بأجواء يسودها القلق، بدأت الأجهزة الأمنية الفرنسية تحركات مكثفة بعدما ألمحت تقارير إعلامية إلى وجود اختراقاً لقطاع السجون من قبل عملاء لتنظيمات وكيانات إرهابية، مستشهدة بهجوم مرسيليا الذى نفذه التونسى أحمد حنشى والذى كان قيد الاعتقال وأفرج عنه قبل ارتكاب الحادث بـ48 ساعة فقط.
وفى الوقت الذى تبنى فيه تنظيم داعش الهجوم الذى وقع بداية الأسبوع الجارى ، وفيما نفت مصادر أمنية فرنسية صحة تلك الادعاءات ، بدأت العديد من وسائل الإعلام التحذير من أن تفاصيل الحادث تنبئ بأن هناك اختراقاً ما فى الأجهزة الأمنية الفرنسية، حيث أن "حنشى" مهاجراً غير شرعياً، وأن القانون كان يستوجب ترحيله خارج البلاد أو استمرار احتجازه وليس الإفراج عنه دون أى ضمانات.
وفى تقرير لها الأربعاء ، الذى جاء بعنوان "اعتداء مرسيليا .. هل فشلت الإدارة"، تساءلت صحيفة "لاكروا" عن احتمالات وجود إهمال غير مقصود، أو اختراق لأجهزة الأمن الفرنسية أدى لوقوع الحادث بتلك الملابسات.
وقالت الصحيفة فى تقريرها الذى كتبته المحللة السياسية نتالى بيرشام : "إن منفذ جريمة محطة سانت شارل التونسى الجنسية قد تم إطلاق سراحه فى ليون قبل يومين من الاعتداء، وأنه من المتوقع أن يبدأ فى فرنسا تحقيق إدارى لمعرفة ما إذا كان هناك خطأ قد حدث، لكن من المعروف أنه يتم بموجب القانون وضع المفرج عنه تحت الملاحظة لفترة لضمان حسن سلوكه واندماجه مع المجتمع ككل".
وتابعت "بيرشام" : "من الناحية النظرية ، عندما يتعذر على الشخص المعتقل إثبات إقامته قانونيا يوضع فى الحجز لمدة تصل إلى 16 ساعة، وهو الوقت اللازم للتحقق من هويته، وإذا كانت إقامته غير نظامية، فقد تصدر السلطات قرارا بمغادرة الأراضى الفرنسية، وإن كانت هذه الحالة هى التى تنطبق على المهاجم فهو خطأ كبير وتسبب بالفعل فى إراقة الدماء فى البلاد ويجب التحقيق فيه بكل حسم".
ومن صحيفة "لاكروا" إلى "لوفيجارو" لم تتوقف سلسلة الإدانات التى أطلقتها الصحافة الفرنسية لمسئولى الأجهزة الأمنية ، فبعنوان "الفشل الذى لا يصدق"، قالت الصحيفة إن هناك حالة من الغضب الشعبى بعد الحادث الذى أودى بحياة شابتين فى محطة قطارات مرسيليا، على يد التونسى أحمد حنشى.
وتساءلت الصحيفة: لماذا لم يتم طرده من فرنسا وهو مهاجر غير شرعى ومنحرف وسبق أن ألقى القبض عليه فى حالة تلبس بالسرقة بمدينة ليون".
وبخلاف التحذير من احتمالات اختراق الأجهزة الأمنية، أجمعت العديد من وسائل الإعلام الفرنسية على أن السجون وكافة مراكز الاحتجاز خارج دائرة الرصد والرقابة، وأن الكثير من المتهمين الجنائيين يتم تجنيدهم بداخلها عبر العناصر الإرهابية والمتطرفة، وهو ما يشكل نقطة فى غاية الخطورة.
وفى أول تعليق على الحادث ، قال وزير الداخلية الفرنسى جيرار كولومب فى تصريحات صحفية مساء الثلاثاء الماضى، إن التونسى أحمد حنيش يبلغ من العمر 29 عاماً، وسبق له التردد على إيطاليا مستخدماً هويات مختلفة حيث أدعى فى بعض الأحيان أنه مغربى أو جزائرى.
تصريحات كولومب تزامنت مع سلسلة مداهمات نفذتها الأجهزة الأمنية الفرنسية وسط مرسيليا، أسفرت بحسب وسائل إعلام عن ضبط العشرات من المشتبه بهم.
وتتبع الحكومة الفرنسية نظام سحب الجنسية أو الطرد من البلاد لكل من يثبت تورطه فى أعمال ارهابية سابقة أو على علاقة تواصل مع أحد التنظيمات، أو كل من يتبنى أفكار هدامة وتهدف لإراقة الدماء، ويرجع هذا القرار لولاية الرئيس الفرنسى السابق فرنسوا هولاند ، ورئيس حكومته مانويل فالس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة