كشفت دراسة حديثة عن تحسن ملحوظ فى الأوضاع الاقتصادية المصرية بعد زخم الإصلاحات التى اتخذتها الحكومة على مدار الأشهر السابقة، فى الوقت الذى تتوقع فيه أن يتم تقليص الاختلال داخل سوق صرف العملات الأجنبية من خلال القضاء على التشوهات فى تلك الأسواق والتزام الحكومة بضبط أوضاع المالية العامة، إذا نفذ قانون الترخيص الصناعى، الذى اعتمد مؤخرا، بشكل صحيح وتم ادخال المزيد من التحسينات على الإطار التنظيمى فمن المتوقع أن يحسن ذلك من مناخ الأعمال وتعزيز النمو على المدى المتوسط.
وذكرت الدراسة التى أعدها مركز حزب مستقبل وطن للدراسات السياسية والاستراتيجية برئاسة المهندس محمد الجارحى، أنه على الرغم من الجهود التى تبذلها الحكومة حاليا، إلا أنه لا تزال الظروف الاجتماعية تعيق مكاسبها فإن التضخم الناجم عن تعويم العملة وإصلاح دعم الطاقة وارتفاع أسعار الأغذية يؤثر بشكل كبير على الأسر المصرية وخاصة الفقراء والضعفاء من السكان وكذلك الطبقة الوسطى يعرض فيما يلى معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى بأوجه الإنفاق عليه وبالأسعار الثابتة.
وقالت الدراسة، إن إجمالى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر ارتفع بنسبة 6.5٪ فى 2016/2017 ليصل إلى 13.3 مليار دولار أمريكى (من 12.5 مليار دولار أمريكى فى 2015/2016) وتراجعت التدفقات الخارجة من مصر إلى 5.4 مليار دولار أمريكى) من 5.6 مليار دولار أمريكى (وبالتالى، فإن صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر إلى 7.9 مليار دولار أمريكى) من 6.9 مليار دولار أمريكى، مدفوعا بشكل أساسى بزيادة صافى التدفقات الداخلة للنفط بـ2.3 مليار دولار أمريكى إلى 4.0 مليار دولار أمريكى (من 1.7 مليار دولار أمريكى). يلاحظ أيضاً أن معظم التدفقات إلى مصر مصدرها المملكة المتحدة.
ووفقا للدراسة انخفض العجز التجارى بنسبة 8.4٪ فى الفترة (يوليو 2016 – يونيو 2017) ليصل إلى 35.4 مليار دولار أمريكى (مقابل 38.7 مليار دولار أمريكى فى الفترة يوليو 2015 – يونيو 2016)، ويرجع ذلك أساسا إلى ارتفاع عائدات الصادرات السلعية بنسبة 15.9٪ إلى 21.7 مليار دولار أمريكى. وكانت هذه الزيادة ناتجة عن الارتفاع فى كلا من صادرات النفط والصادرات غير النفطية. وفى الوقت نفسه، انخفضت الواردات السلعية بنسبة 0.5٪ لتصل إلى 57.1 مليار دولار أمريكى، حيث انخفضت الواردات غير النفطية بنسبة 4.5٪ لتصل إلى 45.9 مليار دولار أمريكى وارتفعت واردات النفط بمقدار 1.9 مليار دولار أمريكى. مؤشر العجز التجارى مهم لأنه لا يقيس فقط حجم التبادل بين مصر ودول العالم وانما هو مؤشر لطلب الخارج على المنتجات المصرية تامة الصنع، حيث تغطى الصادرات حجم الواردات ويتقلص حجم العجز، وهو ما يسعى الاقتصاد المصرى لتعزيزه لتحقيق نمو فعلى ومستدام مبنى على أسس الإنتاج والتنافسية.
وأشارت الدراسة إلى أن تشغل صادرات السلع تامة الصنع تقريبأ 40% من إجمالى الصادرات ويدل ذلك على اتجاه قطاع التصدير إلى تلك السلع مما يحفز تصنيعها وإنتاجها محليا ويزيد من القوة التنافسية عالمياً ومن أهم السلع تامة الصنع التى تم تصديرها هى الأقمشة المنسوجة، أجهزة كهربائية للإستعمال المنزلى وأسمدة فوسفاتية أو معدنية.
ويرى البعض فى مصر أن الانخفاض فى الواردات وانخفاض العجز التجارى كظواهر مؤقتة، فى حين يعتقد البعض الآخر أنها فرصة لتطوير القاعدة الصناعية للبلاد. فى تقرير أصدر 3 أكتوبر، قالت شركة التأمين الائتمانى "يولر هرمس" إنها تعتبر مصر أكثر قدرة على تسوية ديونها فى ضوء سياسة الإصلاح الاقتصادى وتعويم الجنيه المصرى، ومع هذه الإصلاحات، انخفضت قيمة الجنيه بينما ارتفعت أسعار العملات الأجنبية جنبا إلى جنب مع سعر الواردات مما أدى إلى انفاض حجم الواردات وبالتالى حجم العجز التجارى. كما قال وزير التجارة طارق قابيل إن التجارة الخارجية تحسنت بفضل الجهود التى تبذلها الوزارة للحد من استيراد منتجات منخفضة الجودة ومن واردات الحصص الغذائية وخفض استهلاك العملة الصعبة. كما ساعد الاعتماد المتزايد على الإنتاج المحلى على تضييق الفجوة التجارية، حسبما ذكر قابيل فى بيان له فى أغسطس 2017.
كما أن المعدل السنوى لأسعار المستهلك العام انخفض لأول مرة منذ أكتوبر 2016، حيث تراجع إلى 29.71 فى المئة فى مايو 2017 من 31.46 فى المائة فى أبريل بسبب تأثير فترة الأساس ويعزى التضخم الشهرى أساسا إلى ارتفاع أسعار الغذاء والحج والعمرة. وفى الوقت نفسه، تراجع التضخم الأساسى السنوى للشهر الثالث على التوالى، مسجلا 30.57 فى المئة فى مايو 2017 مقارنة ب 32.06 فى المئة فى أبريل، وقد تأثر التضخم خلال شهر يوليو بالتعديل المتوقع للأسعار المنظمة وارتفاع معدل ضريبة القيمة المضافة فى سياق برنامج الإصالح المالي. وازدادت أسعار الوقود من أجل تحسين نسب تغطية التكاليف فى الموازنة العامة للدولة، مما كان له أثر غير مباشر على أسعار النقل الداخلي، والمواد الغذائية، وكذلك المقاهى والمطاعم. لذلك ارتفع معدل التضخم العام (سنويا) من 29.763 فى يونيو 2017 إلى 32.952 فى المئة ومعدل التضخم الأساسى (سنويا) من 31.947 إلى 35.258 فى المئة مسجلا أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2016.
ولفتت الدراسة إلى أنه من المتوقع هبوط معدل التضخم العام إلى 15% بحلول نهاية العام المالى 2017/2018، حيث يبدأ آثار تعويم العملة وارتفاع معدل ضريبة القيمة المضافة وتقليل الدعم فى التلاشى مما سيمهد الطريق للبنك المركزى لتقليل سعر الفائدة وهى خطوة متوقعة أن تؤخذ قبل نهاية العام بدليل قرار رفع نسبة الاحتياطى النقدى التى تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدى البنك المركزى المصرى لتصبح 14% بدلاً من 10% (بدأً من 10 أكتوبر 2017) لسحب السيولة وتقييد الائتمان.
ووفقا للبنك المركزي، بلغت الاحتياطيات الدولية فى يوليو 36 مليار دولار، بعد أن سجلت فى يونيو أعلى مستوى منذ ثورة يناير 2011 وازدادت الاحتياطيات الأجنبية فى البنك نتيجة لعدة عوامل: انسحاب البنك المركزى من سوق الصرف الأجنبى المحلية كجزء من قرار تعويم الجنيه المصرى فى 3 نوفمبر 2016 والزيادة كبيرة فى تدفقات الحوالات المالية واستثمارات الحوافظ الأجنبية استجابة لانخفاض سعر الصرف إلى أقرب إلى سعر السوق السوداء؛ والزيادة فى الاقتراض الخارجى، سواء من صندوق النقد الدولى أو البنك الدولى، وفى شكل ديون حكومية، غير أن قانون الإستثمار الجديد وارتفاع سعر الفائدة قد أدى الى تدفق أكثر من 13 مليار دولار إلى أذون الخزانة المصرية اعتبارا من 25 يوليو، حيث ارتفعت العائدات بنسبة 22 فى المئة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة