أفتى الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية الأسبق، بأن المرتد عن الإسلام، لا يقتل ويترك أمره لله يوم القيامة، مشددا على أن الدين الإسلامى أتاح حرية الفكر، موضحا من وجهة نظره "أن المرتد نوعان منهم ما هو على الاعتقاد وهذا لا دخل لنا به وحسابه على الله يوم القيامة..ومرتد إفساداً ويدعو إلى تقويض المجتمع وينشر مقالات وفيديوهات ويروج إلى أفكاره ويطالب الناس بالابتعاد عن الدين، واتباعه فقط".
الشيخ على جمعة لم يكن الأول الذى آثار تلك القضية الجدلية الكبيرة، فمن قبل ردت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها على شبكة الإنترنت على تلك القضية بعنوان "شبهة القول بقتل المرتد" مُبينة أن القضية تمثل فى الفكر الغربى إشكالية كبيرة، فيظنون أن الإسلام يُكْرِه الناس حتى يتبعوه، ويغفلون عن دستور المسلمين فى قضية حرية الاعتقاد التى يمثلها قوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ﴾.
وأضافت دار الإفتاء أيضاً "أن فى عهد النبى صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقتل عبد الله بن أبى، وقد قال: "لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ" ، ولم يقتل ذا الخويصرة التميمى وقد قال له: "اعْدِلْ" ، ولم يقتل من قال له: "يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْغَى وَتَسْتَخْلِى بِهِ" ، ولم يقتل القائل له: "إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ" ، ولم يقتل من قال له -لما حكم للزبير بتقديمه فى السقي: "أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ"، وغير هؤلاء ممن كان يبلغه عنهم أذًى له وَتَنَقُّص، وهى ألفاظ يرتد بها قائلها قطعًا؛ لأنها اتهام للنبى صلى الله عليه وآله وسلم بما فى ذلك من تكذيب له بأمانته وعدله".
الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر، أكد خلال مقابلة تليفزيونية، بإن الردة بحكم جميع الفقهاء يمثل جريمة لكنها لم توقع عليه عقوبة معينة، ويكون عقابه عند الله، وأوضح أن الرد تقال على المفارق للجماعة وليس لتارك الدين، أى الذى يمثل خطرا على المجتمع مستندا إلى فقه الأحناف بأن المرأة المرتدة لا تقتل لأنها لا تمثل أى خطورة على المجتمع، واستشهد "الطيب" أيضا بأن النبى محمد لم يقتل مرتدا، كما أن النبى رأى امرأة مقتولة فقال "ما كانت هذه لتقاتل" اى إنها لا تمثل خطرا على المجتع.
وبحسب الشيخ عبد المتعال الصعيدى أحد علماء الأزهر الشريف وعضو مجمع اللغة العربية الأسبق، فى كتابه "الحرية الدينية فى الإسلام"، أن هناك أقاويل كثيرة غير الذى يستند إليها العلماء الذين يوافقون على حكم الردة، ومنها أن المرتد يستتاب أبداً ولا يقتل، وقد استدل إلى هذه القول بما روى عن أنس بن مالك أن أبا موسى الأشعرى، قتل حجينة الكذاب وأصحابه، قال أنس "فقدمت على عمر بن الخطاب فقال: ما فعل حجينة وأصحابه، قال: فتعافلت عنه ثلاث مرات، فقلت: يا أمير المؤمنين، وهل كان سبيل إلا القتل. فقال عمر: لو أتيت بهم لعرضت عليهم الإسلام، فإن تابوا وإلا استودعتهم السجن"، واستدل أيضا بما رواه ابن مسعود فى الرجل القائل أن رسول لم يعدل، ولا أراد وجه فيما عمل، فإن هذا كفر وردة،ومع هذا لم يمكن من أراد قتله من أصحابه من قتله.
وأوضح "الصعيدى" فى كتابه أن القول السابق أنسب من غيره بما جاء به الإسلام من الحرية الدينية، بإن المرتد لا يكره على الإسلام بتقتل ولا بسجن ولا بنحوهما من وسائل الإكراه وإنما يدعى إليه بالحكمة والموعظة الحسنة وذلك وفقا للنص القرآنى "لاإكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى" والأية "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وهذا نفى للإكراه مطلق بحسب وصف الكاتب.
بينما أكد المؤلف أن حديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" فليس المراد به بالناس فيه جميع الناس قطعا، لإن أهل الكتاب لا يدخلون فيهم.
أما المفكر الإسلامى السورى محمد منير إدلبى فقد أورد فى كتابه "قتل المرتد الجريمة التى حرمها الإسلام" أكد أن القرآن الكريم يبرهن بكل وضوح على أن الأنبياء وأتباعهم كانوا ضحايا للعنف وهم بالرغم من ذلك كانوا الضحايا الين قابلوا الوحشية بالصير، وتابع بإن المرء لا يستطيع أن يصدق أن الذين يتحولون عن معتقداتهم إلى دين آخر يمكن ان يعذبوا بأسم الدين، وأن أنبياء الله جميعا الذين أرسلهم الله تعالى لكى يحولوا الناس عن المعتقدات الفاسدة، لا يمكنهم أيضا أن يقبلوا الأضطهاد باسم الين، لان هذا يجعل مهمتهم الأسياسية لا معنى لها، ويؤكد الكاتب أن القرأن يرينا أن الأنبياء وأتباعهم لا يعاقبون على ارتداهم فقط أثناء حياة النبى، وإنما يعاقبون أيضا بعد مئات السنين من موته، مؤكدا أن هذا الإضطهاد ليس له مصداقية عند الله.
واستشهد الكاتب بالعديد من آيات الذكر الحكيم من بينها "(لا اكراه فى الدين، قد تبين الرشد من الغي) البقرة 256، (وقل الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر) الكهف 29، (وقل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم، فمن إهتدى فانما يهتدى لنفسه، ومن ضل فانما يضل عليها، وما أنا عليكم بوكيل) يونس 108، ( ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) يونس 99، (فذكر إنما انت مذكر. لست عليهم بمسيطر) الغاشية21- 22، (وما أنت عليهم بجبار، فذكر بالقرآن من يخاف وعيد) سورة ق 45، (ولو شاء ربك ما أشركوا، وما جعلناك عليهم حفيظاً، وما أنت عليهم بوكيل) الانعام 107، (قد جاءتكم بصائر من ربكم، فمن أبصر فلنفسه، ومن عمى فعليها، وما أنا عليكم بحفيظ) الانعام 104، (ربكم أعلم بكم ان يشأ يرحمكم، أو ان يشأ يعذبكم، وما أرسلناك عليهم وكيلاً) الاسراء 54، (وكذب به قومك وهو الحق، قل لست عليكم بوكيل) الانعام 66.
ليؤكد بها الكاتب إن هذه النصوص تحوى الكثير من الاستنارة وفيض من النور الإلهى، ليعطى للناس حرية العقيدة والضمير، حيث إنه هو وحده من يجازى الناس على عقيدتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة