ضربت المرأة المصرية مثالاً يحتذى به على مر العصور، وسجل التاريخ لها مواقف وبطولات تفوقت بها عن غيرها من الرجال، ولا تزال المرأة المصرية تواصل الأمثلة وتصر على النجاح والتفوق، وتحرص على التميز حتى وصلت إلى ما وصل إلى الرجال، فتجد المرأة المصرية وزيرة وقاضية وسفيرة ومحافظة وغيرهن.
أصغر مأذونة فى مصر
وفى أقصى جنوب مصر حيث محافظة أسوان، وافقت محكمة الأسرة للمرة الثانية خلال هذا العام 2017 على تعيين امرأة لوظيفة مأذونة شرعية، لتصبح بذلك ثانى امرأة فى تاريخ محافظة أسوان تتولى وظيفة مأذونة، بعد قبول أم كلثوم محمد يونس حسنين، مأذون شرعى لقرية غرب أسوان، خلال شهر مايو الماضى، وأصغر امرأة فى مصر تتولى هذه الوظيفة ولم يتجاوز عمرها 26 عاماً.
صحفى اليوم السابع مع أصغر مأذونة فى مصر
"اليوم السابع" انتقل إلى منزل سمر محمد بركة عثمان، بقرية بنبان بحرى بمركز دراو محافظة أسوان، ليحاور تلك الشابة الصغيرة فى العمر التى طمحت لمستقبل أفضل حتى نالت لقب أصغر مأذونة شرعية فى مصر.
سمر محمد بركة
تحكى "سمر" عن نفسها قائلةً: "أعيش مع أسرتى وزوجى وأطفالى – ولد وبنت – بقرية بنبان بحرى التابعة لمركز دراو بمحافظة أسوان، وتزوجت من "محمد علام على" الذى يعمل فنى تشغيل بشركة الكهرباء، وكان زواجى مبكراً بعد إتمام دراستى الجامعية مباشرة كعادة الفتيات فى مجتمعنا، وحصلت على ليسانس الحقوق عام 2013، وفى نفس العام توفى عمى وكان مأذون القرية، وكان مثلى الأعلى حتى طرأت لدى فكرة التقدم بأوراقى لشغل وظيفة مأذونة خلفاً له، وبالفعل بعد مرور 3 شهور جهزت الأوراق اللازمة، وتقدمت بأوراقى قبل غلق باب التقدم بثلاثة أيام فقط".
أصغر مأذونة من أسوان
وأشارت أصغر مأذونة فى مصر، إلى أن اختيارها لوظيفة مأذونة جاء لرغبةٍ شديدة لديها فى إثبات الذات وتحقيق طموحات وآمال لم تموت مع مرور الأيام، وحتى أثبت للمرأة المصرية أن الأمانى لا تتوقف بالزواج أو الإنجاب، وأن الوظائف فى الدولة متاحة للمرأة كما هى متاحة للرجال، وخاصة فى ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى اختار العام الحالى 2017 ليكون عام المرأة المصرية.
صحفى اليوم السابع مع أصغر مأذونة فى مصر
وأضافت "سمر"، أن تشجيع زوجها "محمد" فى المقام الأول كان لها دافعاً للاستمرار فى حلمها والتقدم لشغل الوظيفة، بعد أن رأى فى عينيها الإصرار على الحلم وفى همتها الحماسة لشغل الوظيفة فقرر الزوج أن يشجعها ويساندها، لافتةً إلى أنها تقدمت بأوراقها للوظيفة خلال فترة خطبتهما، ثم تزوجت وأنجبت ولداً وبنتاً، وتم ترشيحها للوظيفة بعد مرور 3 سنوات من زواجها.
سمر وأسرتها
وأوضحت "سمر" بأنها تسعى لتحقيق ما حققه عمها المأذون الراحل من إتمام سنة الزواج بين الناس فى قريتهم، مشيرة إلى أنها هدفها الأول من الوظيفة هو تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين من الأزواج، والإصلاح بينهما للحفاظ على قوام البيت وعدم تعرضه للتفكك وتشرد الأطفال بين خلافات الآباء والأمهات.
وعلقت أصغر مأذونة فى مصر، "عمى المأذون السابق توفى قبل 3 سنوات وكان مثالاً يحتذى به وفخراً بين الناس فى القرية، وكانت القرية تشهد له بالصلاح والإصلاح بين الناس وإن شاء الله أسير على دربه، خاصة بعد ما شاهدت الفرحة التى استقبلنى بها أهل بلدتى فى قرية بنبان بحرى، وسارعوا ليقدموا المباركات والتهانى لوالدى ووالدتى وزوجى على الوظيفة الجديدة، وقالوا لى أنهم سيقفون بجوارى ويدعمونى بعيداً عن الاعتقاد الخاطئ بأن المرأة لا تصلح لهذه المهنة، وخاصة لصغر سنى".
أصغر ماذونة تقبل رأس والدتها
وعن الاستعداد للوظيفة، قالت "سمر": لاشك أن هناك رهبة بداخلى للإقدام على المهام الجديدة ولكن مع الوقت ستزول هذه الرهبة، وسأستعين بأسرتى وأعمامى وكبار البلد للإصلاح بين الناس وخاصة فى مسائل الطلاق التى زادت نسبها فى المجتمع المصرى، وأرغب فى تحجيم هذه النسب بكل ما أوتى من قوة عقل وسيدعمنى ثقافتى وعلمى.
وأشارت إلى أنها لا تزال تراجع فى عدداً من كتب القانون والشريعة والمراجع التى تحتفظ بها، وتحاول أن توفق بين أوضاع أسرتها بدءً من زوجها وأولادها وحتى والدتها ووالدها من جهة وبين عملها من جهة أخرى، موضحةً بأن أسرتها لم تبدى أى اعتراضات على الوظيفة الجديدة ولم تبخل عليها بشىء فى ذلك الأمر، ووفرت لها أيضاً الإمكانات المتاحة للوظيفة الجديدة، وتنازل شقيقها "سامح" عن مكتبه للمحاماة فى قرية بنبان بحرى لأخته حتى تتمكن من تعليق لافتة الوظيفة الجديدة عليه، وهى تنتظر أن تتسلم دفاتر العمل حتى تتولى مهام العمل الجديد.
قرية بنبان بأسوان
ولفتت إلى أن مثالها الأعلى، هى كل امرأة نجحت فى أن تحقق ذاتها ويصبح لها شأن فى المجتمع بين الناس، وذكرت على سبيل المثال لا الحصر، الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، والمستشارة تهانى الجبالى وقالت أتمنى أن أكون مثلها، وذكرت أيضاً الإعلامية لميس الحديدى والدكتورة مايا مرسى رئيس المجلس القومى للمرأة ونجاحها فى حملتها الإعلامية "التاء المربوطة سر قوتك" لمناهضة العنف ضد المرأة.
واستكملت أصغر مأذونة فى مصر الحديث، قائلةً: "لدى زميلات صديقاتى أتمنى أن أكون مأذونة إحداهن فى يوم زفافها"، مشيرة إلى حبها الشديد لزميلاتها فى كلية الحقوق وقيامهن بالاتصال عليها فور علمهم بخبر شغلها الوظيفة لتقديم التهنئة لها، كما قدمت الشكر لأهلها وزوجها وأخيها المحامى واعتبرته مرجعها فى العمل.
والد أصغر مأذونة فى مصر، محمد بركة عثمان، أكد أن قرار تعيين ابنته مأذونة شرعية بمثابة الفخر له بين أهل البلد جميعاً، وأن ابنته أصبحت قدوة لغيرها من السيدات وخاصة فى مرحلة الشباب أن يتولين المناصب المختلفة فى الدولة دون خجل أو تراخى، مؤكداً أن المرأة فى العهد الحالى من فترة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وضعت لها مكانة خاصة وأولى لها اهتماماً كبيراً حتى أن العام الحالى 2017 هو عام المرأة المصرية.
وتابع والد المأذونة "سمر" الحديث قائلاً: "افتخرت بابنتى فور قرار تعينها وخاصة بعد توافد عدد كبير من أهل القرية كانت النساء بينهم أكثر من الرجال، لتقديم التهنئة وتأييد ما أقرته محكمة الأسرة من وظيفة المأذونية لابنتنا، وخاصة أن المأذونية ظلت فى عائلتنا لفترات طويلة ولم تخرج منها إلى اليوم".
فى المقابل، اكتفت والدة المأذونة "سمر" بقولها: "فخورة بك يا ابنتى، والحمد لله إنى تعبت وشقيت حتى كبرتى ونصرنى الله بعد أن وصلتى إلى ما عليه اليوم"، وأخذت دموع الفرحة تتساقط من عين الأم والابنة تقبل جبينها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة