صدر مؤخراً للناقد السينمائى سامح فتحى كتاب "أهم مائة فيلم وفيلم فى السينما المصرية، الكتاب هو سجل تحليلى شمل معلومات وافية عن كل فيلم، ودراسة لأسباب إدراجه ضمن قائمة الكتاب صاحب كل فيلم الأفيش الخاص به، وصور فوتوغرافية لمشاهد له، واستخلص سامح فتحى عدة نتائج منها: وجود نجيب محفوظ على رأس أكثر كاتب للقصة السينمائية فى الكتاب، كما يعد على الزرقانى أبرز كتاب السيناريو فى السينما المصرية، وهو أكثر كاتب سيناريو فى المائة فيلم موضع الدراسة، ووجدت أن السينمائى المصرى الكبير عبد الحليم نصر أكثر مدير تصوير فى المائة فيلم، وجاء الفنان فريد شوقى أكثر فنانا له أفلام فى المائة فيلم، وسعاد حسنى هى أكثر ممثلة مشاركة فى المائة فيلم، والفنان محمود المليجى هو أكثر ممثل مساعد بالمائة فيلم، وفؤاد الظاهري، الملحن والمؤلف الموسيقى أكثر مؤلف موسيقى للمائة فيلم، وتأتى المؤسسة العامة للسينما كأكثر مؤسسة أنتجت أفلاما فى المائة فيلم، وماهر عبد النور مهندس الديكور لأغلب المائة فيلم، والسيد بدير واضع أكثر حوارات أفلام المائة فيلم، وتعد شركة توزيع الأفلام دولار أكثر شركة توزيع للمائة فيلم.
لكن المؤلف لم يقدم لنا قائمة يرتبها بأفضل فيلم مصري، ولم يرتب هذه الأفلام من واحد إلى مائة من حيث الأفضلية، إن وجهة نظره بعد أن ناقشته أن فيلم الفتوة الذى أخرجه صلاح أبو سيف ومثله فريد شوقى وتحية كاريوكا هو أفضل أفلام السينما المصرية، لكنى أرى أن فيلم الزوجة الثانية لذات المخرج هو أفضل فيلم فى تاريخ السينما المصرية، حيث حمل رمزية غير مسبوقة، ذات دلالات سياسية واجتماعية وفلسفية، وظف فيها المخرج الحوار والأشخاص والمكان حتى الزمن، لدرجة حملت معاهدة الرمزية دلالات كثيرة.
لكننا نستطيع أن نغوص مع المؤلف فى عدد من الأفلام التى اختارها لكتابه، ومنها:
فيلم "غزل البنات" 1949 أنتجه وأخرجه وكتب له السيناريو والقصة أنور وجدى، وحوار نجيب الريحانى وبديع خيرى، يحمل فيلم غزل البنات طاقة كوميدية ربما لم تتوفر فى بعض مواقفه لأى عمل سينمائى آخر؛ بما يجعل هذا الفيلم علامة بارزة من علامات السينما المصرية، وهو يعطى المشاهد صورة واضحة وجلية عن عبقرى الكوميديا "نجيب الريحاني" الذى خرجت الكوميديا المصرية كلها من تحت عباءته، واستفادت من قدراته الهائلة، فعلى الرغم من أن هذا العمل كان عام 1949 إلا أنه لا يزال يحتفظ برونقه وبهائه لدى الغالبية العظمى من المشاهدين، فلا ينسى أحد مواقف الريحانى مع الباشا أو مع بنته، ولا زال المشاهدون يضحكون كلما شاهدوا بعض مواقف هذا الفيلم ضحكا بنفس قوة الضحكات الأولى عند عرضه أول مرة عليهم، كما أن استمرار الضحك على "غزل البنات" يؤكد أنه سبق عصره حيث لا زالت بعض مواقفه الساخرة موجودة إلى الآن، مما يدفع المشاهدين لمعايشته بمعنى أن المشاهد يخلع على فيلم الريحانى فى 1949 ما يحدث له من واقع معاصر، فيجده ينطبق، فيضحك بسخرية على أوضاعه التى كان لها امتداد فى الزمن القديم، واستطاع الريحانى بعبقريته أن يصوغها سينمائيا بالاشتراك مع عبقرى الحوار السينمائى الكوميدى فى ذلك الوقت بديع خيرى.
وقد ساعدت الملامح الخارجية لنجيب الريحانى على تقمص شخصية أساسية يؤديها بطرق مختلفة فى معظم أعماله الفنية، تلك الشخصية التى يلازمها سوء الحظ فى حياتها رغم تميزها بالطيبة وحب الناس، وهى شخصية دائما تحترم ذاتها والآخرين، ولا تميل للضحك إلا فى أضيق الحدود رغم خفة دمها الظاهرة التى تضحك كل من حولها، إلا أن حياتها البائسة تظهر من خلال عيشها، فالحزن الدفين هو الضى يغلفها، والمواقف المأسوية تلتزم الشخصية، ورغم المواقف الكوميدية التى تجد الشخصية نفسها فيها إلا أن المواقف الحزينة كذلك أكثر، ويؤدى الريحانى كل المواقف الحزينة والكوميدية بمنتهى البراعة جعلت منه الضاحك الباكى فى السينما المصرية، فهو يقنع المشاهدين دائما بالموقف الذى يجد نفسه فيه، ويؤثر على مشاعرهم فتجدهم يبكون فى مواقف حزنه، ويضحكون فى مواقفه الكوميدية بتلقائية لم تحدث مع ممثل غيره.
وقد استطاع بديع خيرى بمساندة الريحانى كتابة حوار "غزل البنات" بمنتهى خفة الدم التى لا زالت تنتزع ضحكات المشاهدين كلما شاهدوا تلك المواقف، ففى موقف، هو النموذج الخالد لكوميديا سوء الفهم وعدم الإدراك لحقيقة الأشخاص، يذهب حمام أفندى إلى قصر الباشا مع مرزوق سكرتير الباشا، ويجلس منتظرا الباشا، ولم يره من قبل، ولا سبق له دخول قصر من القصور، وهنا يرى عدد من الرجال فى ملابس أنيقة يخدع فيهم عندما يظن أن أحدهم هو الباشا، فيعاملهم باحترام حتى يكتشف أن منهم مقدم القهوة، ومربى الكلب، وعندما يدخل الباشا فى ملابس الجناينى يتعامل معه بكل ازدراء وسخرية، حتى يعرف حقيقته فيتألم من حظه العاثر.
فيلم "جعلونى مجرما" 1954 من إخراج عاطف سالم، وقصة فريد شوقي، ورمسيس نجيب، وسيناريو نجيب محفوظ، وحوار السيد بدير، يثبت فريد شوقى من خلال هذا العمل أن الفنان لا ينبغى أن يعيش منعزلا عن قضايا مجتمعه، متقوقعا فى برجه العالي، مقتصرا على تقديم النماذج التى ترضى ذوقه الشخصي، وتنال استحسان فئة دون أخرى، كما يحقق فريد شوقى وعاطف سالم معادلة فى منتهى الصعوبة، وهى تقديم الجودة الفنية، ومعالجة قضية سلبية فى المجتمع بصورة مباشرة، وقد أدى تفوق العمل فى كل أركانه إلى النجاح الجماهيرى الذى أدى إلى استجابة السلطات التشريعية لأحد مطالب العمل، وذلك بأن حذفت السابقة الإجرامية الأولى فى حياة الأحداث؛ ليستطيعوا بعد ذلك أن يمارسوا حياتهم بصورة سوية دون أن يجرح كرامتهم أو يمسها بسوء وجود السابقة الأولى فى سجلاتها، مما يجعلهم يعدلون عن الانحراف إلى الطريق القويم، ذلك الأمر الذى نجح العمل فى الوصول إليه، مؤكداً للسلطة المهمة للأعمال الفنية، وتأثيرها الواضح فى باقى سلطات المجتمع ومؤسساته الرسمية المختلفة. ويناقش العمل قضية تأثير المجتمع فى أفراده وتشكيله لهم بالسلب أو الإيجاب، حيث يعتقد بعض المفكرين أن الأفراد يولدون صفحة بيضاء يخططها المجتمع والبيئة التى يعيشون فيها، فإن كان ذلك المجتمع صالحا خرج هؤلاء صالحين، وإلا كانوا من فئة الخارجين على القانون المنحرفين، ويأخذ فريق عمل "جعلونى مجرما" بوجهة النظر تلك، حيث يحاول هؤلاء أن يثبتوا أن المجتمع هو الذى يشكل أفراده ويلونهم بالسلوك الذى يظهرون عليه.
وجاء عنوان العمل معبرا عن وجهة النظر تلك، حيث يدل على أن أفراد هذا المجتمع هم الذين حولوا البطل من فرد صالح إلى مجرم فاسد. ويعكس الحوار إدانة المجتمع، حيث إنه السبب فى فساد وإجرام أفراده؛ لأنه لم يوفر لهم الفرص المناسبة للحياة أو العمل؛ مما اضطرهم إلى الانحراف، فسلطان يؤكد للشيخ حسن ظلم المجتمع له، فيرد الشيخ حسن: "لا يا سلطان يا خويا، أنت بتظلم الناس والمجتمع". كما يصرح سلطان لياسمينه بما فى نفسه للمجتمع، قائلا: "أنت الناس ظلموكي، أنا المجتمع كله ظلمنى". وفى نهاية العمل عندما تثبت براءة سلطان من قتل أحد عمال الملهى الليلى، بعد أن قام بالفعل بقتل عمه، فلم تعد تلك البراءة تفيده، يصرخ قائلا: "دلوقتى بس ظهرت برائتى، عدالة المجتمع أتأخرت عنى كتير، غمضت عينها وما فتحتهمش إلا بعد ما بقيت مجرم قاتل". وفى ختام العمل بعد القبض على سلطان تسلط الكاميرا على أطفال الشوارع، ويأتى صوت الراوى أو سلطان، مؤكدا أنهم قد يصبحون مثله لو صادفوا نفس ظروفه، فيقول: "مساكين، يا ترى مصيرهم حيكون زى مصيري، ولا حيلاقوا واحد يعطف عليهم ويربيهم؟ ربنا معاهم، ربنا معاهم".
فيلم "شباب امرأة" 1956 من إخراج صلاح أبو سيف، وقصة أمين يوسف غراب، وسيناريو أمين يوسف غراب، وصلاح أبو سيف، وحوار السيد بدير، القصة لأمين يوسف غراب الكاتب الواقعى الذى لا يؤمن بالحب العذرى، ويعتقد أن الجنس أساس العلاقة بين الرجل والمرأة، وهذا الاعتقاد لأمين يوسف غراب هو مفتاح قصة "شباب امرأة"، حيث أجرى صراعا بين الحب العذرى الشريف الذى يحبه البطل إمام لسلوى، وبين الجنس الذى تعطيه له شفاعات، فكانت الغلبة للجنس فى معظم المواقف إلا فى نهاية العمل بعد أن ماتت شفاعات، ويلجأ صلاح أبو سيف فى هذا الفيلم إلى التصوير الرمزى الذى يصور ما قد يبدو بعيداً عن موضوع العمل الرئيس لكنه يرمز إليه، ومن هذه الصور الرمزية مشهد خروج إمام قبل أن يقع فى الخطيئة مع شفاعات، فالصورة لذكر حمام يطير مبتعداً عن مكانه فى إشارة إلى ابتعاد إمام وطيرانه بعيداً عن ارتكاب الحرام. كما تضع شفاعات يديها على عينى إمام فى مفاكهة جنسية له، فيقوم إمام بعد ذلك بمعاشرتها جنسيا، فتتحول الصورة بعد ذلك لتصور بغل السرجة وقد وُضِع على عينيه غطاء ليدور دون أن يدرك المسافة التى يدورها؛ مما يرمز إلى إمام الذى لا يدرك حجم معاناته من المعاشرة الدائمة لشفاعات.
وقد ساعد الحوار على إظهار هذه اللغة الرمزية التى ابتعها أبو سيف فى التصوير، فنجد شفاعات عندما تسأل عن بغل السرحة وأين ذهب فيرد حسبو: "البغل، البغل ما زاغ"، وهو يقصد إمام الذى ذهب مع حبيبته سلوى خلسة دون أن تراهما شفاعات. وعندما يضرب أحد العمال البغل ويطلب منه حسبو الرفق به، يقول العامل: "المعلمة ما يهمهاش، عاوزاه يشتغل كدة ليل مع نهار"، والمقصود بالطبع إمام. فاللغة الرمزية كانت موظفة توظيفا دالا مميزا؛ لأنها لم تكن خارج سياق البيئة، وإنما كانت مقتطعة من البيئة المحيطة؛ لذا عبرت تمام التعبير عن الجو العام للعمل مع الإيحاءات التى أرادها كاتب السيناريو.
ويستطيع المشاهد أن يقرر فى جلاء أن ذلك الفيلم هو فيلم تحية كاريوكا دون مبالغة، فلم يكن متصورا أن تقوم أخرى بهذا الدور وتؤديه بتلك البراعة والذكاء، وفهم متطلبات الدور كما فعلت تحية كاريوكا، فجسدت بصورة عميقة سلوك السيدة النهمة جنسيا التى لا تشبع أو ترتوي، وتطلب ضحاياها دائما، وتغدق عليهم من مالها وحبها الزائف حتى إذا ما مرضت تلك الضحية، أو لم تصبح قادرة على إشباعها تحولت عنها وتركتها لغيرها. كما استحق شكرى سرحان جائزة التمثيل عن هذا الدور الذى أجاده بصورة جعلت منه رمزا لكل طالب علم يسقط فى الغواية، منحرفاً عن مقصده، حتى يفيق فى النهاية لنفسه، ويعود لطريق الرشاد.
فيلم "الفتوة" 1957 إخراج صلاح أبو سيف، قصة فريد شوقى ومحمود صبحي، والسيناريو السيد بدير ومحمود صبحى وصلاح أبو سيف ونجيب محفوظ، والحوار السيد بدير، هذا العمل من أهم الأعمال التى قدمها فريد شوقى للسينما إنتاجاً وتمثيلاً، عن قصة حقيقية لأحد تجار الفاكهة بسوق روض الفرج القديم الذى كان يُمارِسُ الاحتكار والظلم لبسطاء الشعب، فاستعان فريد شوقى بصلاح أبو سيف فأمر ذلك الأخير ببناء سوق مماثل تماما لذلك المكان الواقعي، وأخرج الفيلم على أرقى مستوى، لكن فوجئ فريد شوقى بعد عرض الفيلم بوقف عرضه نتيجة دعوى قضائية من ذلك التاجر واسمه زيدان، يتهمه بالتشهير وتشويه السمعة، فتمكن فريد شوقى من إقناع القاضى بعدم صحة الدعوى، وأعيد عرض الفيلم الذى حقق نجاحا كبيرا.
واستطاع السيناريو أن يعكس الصورة الواقعية لأوضاع السوق، وما يحدث فيه من احتكار ومعاملات تجارية يومية. وتظهر الرمزية فى الفيلم من خلال قذف صورة الملك فاروق بالطماطم فى مشهد النهاية، بينما تسقط اللافتة التى تحمل اسم هريدي، ثم لافتة اسم أبو زيد، بما يرمز لسقوط الفساد والمفسدين. واستطاع أبو سيف فى لمحة عبقرية أن يقدم نهاية لعمله تؤكد فكرته أن الفساد لا ينتهى ما دامت البيئة الخصبة لوجوده مستمرة، فكانت النهاية النادرة والعبقرية فى السينما المصرية، فهى نفسها بداية دخول هريدى إلى السوق، وتكرارا لما استقبله به أحد الأراذل من صفع على القفا، حيث تبدأ حلقة أخرى لكن بوجوده مغايرة، وتظل السلوكيات والأفعال واحدة.
وجاءت الموسيقى التصويرية لتعكس الصراع بين إرادة الحياة وفساد المستغلين فى صورة جلية واضحة، خاصة فى مشاهد مشاجرات السوق الأخيرة، كما استطاع وديد سرى إدارة الكاميرا لتلتقط التعبيرات وتلخص الجو العام للعمل، وتساند الحوار الواقعي، مع الإكسسوار والديكور المتقن، ونماذج الملابس؛ بما أصل لواقعية العمل بصورة مميزة، كان لها وقعها فى تلقى العمل من المشاهدين بالتفاعل والسرور. وتمكن فريد شوقى من أن يلون أداءه ويطوعه وفقا لتطورات الحوادث، كما فى مشهد سحبه العربة الخشبية بدلا من الحمار، والذى جسد فيه معاناته الشديدة التى يصادفها الرجل البسيط عندما يحضر من قريته باحثا عن فرصة عمل، تكفيه شر السؤال ومذلة الحاجة، ومشهد صراعه مع الموت فى حبسه بثلاجة الخضار، ومحاولته القوية الفوز بالحياة والنجاة من مكيدة أبو زيد، ومشه المزاد الذى تحداه فيه أبو زيد، فبعد أن بدأ السعر بسيطا فى متناول هريدي، جعله أبو زيد مرتفعا جدا، فكانت نظرات أبو زيد تدل على السخرية والشماتة، فى حين نظرات هريدى تدل على التحدى فى البداية ثم الانكسار فى النهاية، ونجح زكى رستم فى فرض فوة أسلوبه وشخصيته الباطشة فى ذلك المشهد، وفى غيره من المشاهد، فقد برع فى رسم الصورة الخارجية والداخلية للتاجر الجشع الفاسد الذى يجسد فساد امتزاج السلطة بالمال. وكان توفيق الدقن محبوبا خفيفا على قلوب المشاهدين رغم أدائه لدور الشر. كذلك تحية كاريوكا استطاعت أن تجسد دور بنت البلد التى تقف بجوار الحق مهما كانت العواقب، فأثبتت كاريوكا أنها تمتلك طاقة فنية كبيرة، وموهبة رائعة.
فيلم "الحرام" 1965 إخراج بركات، وقصة يوسف إدريس، وسيناريو وحوار سعد الدين وهبة، هذا الفيلم العبقرى "الحرام" كان الوحيد فى بابه من ناحية تجسيد حياة طبقة أو شريحة مجتمعية معينة كانت موجودة بصورة كبيرة فى مجتمع ما قبل الثورة، وهى طبقة "الترحيلة" أو عمال التراحيل، فلم يتطرق فيلم مصرى بالدقة والتفصيل لحياة هذه الشريحة من الناس، ويصور معاناتها وظروفها الاجتماعية القاسية، ويعكس سلوكياتها الخارجية والداخلية، ويجسد المأساة التى تعيشها بطريقة درامية واقعية مع الدخول بالمشاهد داخل منازلها البسيطة المبنية بالطوب اللبن والحجارة، ويلبسون أثواباً بالية تكشف أكثر مما تستر، وقد مزقها الزمن، يستوى فى ذلك الذكور والإناث، ولا يجدون من الطعام سوى الجبن القديم "المش"، والخبز الجاف الذى تعفن ليسدوا به رمقهم، وإذا مرض أحدهم فلا يجد ثمن الدواء أو الكشف والعلاج، فيكتفى بالوصفات غيلا المكلفة مثل الكى بالنار، أو غلى بعض الكمون لتهدئة ذلك المرض اللعين.
ويستطيع المشاهد الذى رأى "دعاء الكروان" 1959 أن يعرف مخرج الحرام دون أن يقرأ اسمه، فبركات يقيم العلمين على بعض الأساليب الواحدة التى تميزه هو كمخرج عن باقى المخرجين، وتحدد له أسلوبا واحداً فى العمل، ومن هذه الأساليب المميزة لبركات فى إخراجه والتى اتبعها فى "دعاء الكروان"، ثم فى "الحرام" تقنية الاسترجاع عبر الشخصيات الرئيسية لكن بطريقة خاصة ببركات، فالعمل يبدأ بحوادث ومواقف محددة لكنها غير مفسرة، وتظهر الشخصية الأساسية ضمن هذه الحوادث لكنها تفسر هذه الحوادث عن طريق الاسترجاع الذى تستغرق فيه زمنا حتى تصل إلى النقطة التى تسترجع منها، بعد أن يكون بركات قد ضم فى نهاية استرجاعها المشاهد المختلفة التى كانت قبل هذا الاسترجاع، والتى شاهدها المشاهد من قبل، وهو يقصد بذلك أن يرى المشاهد مرة ثانية لكن بعد أن أزيل إبهامها، وقد فسرها استرجاع الشخصية؛ مما يعطى لها معنى جديداً غير صورتها فى المرة الأولى، وقد فعل ذلك بركات فى "دعاء الكروان" الذى كانت حوادث الاسترجاع. للصدفة الحسنة. عن طريق نفس البطلة التى تسترجع الحوادث بنفس الطريقة فى "الحرام" وهى فاتن حمامة التى تسترجع وهو فى شخصية المريضة شريط حياتها حتى تصل للمشاهد التى بدأ بها الفيلم، واستعراض الناظر لنساء الترحيلة وهى بينهن، وفى المشهد الذى تسترجعه البطلة يضاف إلى المشهد الأول صورتها فى أثناء استعراض الناظر للنساء، بينما صورتها لم تظهر فى المشهد الأول. وكانت موسيقى سليمان جميل معبرة فى كل وقت عن الدراما، كذا تميز الفيلم بالقدرة التصويرية الناضجة التى أبدعت مشهد النهاية عندما ماتت البطلة، ووقوف رجال القرية صفوفاً أعلى المنازل بإضاءة خافتة فى وداعها، فكان من أجمل مشاهد السينما المصرية تعبيرية عن الحزن والمأساة وفقر هذه القرى. وكان عبد الله غيث فى أبلغ التعبيرية وأشد التصوير لحياة ذلك الفلاح البائس، فلا نعلم ممثلا كان يستطيع أن يؤدى ذلك الدور ببراعة عبد الله غيث، كما قاسمته النجاح فاتن حمامة فى دور من أعظم وأفضل أدوراها.
فيلم "الزوجة الثانية" 1967 من إخراج صلاح أبو سيف، وقصة أحمد رشدى صالح، وسيناريو محمد مصطفى سامي، وسعد الدين وهبة، وصلاح أبو سيف، وحوار محمد مصطفى سامي، وقد حصل صلاح أبو سيف على جائزة أحسن إخراج من مؤسسة السينما. كما حصل شكرى سرحان على جائزة أحسن ممثل وسعاد حسنى أحسن ممثلة. ومدة العرض 112 دقيقة؛ أبيض وأسود. وكان أول عرض له فى 16/ 10/1967.
بعد هذا الفيلم واحدا من أهم أفلام السينما المصرية التى استطاعت أن تنقل الواقع الحى الذى عاشته القرية المصرية فى أحلك عصور الجهل والظلم والطغيان، واستطاع من خلاله صلاح أبو سيف أن ينقل المشاهد المصري، خاصة الذى لم يعش بالريف، إلى تلك الأيام التى كان العمدة فيها هو الحكام بأمره، الذى يرمز لسلطة غاشمة لا تعرف سوى امتصاص دماء المصريين لتثرى وتزاد ترفا وغنى، فكان البناء المحكم فى السيناريو لشخصية العمدة من عوامل نجاح العمل، وكان أداء صلاح منصور أداء عالميا يستحق عن جدارة جائزة الأوسكار، فمن لم يشاهد العمدة الحقيقى وسلوكياته فى تلك الأزمان يستطيع بكل سهولة أن يراه فى شخصية العمدة السينمائى صلاح منصور، الذى هو بالفعل عمدة السينما المصرية، فقد كانت طريقته فى الحركة والسير وتحريك اليد ونظرات العين كلها تجعل المشاهد لا يتخيل أن يكون هناك سوى عمدة واحد فقط هو صلاح منصور، كما كانت طريقة حديثه فى قمة الصدف والنقلة الفنية لزمن ذلك العمدة المستبد. كما كان أداء شكرى سرحان يرمز بالفعل للشعب المصرى الرازح تحت نير السلطة المستبدة الذى لا يستطيع دفع أذاها عن نفسه أو أسرته، كما لا يأمن على نفسه إن هو أغضبها فى أمر بسيط. وعبرت كذلك سعاد حسنى عن الفلاحة المصرية الحنونة على زوجها وأسرتها، التى تحمل جينات النضال والكفاح بالطرق الأنثوية لتصل إلى هدفها وبغيتها مهما طال الزمن، ورغم قصر دور إبراهيم الشامى أو المأمور إلا أنه عبر بالفعل عن الموظف المرتشى الذى يغير ضميره وسلوكياته بمجرد وجبة، ويتحامل على الفقراء البؤساء إرضاء للأغنياء. وقد كانت الموسيقى التصويرية بهذا الفيلم ساحرة جداً، فهى تنقل المشاهد بالفعل لجو الريف المصرى بمجرد سماعها وتجعله يشعر بالبساطة وحالة من الانسجام.
وكان الحوار فى منتهى الحرفية والواقعية، وقد عبر بقوة عن مكنون الشخصيات كما عبر فى واقعية عن سلوكياتها الخارجية، فمثلا عندما كان المأمور المرتشى يأكل على مائدة العمدة، ويتحاور مع العطار مبروك عن أن أبو العلا وأمثاله من حثالة المجتمع، وهو لا يتورعون عن الحرام والسرقة، فيقول ذلك المأمور عن أبو العلا وأمثاله: "دول بهايم ياكلوا مال النبي"، بينما الصورة تركز على الطعام وهو يدخل فمه فى شره ونهم شديد، وهو رشوة من العمدة له حتى يتعاون معه فى سجن أبو العلا الذى كان رافضا لتطليق زوجته، فتظهر المفارقة بين كلامه وسلوكياته.
فيلم "دعاء الكروان" 1959 إخراج وإنتاج بركات، ويوسف جوهر، وحوار يوسف جوهر، وقد رشح لجائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبي، وفاز بشهادة تقدير من هيئة أوسكار، وعرض فى مهرجان برلين، وحصل على جائزة أحسن فيلم فى المسابقة الدولية وفاتن حمامة أحسن ممثلة. ومدة العرض 119 دقيقة، أبيض وأسود. وكان أول عرض له فى 22/ 11/ 1959.
جاء الفيلم صورة طبق الأصل من روح الرواية، ساعد بركات فى ذلك الحوار الذى وضعه يوسف جوهر، والذى عكس بصدق طبيعة الشخصيات وبيئتها التى تربت فيها، فكان أمينا فى نقل لهجة أسرة زهرة أو الأم، حيث إنهن ينتمين إلى القبائل العربية التى اتخذت من صعيد مصر موطنا لها، فكانت لغتها مختلفة عن اللهجة المصرية الصعيدية، فآمنة تقول لأختها عندما تستحثها هذه الأخيرة على السرعة فى السير؛ لتشاهد من يلقى فى سمعها كلام الغرام، فتقول آمنة التى تعرف سر هذا الطلب من أختها: "أنا عارفة أنت مشعوفة ليه"، فلفظ مشعوفة مستخدم لدى القبائل البدوية، وغير معروف فى مصر. كما أن هنادى تقول لآمنة: "أوعى تزلفى بكلمة جدام أمكي"، فتستخدم ألفاظ "تزلفي"، و"أمكي"، و"خدمتكي"، وكلها تعبر عن البيئة البدوية التى قصدها طه حسين، وقد سعد بالعمل الذى جسد روايته على الشاشة، وعبر عن تلك السعادة بتعليقه الأخيرة عن الفيلم الذى جاء بصوته فى نهاية العمل.
وقد تغلغل بركات فى رحلات متنوعة داخل النفس ومراحل تطورها واكتسابها الخبرات والتجارب، فتابع هنادى فى رحلتها بحثا عن نفسها، ففى بداية الفيلم يجدها المشاهد خجولة تسير وراء أختها، تخفى وجها دوما بحجاب، غير قادرة على الفعل ليجدها فى النهاية وقد خلعت هذا الحجاب، وتسير ورأسها مرفوعة، وتبدو أكثر خبرة وانطلاقا للحياة، ويظل يتابعها فى عالمها النفسى ومشاعرها المختلفة بين الخجل ثم الجرأة والمرح، ثم الحزن والانكسار حتى القتل، كما كانت الرحلة فى داخل نفس آمنة التى بدأت بالبراءة، ثم التشوق وممارسة الحياة القاسية، ثم الحزن والانكسار، ثم رحلة الانتقام فالوقوع فى الحب، فالألم النفسى الرهيب. كذا كانت الرحلة داخل المهندس الزراعى التى بدأت بالاستهتار واللامبالاة والعبث الذكوري، حتى التحول للندم والحب الصادق الذى من أجله يضحى بحياته.
وكانت أماكن التصوير الخارجية والديكور الداخلى من أسس نجاح العمل، فديكور المنزل البسيط البدائى الذى كانت تعيش فيه هنادى فى أول الفيلم يعبر عنها وعن بساطتها وعدم خبرتها بالحياة، ثم بعد ذلك منزل المأمور الذى ذهبت إليه آمنة للخدمة، ومنزل المهندس الذى ذهبت إليه كذلك، فالأول يشعر بالتفاؤل والراحة والطمأنينة، أما الآخر الذى يظهر لاحقا فهو مقبض وكئيب، والتصوير الخارجى له دور شاعرى جميل ومعبر عن الأحداث، فالمكان الذى قتلت فيه هنادى هو الصحراء للتعبير عن قسوة المشهد الذى لم تظهر به نقطة دم واحدة، فكانت الصحراء بديلا لتلك القسوة والظلم. وقد قدمت زهرة العلا دور هنادى بأبدع ما يكون، وكانت لها السبق فى تأثير العمل فى المشاهدين، ثم تناولت آمنة ذلك التأثير فأجادت فاتن حمامة بدرجة جعلتها متربعة دائما فى ضمير عشاق السينما ومحبيها. وقد استطاع أحمد مظهر أن يؤدى فى شموخ دور المهندس المنفلت فى البداية والعاشق فى النهاية، فعبر عنه بالكلمة والصوت والصورة والإشارة، حتى يُخيل للمشاهدين أنه بالفعل ذلك المهندس.
فيلم "البوسطجي" 1968 إخراج كمال حسين، وقصة يحيى حقي، وسيناريو صبرى موسى، ودنيا البابا، وحوار صبرى موسى وقد فاز الفيلم بجائزة أحسن ممثل أول لشكرى سرحان من مؤسسة السينما، وفاز بجائزة الدولة فى الإخراج لحسين كمال. وعرض فى مهرجان قرطاج، وعرض فى مهرجان طشقند، وعرض فى مهرجان كان. ومدة العرض 116 دقيقة، أبيض وأسود. وكان أول عرض له فى 15/ 4 / 1968.
الواقعية الخشنة نوع من أنواع الواقعية يقصد بها تصوير الواقع بخشونته دون معالجة سينمائية أو محاولة تجميل خاصة لذلك الواقع المتخلف المغلق على نفسه، والذى يتسم بالسلبية واللامبالاة مع بعض الأمراض الاجتماعية المتوطنة مثل الثأر والخيانة، تلك السلبيات التى تجمعت فى قرية كوم النحل بصعيد مصر، والتى أراد يحيى حقى بعبقرية واضحة أن يسلط الضوء عليها، ويشبك السلبيات العامة بالسلبيات الخاصة، وهذه النظرة من يحيى وافقتها تماما نظرة حسين كمال الذى تفهم روح القصة ومراميها ونفذ إلى أهدافها، وأراد أن يعطى المشاهد هذه الروح وتلك المرامى كما هى دون مساس بها، لذلك نجح العمل وأصبح من أهم أعمال السينما المصرية التى قدمت صورة لواقع مصرى وإن كان منعزلاً عن باقى المصريين. وقد استطاع حسين كمال أن يحقق استخداما متقناً للمونتاج، كذلك استفاد كثيراً من التفاصيل الصغيرة والشخصيات الثانوية، فى تكثيف الخط الدرامى الرئيسى وتعميقه، وحقق أيضاً توازناً موفقاً وملحوظاً بين السيطرة على أدواته الفنية والتقنية كمخرج، وبين المضمون الذى يطرحه الفيلم. جاء الديكور خادما للفكر الدرامى ففى بيت البوسطجى الذى استأجره من العمدة، وكان مهجوراً فى السابق، هذا البيت كان يمثل سجن البوسطجى فى القرية، فالبيت واسع جداً، إلا أن جدرانه متهدمة، والمكان مشبع بالرطوبة، مما ساهم فى إحساس البوسطجى الكآبة، وانزوائه فى ركن من أركان هذا البيت الكبير.
وكان تنفيذ حسين كمال لبعض المشاهد بفكر عبقري، ففى مشهد الاغتصاب فى برج الحمام، وف حسين كمال الكاميرا والموسيقى والديكور والإكسسوار لخدمة مضمون محدد، فمع الطبول قدم سلامة والفتاة بثلاث زوايا رئيسية مختلفة، تهدف إلى تعريف المتفرج بالمكان الذى يجمع الحمام الأبيض رمز البراءة والطهر، فى حركة متواصلة من أعلى ومن أسفل، ثم الرجل والفتاة على أرض البرج – وكان السيناريو مرسوماً فى محاولة لتذويبهم داخل بعض – ثم بزاوية منخفضة مع صرخة الاغتصاب، وتسكن الحركة فجأة، لتبلور موقف الرفض والإدانة. وقد أجاد شكرى سرحان توظيف إمكانياته الذاتية فى إبراز دور البوسطجى المستنير الذى يأنف من الجهل ويضيق بالتسلط والاستبداد، فكان فى دور من أبرز وأقوى أدواره السينمائية، حيث كان دوره هو الأهم والأبرز الذى يحمل العمل كله، فنجح فى حمله للنجاح والجماهيرية. واستطاعت زيزى مصطفى أن تكون الفتاة البريئة الرومانسية ضحية المجتمع المتخلف، وبسبب إجادتها ذلك الدور شعر المشاهد بحجم وهول المأساة التى تعيشها القرى المختلفة مثل هذه القرية.
فيلم "الحريف" 1983 إخراج محمد خان، وقصة محمد خان، وبشير الديك، وسيناريو وحوار بشير الديك، "فى ناس بتلعب كورة فى الشارع.. وناس بتمشى تغنى فى الشارع.. وتاخد صورة فى الشارع.. فيه ناس بتشتم بعض، تضرب بعض، تقتل بعض فى الشارع.. فيه ناس تنام على الأرض فى الشارع.. وناس تبيع العرض فى الشارع.. فى الشارع أخطأ كتير صبحت صحيحة.. لكن صحيح حتكون فضيحة لو يوم نسينا وبوسنا بعض فى الشارع". بهذه المقطوعة من شعر العامية يبدأ فيلم "الحريف"، ولهذا المقطع الشعرى أهميته فى العمل، فلم يضعه محمد خان تزيناً للعمل أو على عادة بعض الأعمال الفنية المختلفة، لكن لأن له وظيفة درامية، فهو يمهد للعمل ويعطى مؤشراً للجو النفسى الخاص به، مع إعطاء بعض اللمحات عن بيئة العمل وشخصياته وحوادثه. وقد جاء العمل فى صورة جديدة على الشكل السينمائى المعهود للأفلام التى تندرج فى معظمها تحت حكاية محددة، لها بدايتها ووسطها ونهايتها السعيدة أو الحزينة أو المفتوحة، أما "الحريف" فقد التقط بعض اللحظات من عمر شخصيته الأساسية، وهى شخصية فارس، وقدمها للمشاهدين ليس طلباً للعظة والاعتبار، أو مناشدة للكوميديا أو حتى لمجرد التسلية وتمضية الوقت، لكن بهدف وحيد وهو وضع تلك اللحظات أمام الأنظار للتأكيد على وجودها ولفت الانتباه إلى مثل هذه الشخصيات المجتمعية، وما تؤديه الظروف الاجتماعية والمادية حولها من تأثيرات سلبية.
وقد استطاع محمد خان أن يبث الجو الواقعى فى العمل الذى يدور فى الأزفة والحوارى، فاستخدم كاميرا سعيد الشيمى بكل حرفية وفن لتعطى دلالات أكبر من نقل الصورة إلى نقل المعنى المقصود، فعندما يصبح فارس بالمصعد فى عمارته التى يسكن سطحها ينظر وهو فى المصعد للشقق المغلقة التى يسكنها الأثرياء، فتلتقط الكاميرا الصورة للنظرة من أعلى لتعطى إيحاء بالتعالى وعدم الحقد الطبقى من فارس. ويوجه خان الكاميرا إلى وجه عادل إمام عندما ينظر إلى أسرة عبد الله بعد انتحاره لاعناً الفقر، فتلتقط الكاميرا كل معانى الضيق والغضب التى جسدتها نظرات الرائع عادل إمام. وعند التقاط صورة الحارة يجعل الشيمى الكاميرا تصورها طولياً وكأن إنسان يقف فى أول الحارة ينظر لآخرها مما يعطى شعوراً بالواقعية. وكان لإجادة عادل إمام دوره النصيب الكبير فى قبول العمل حيث جسد بالفعل ذلك الإنسان الذى مر عليه الزمن دون استفادة حقيقية من الحياة، وانتهز فرصته الأخيرة ليثبت ذاته فنجح فى ذلك، فهو مصرى من الطبقة الشعبية المطحونة، لكن يحمل كل المشاعر المختلفة والمتناقضة أحيانا، فهو عطوف ولكنه غضوب، وهو طيب رحيم لكنه قاس شديد، وهو فى لزوجته التى طلقها لكنه ما يلبث أن يخون، وكل هذه المشاعر جسدها بصورة رائعة عادل إمام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة