم التراث الثقافى بشكل كبير خلال القرن الماضي، حتى شمل حالياً المناظر الطبيعية، الآثار الصناعية، وأشكال أخرى مختلفة لها صلة بمفهوم التراث العالمى أو التراث المشترك بين البشر.
كانت مصر واحدة من أولى الدول التى وقعت على اتفاقية حماية التراث الإنساني الشفهى وغير المادي. وكانت مصر أيضاً واحدة من أولى البلدان التى تسهم فى قائمة روائع التراث غير المادي فور تسجيلها للملحمة الشفهية المسماة السيرة الهلالية، والهدف هو الحفاظ على هويتها الثقافية واستغلال هذا التراث غير المادى كقوة دافعة للتنمية الاقتصادية المستدامة للسكان المحليين.
وتم تنفيذ اتفاقية صون التراث الثقافى غير المادى فى مصر، وكان تحقيق صون وتنمية القدرات الوطنية من الأولويات الرئيسية، وحتى الآن، أولى هذا النشاط اهتماماً برعاية وتعزيز المهرجانات المصرية التقليدية نظراً لأنها تشمل جميع جوانب التراث الثقافى غير المادى من الأعراف الدينية والتقاليد الموسمية من الرقص والشعر الشفوى والموسيقى والغناء ومسرح العرائس المتجول بالشارع والحرف اليدوية ووصفات المطبخ التقليدية.
أغانى فادو الشعبية فى البرتغال
وأشارت الاتفاقية إلى أن الإدراج، في عدد من البلدان، أدى إلى زيادة عدد العازفين والمنتجين. فلم ينتج عن إدراج "أغانى فادو الشعبية الحضرية في البرتغال"، وعقد مؤتمرات حول هذا الموضوع فحسب وإنما ترتبت عليه أيضا زيادة فى عدد ممارسي هذا الغناء، والأماكن التى يمكن فيها الاستماع إليه.
وفي سلوفاكيا، أدت عملية الإدراج إلى زيادة فى عدد مفسرى العزف على ناي فوجارا و فى سيقاه.
إسرائيل ترفض التوقيع
من حق الدول الأعضاء فى إطار هذه الاتفاقية، أن يتقدموا بقوائم التراث الذى يرغبون فى ضمنه للتراث الانسانى العالمى، لمناقشتها ضمن لجنة يتم إعدادها لتنقية وتنقيح هذه الطلبات، إلا أن الملفت للنظر ان إسرائيل من ضمن الدول التى رفضت التوقيع على الاتفاقية، حيث أرجعت المنظمة رفض عدد من الدول للتوقيع إلى أسباب سياسية، أو أمور متعلقة بآلية التصويت.
التعاون التشريعى مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية
ومن الجانب التشريعى، أوصت اليونسكو فى الاتفاقية بتعزيز التعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية بشأن المعارف التقليدية والثقافة، لكفالة التبادل المستمر للأفكار والتعلم بين المنظمتين والدول الأعضاء فيهما، وخصوصا فى سياق المناقشات الجارية حاليا فى المنظمة العالمية للملكية الثقافية بشأن وضع صك تقنينى دولى جديد لحماية حقوق الملكية الفكرية للجماعات.
هذه الاتفاقية تسمح للحكومة المصرية بالتقدم بطلب بكل الملفات التى ترى امكانية إدراجها فى التراث الإنسانى العالمى، سواء كان متعلقا بالغناء والتراث الفنى للسيدة أم كلثوم أو غيرها من المواد التى ترى مصر أنها جزءًا من تراثها الثقافى الذى يجب الحفاظ عليه.