مهرجانات وأمسيات تؤكد: السياحة الثقافية فى مصر قادمة

السبت، 28 أكتوبر 2017 09:00 م
مهرجانات وأمسيات تؤكد: السياحة الثقافية فى مصر قادمة   دار الأوبرا
أ ش أ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بقدر ما تشهده مصر الآن من حالة مبهجة من الزخم الثقافى والفنى فإن هذه الحالة تومئ لأهمية السياحة الثقافية وتبرهن على إمكانية النجاح الكبير للتعاون المؤسسى بين عدة وزارات وجهات متعددة لتشجيع السياحة الثقافية.
 
فما أن ينتهى مهرجان الفنون والفلكلور الأفرو صينى بنهاية هذا الشهر من المقرر أن يبدأ مهرجان الموسيقى العربية فى دورته الجديدة مع إطلالة الشهر الجديد فى مصر المبدعة والمنفتحة على كل الإبداعات الإنسانية فى العالم.
 
أطلق وزير الشباب والرياضة المهندس خالد عبد العزيز فعاليات مهرجان الفنون والفلكلور الأفرو صينى فى دورته الثانية مساء الأربعاء الماضى من قصر محمد على بمنطقة المنيل بالتعاون مع وزارات الثقافة والسياحة والآثار فإن هذا المهرجان الذى تشارك فيه الصين مع 26 دولة أفريقية وأمريكية لاتينية يستمر حتى نهاية شهر أكتوبر الجاري.
 
ويتجلى التعاون الثقافى المؤسسى بين عدة وزارات فى مهرجان الفنون والفلكلور الأفرو صينى فى وقت يتصاعد فيه الاهتمام بعناوين السياحة الثقافية كما يدعو فيه بعض المثقفين البارزين رجال الأعمال لدعم هذا النمط من السياحة.
 
فها هو الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة يرى أن تجارب رجال الأعمال المصريين الذين وجهوا دعوات لنجوم الكرة العالمية لزيارة مصر فكرة ناجحة وتركت أثارا بعيدة على السياحة المصرية ولكن هناك جانبا اخر يجب أن نهتم به وهو الثقافة" .. داعيا رجال الأعمال لتبنى فكرة توجيه دعوات لمشاهير المثقفين فى العالم لزيارة مصر كما يحدث مع نجوم كرة القدم.
 
ولاريب أن وزارة الثقافة يمكنها أن تكون طرفا رئيسيا فى منظومة مؤسسية متكاملة لتفعيل السياحة الثقافية فى مصر برصيدها الحضارى الثرى وقد تتمثل هذه المنظومة المؤسسية فى "المجلس الأعلى للسياحة" الذى يضم عدة وزارات.
 
ورأى وزير الثقافة حلمى النمنم أن "التحدى الحقيقى يتمثل فى تأسيس الفعاليات بشكل قوى وصحيح" وهى رؤية ينبغى تطبيقها عمليا فى مجال السياحة الثقافية وبما يتوافق مع معايير الزمن العالمى ومتطلبات التعامل مع الضيوف الأجانب التى ستجد فى المخزون الأصيل للقيم المصرية ما يكفى فى فعاليات ثقافية ومهرجانات فنية مثل المهرجان الحالى للفنون والفلكلور الأفروصيني.
 
وتتوزع فعاليات وأنشطة المهرجان الأفرو صينى فى عدة أماكن ومواقع سياحية وتراثية مثل قلعة صلاح الدين وشارع المعز فى قلب القاهرة الفاطمية العتيقة، فضلا عن مدينتى الإسكندرية وأسوان.
 
وهذا المهرجان الذى يسعى لدعم التواصل بين دول القارة الأفريقية والصين وتعزيز التعاون الثقافى والفنى بين الجانبين يشهد فى دورته الحالية 18 عرضا استعراضيا و16 فيلما سينمائيا، فضلا عن سوق للحرف التراثية وورشة عمل للفنون التشكيلية والرسوم المتحركة، كما يتضمن قسما لإبداعات ذوى الاحتياجات الخاصة فى الموسيقى والغناء والرسم والحرف اليدوية والتراثية.
 
وكانت فكرة هذا المهرجان قد ولدت فى قمة الصين-أفريقيا التى عقدت عام 2015 فى جوهانسبرج واكتمل نضجها مع الاحتفال فى مطلع العام الماضى بمرور 60 عاما على إقامة علاقات دبلوماسية بين مصر والصين الشعبية لتنطلق الدورة الأولى للمهرجان فى شهر يوليو عامئذ بينما تقام الدورة الحالية للمهرجان بعنوان :"لقاء الموسيقى والفنون مع أفريقيا والصين وأمريكا اللاتينية".
 
ويشدو فى الدورة الثانية لهذا المهرجان الأفرو صينى الفنان التونسى الكبير لطفى بوشناق بينما تجلى الوعى بأهمية "السياحة الثقافية" فى تصريح لرئيسة مهرجان الفنون والفلكلور الأفرو صينى سهير عبد القادر قالت فيه إن "المهرجان يظهر صورة مصر الحقيقية أمام العالم بما يسهم فى دعم السياحة المصرية".
وبمواهبها الشابة قدمت أوركسترا وزارة الشباب والرياضة فى الحفل الافتتاحى لهذا المهرجان مقطوعات موسيقية لكبار الموسيقيين فيما تتضمن قائمة الذين تقرر تكريمهم فى المهرجان السفيرة مشيرة خطاب وعازف الجاز يحيى خليل والموسيقار على ماهر زيدان.
 
وغداة اختتام هذا المهرجان الأفرو صينى واعتبارا من أول نوفمير المقبل يلتقى عشاق الموسيقى والطرب الأصيل مع المهرجان السنوى للموسيقى العربية فى دورته السادسة والعشرين فيما أوضحت رئيسة دار الأوبرا المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم أن المهرجان سيستمر على مدى أسبوعين.
 
وعلى غرار مهرجان الفنون والفلكلور الذى تتوزع أنشطته فى عدة مواقع ومدن وبمنظور يراعى معايير التنوع والعدالة الثقافية سيقدم مهرجان الموسيقى العربية "الذى بات يشكل أحد أهم المحافل القومية للموسيقى العربية" عروضه على مسارح متعددة ما بين المسرح الكبير والصغير فى دار الأوبرا ومسرح الجمهورية ومعهد الموسيقى العربية، فضلا عن مسرح أوبرا الإسكندرية وأوبرا دمنهور فيما استحدث المهرجان "نظام الحجز الإلكترونى تيسيرا على الجمهور".
 
وبلمسة وفاء مصرية.. فإن الدورة الجديدة لمهرجان الموسيقى العربية مهداة لروح الفنان محسن فاروق فيما يقام معرض صور فوتوغرافية حول مسيرة هذا المطرب المصرى الراحل ببهو المسرح الكبير فى دار الأوبرا.
 
وفضلا عن تكريم اسم الفنان الراحل محسن فاروق سيشهد المهرجان فى دورته الجديدة تكريم أكثر من 20 فنانا أسهموا فى إثراء الحياة الفنية المصرية والعربية من بينهم المطرب السعودى الراحل طلال المداح والموسيقار المصرى الراحل على إسماعيل والمطرب الراحل عماد عبد الحليم الذى قضى فى 20 أكتوبر 1995 عن عمر ناهز نحو 35 عاما.
 
وهذه الدورة الجديدة لمهرجان الموسيقى العربية تتضمن 45 حفلا موسيقيا وغنائيا بمشاركة 84 فنانا من 8 دول عربية هى مصر ولبنان وسوريا وفلسطين والكويت والعراق وتونس والمغرب.
 
وبوصفها عازفة فلوت عالمية .. تشارك الدكتورة إيناس عبد الدايم بالعزف فى حفل افتتاح الدورة السادسة والعشرين لمهرجان الموسيقى العربية الذى يحمل عنوان :"الدراما الموسيقية" فيما أوضحت فى مؤتمر صحفى أمس الأول الخميس أن الحفل سيتضمن مقطوعات موسيقية من "أشهر تترات المسلسلات المصرية والعربية" لتبرز جماليات ودور الموسيقى فى الدراما.
 
وأضافت الدكتورة إيناس عبد الدايم أن هذه المقطوعات لأشهر تترات المسلسلات ستعزفها أوركسترا شكلت خصيصا لهذه المناسبة بقيادة المايسترو المصرى أحمد عاطف، لافتة إلى أن الحفل سيشهد إبداعات مؤلفين موسيقيين من مصر والعالم العربى ككل مثل المصريين راجح داوود وتامر كروان والتونسى أمين أبو حافا والعراقى رعد خلف.
 
ولعشاق عازف البيانو الشهير عمر خيرت أن يلتقوا إبداعاته فى هذا المهرجان العربى إلى جانب عازفى العود العراقيين أحمد شمة وسالم عبد الكريم ومواطنهما عازف القانون فرات قدورى كما يأتى من العراق عازف التشيللو قصى قدورى مع عازفى العود المصريين ممدوح الجبالى ومدثر أبو الوفا.
وإذ شارك الفنان التونسى لطفى بوشناق فى مهرجان الفنون والفلكلور الأفرو صينى ويحظى بتكريم من هذا المهرجان فإنه سيشارك أيضا فى مهرجان الموسيقى العربية مع فنانتين من تونس هما: يسرا محنوش وأميمة طالب وفنانين مصريين مثل هانى شاكر ونهال نبيل ووائل الفشنى وآية عبد الله وآيات فاروق ونهى حافظ وصابرين النجيلى وأحمد عفت، فضلا عن فنانين من بلدان عربية اخرى كاللبنانيين عاصى الحلانى ورامى عياش والسورى صفوان بهلوان والكويتى عبد الله الرويشد والفلسطينى محمد عساف.
 
ولئن شهد مهرجان الفنون والفلكلور الأفرو صينى حضورا للإبداعات الشابة كما يتجلى فى أوركسترا وزارة الشباب والرياضة فإن الدورة السادسة والعشرين لمهرجان الموسيقى العربية ستشهد العديد من الإبداعات الشابة كما تقام مسابقة فنية على هامش المهرجان للشباب.
 
ووسط دعوات لفنانين مثل الموسيقار حلمى بكر باستحداث قناة فضائية خاصة بدار الأوبرا المصرية لتبث إبداعاتها للعالم كمنبر مصرى للفن الرفيع ووجه مضييء للثقافة المصرية بتجلياتها المتعددة فإن الدورة السادسة والعشرين لمهرجان الموسيقى العربية تتضمن مؤتمرا علميا يشارك فيه 42 باحثا من 16 دولة من بينها إلى جانب الدول العربية الولايات المتحدة والدنمارك.
 
وواقع الحال إن دار الأوبرا كصرح ثقافى وفنى مصرى باتت تجيب بجدارة على "سؤال الفن والمجتمع" بقدر ما تبرهن على عدم صحة مقولات ظالمة للمصريين تزعم أن سوادهم الأعظم لايتجاوب مع الذوق الفنى الرفيع.
 
وتبدو فعاليات مهرجانات الأوبرا نموذجا دالا لإمكانية تقديم روائع الموسيقى والغناء للشعب المصرى بكل أطيافه وشرائحه والارتقاء بالذوق العام للمجتمع ودحر ثقافة القبح والتلوث السمعي-البصرى فيما تتجلى صحة رهانات رئيسة دار الأوبرا المصرية حول الأوبرا كمنارة ثقافية يلتف حولها كل المصريين.
ويعيد المؤتمر العلمى المرتقب فى سياق الدورة الجديدة لمهرجان الموسيقى العربية اهتمامات ثقافية وبحثية حول العلاقة بين الموسيقى والتاريخ فيما أثمرت هذه الاهتمامات المصرية من قبل مشروعا ثقافيا عنوانه :"الموسيقى والذاكرة" وهو مشروع شارك به 14 مؤرخا وموسيقيا وكان يمثل بحق "خروجا حميدا على النمط التقليدى فى دراسة التاريخ بقدر ما انطلق برحابه التصورات الثقافية فى رحاب غير تقليدية".
 
وإذا كانت الموسيقى لغة الشعوب فى العالم والتاريخ قصة هذه الشعوب فإن فكرة اللقاء بين الموسيقى والتاريخ تتجسد فى مهرجان الفنون والفلكلور الأفرو صينى ناهيك عن مهرجان الموسيقى العربية ومثل هذه التظاهرات الثقافية والفنية العالمية فرصة لمزيد من البحث فى قضايا تاريخية مثل لقاء الموسيقى الشرقية مع الموسيقى الغربية وانعكاسات هذا اللقاء والتواصل والتفاعل الثقافى على أذواق المصريين ناهيك عن الحداثة وتغير المجتمع المصري.
 
وكان بعض الكتاب والمعلقين فى الصحف ووسائل الإعلام قد أثاروا أسئلة حول غياب أغنية مصرية يمكن أن تحظى بانتشار عالمى على غرار ما حققته أغنية "ديسباسيتو" بكل انعكاساتها الإيجابية على السياحة والاقتصاد ككل فى جزيرة بورتوريكو آملين أن نشهد قريبا مثل هذه الأغنية.
 
ولعل السياحة الثقافية بفعالياتها ومهرجاناتها يمكن أن تستفيد من المخزون الثقافى والفنى المصرى بقدر ما تضيف عناصر جديدة للقوة الناعمة المصرية .. ووسط حالة البهجة والحفاوة بضيوف مصر فى مهرجانين كبيرين تجرى إيقاعات الإبداع الإنسانى فى أنهار لا تحصى وتتحدث مصر عن نفسها ويتجلى جمالها!.
 
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة