- المادة 218 من الدستور تلزم الدولة بمكافحة الفساد ويحدد القانون الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بذلك
- القانون رقم 54 لسنة 1964 بشأن هيئة الرقابة الإدارية: التعديلات التى وافق عليها مجلس النواب وصدق عليها الرئيس السيسى هى الأكبر منذ صدوره
- 500 ألف إقرار ذمة مالية فقط تلقاها جهاز الكسب غير المشروع من الموظفين من إجمالى عددهم بالجهاز الإداري للدولة
- دستور 2014 ألزم بضرورة إدخال تعديلات تشريعية على قوانين الأجهزة الرقابية لتتماشى مع نصوصه
- المادة 219 من الدستور تحدد الدور الذى يقوم به الجهاز المركزى للمحاسبات واختصاصاته
مكافحة الفساد هى الوجه الآخر لعملية مكافحة الإرهاب، وربما يراها البعض معركة أصعب، لهذا يحرص الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه المسؤولية على ألا يترك أى مناسبة إلا ويتحدث عن ضرورة محاربة الفساد ويوجه أجهزة الدولة فى هذا الاتجاه، وربما كانت أهم تصريحاته منذ توليه السلطة: «الدولة بجميع أجهزتها تعمل ضد الإرهاب الأسود ومواجهة الفساد»، إذا فالرئيس يضع الاثنين فى مرتبة واحدة لتحقيق التنمية للبلاد.
دستور 2014 أفرد عددا من المواد (من 215 وحتى 220) للحديث حول الجهات الرقابية ودورها، ومن ثم ألزم بضرورة وجود تعديلات تشريعية بما يتماشى مع هذه النصوص على قوانين الأجهزة الرقابية التى تكافح الفساد، وعلى جانب آخر تنفيذا لسياسات الدولة أيضا وتعزيز دور الأجهزة الرقابية فى مواجهة الفساد، يأتى الاهتمام بالتشريعات المرتبطة بمكافحة الفساد، ومن هنا كانت موافقة البرلمان، مؤخرا، على تعديلات لقانون هيئة الرقابة الإدارية، لتقوى من دورها فى مكافحة الفساد، هذا فضلا عن تشريعات أخرى تخص أجهزة وهيئات أخرى لها دور فى مكافحة الفساد ربما تكون مطروحة على البرلمان خلال دور انعقاده الحالى. وألزمت المادة (218) من الدستور الدولة بمكافحة الفساد.
ومنذ أيام وافق مجلس النواب على تعديلات قانون هيئة الرقابة الإدارية، وصدق الرئيس السيسى عليها، وذلك ضمن أجندة تشريعية للحكومة تستهدف تعزيز مكافحة الفساد، وتوسيع دور وصلاحيات الأجهزة الرقابية فى كشفه والقضاء عليه، هذا من جانب، ومن جانب آخر، تأتى التعديلات نتيجة استحقاقات دستورية، حيث أكد الدستور تمتع الهيئات والأجهزة الرقابية ومن ضمنها هيئة الرقابة الإدارية بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى.
ونصت التعديلات التى تعد الأكبر على قانون الهيئة منذ صدوره عام 1964 على أن هيئة الرقابة الإدارية هيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتمتع بالاستقلال الفنى والمالى والإدارى، كما نصت التعديلات للمرة الأولى على أهداف الهيئة، وذكرت أنها تهدف إلى منع الفساد، ومكافحته بكافة صوره، واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للوقاية منه، ضمانا لحسن أداء الوظيفة العامة وحفاظا على المال العام، وغيره من الأموال المملوكة للدولة.
وللمرة الأولى أيضا نص القانون الجديد على أن تضع الهيئة تقريرا سنويا عن جهودها ونشاطها تضمنه نتائج أعمالها وأبحاثها ودراساتها ومقترحاتها، وتقدمه إلى كل من رئيس الجمهورية، ومجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، حيث كان القانون السابق يلزم الهيئة برفع تقاريرها إلى رئيس مجلس الوزراء.
واستحدث القانون، الذى يتضمن توسيعا لسلطات الهيئة واختصاصاتها، عددا من الأمور بشأن اختصاصات الهيئة هى: «كشف وضبط الجرائم التى تستهدف الحصول أو محاولة الحصول على أى ربح أو منفعة باستغلال صفة أحد الموظفين العموميين المدنيين أو أحد شاغلى المناصب العامة بالجهات المدنية أو اسم إحدى الجهات المدنية المنصوص عليها بالمادة (4) من هذا القانون، وكذا الجرائم المتعلقة بتنظيم عمليات النقد الأجنبى المنصوص عليها بقانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد، والجرائم المنصوص عليها بقانون تنظيم زرع الأعضاء البشرية، والجرائم المنصوص عليها بقانون مكافحة الاتجار بالبشر».
واستحدث القانون الجديد عددا من المواد من بينها، أن تتكون الهيئة من عدة أجهزة، من بينها جهاز منع الفساد وجهاز مكافحة الفساد، ويصدر بتنظيم أجهزة الهيئة وقطاعاتها المركزية والإقليمية وتحديدًا اختصاصاتها وتسيير العمل بها قرار من رئيس الهيئة.
كما استحدث القانون إنشاء مركز متخصص يسمى «الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد» يتبع رئيس الهيئة ويعتبر أحد قطاعاتها، ويهدف إلى إعداد وتدريب أعضاء الهيئة على النظم الحديثة المتصلة بمجال اختصاص الهيئة والارتقاء بمستوى أداء العاملين بها، فضلا عن دعم التعاون مع الهيئات والأجهزة المختصة بمكافحة الفساد فى الدول الأخرى.
من جانبه يقول النائب إيهاب الطماوى، أمين سر اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن تعديلات قانون هيئة الرقابة الإدارية تأتى أولا استجابة لمتطلبات النصوص الدستورية، ثم لتعظيم استقلال الهيئات الرقابية، والعمل على دعم أعضاء تلك الهيئات، وتنظيم شؤونها الداخلية بالنص الصريح على ما استقر عليه العمل داخلها منذ إنشائها، وهو ما ورد بنصوص قانون تنظيم هيئة الرقابة الإدارية المعدل، والذى نص على كيفية إجراءات تعيين رئيس الهيئة ومدة رئاستها، وتنظيم شؤون أعضاء الهيئة وإجراءات عملها الداخلية، وامتداد اختصاصاتها للأفراد المتصلين بالجريمة من خارج الجهاز الإدارى، وذلك لمكافحة الفساد أينما وجد، كما وضع القانون ضمانات لعمل أعضاء الهيئة.
ويؤكد الطماوى على أن هيئة الرقابة الإدارية حققت نجاحات كبيرة فى الفترة الماضية، وفى ضوء القانون الجديد ستحقق نتائج أكبر، وشدد على أن القيادة السياسية مصممة على محاربة الفساد أينما كان، ومجلس النواب يقوم بدوره لتوفير الآليات التشريعية التى تمكن الدولة وأجهزتها الرقابية من تحقيق النصر فى تلك المعركة، والانتصار فى تلك الحرب سيساهم فى تحقيق خطط التنمية الاقتصادية والإدارية.
«الجهاز المركزى للمحاسبات».. شأنه شأن باقى الهيئات الرقابية من ضرورة إدخال تعديلات على قانونه ليتماشى مع دستور 2014، بما يوسع من صلاحياته ويبسط يده على أجهزة الدولة بما يمكنه من أداء دوره الرقابى فى ضوء الدستور، وكذا توفير الضمانات الكافية لأعضاء الجهاز لتمكينهم من أداء دورهم.
وتحدثت المادة (219) تحديدا من الدستور عن الجهاز المركزى للمحاسبات والدور الذى يقوم به ونصت على: «يتولى الجهاز المركزى للمحاسبات الرقابة على أموال الدولة، والأشخاص الاعتبارية العامة، والجهات الأخرى التى يحددها القانون، ومراقبة تنفيذ الموازنة العامة للدولة والموازنات المستقلة، ومراجعة حساباتها الختامية».
ومنذ أكثر من عامين شكلت لجان بالجهاز المركزى للمحاسبات لوضع مشروع قانون جديد للجهاز تنفيذا لمواد الدستور، ولكن حتى الآن لم يتم الانتهاء منه، وبحسب مصادر رقابية فإن المستشار هشام بدوى رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات كان قد أعلن، مؤخرا، عن تشكيل لجنة مصغرة لوضع الصيغة النهائية لمشروع القانون، تمهيدا لعرضه على البرلمان لمناقشته وإقراره.
ويتضمن مشروع القانون، الذى أوشك الجهاز على الانتهاء منه، بحسب المصادر، نصوصا تحدد أهداف الجهاز وأنواع الرقابة التى يمارسها والجهات الخاضعة لتلك الرقابة والاختصاصات المخولة للجهاز، كما يتضمن المشروع توسيع دائرة اختصاصات الجهاز فى الرقابة المالية، ومد مظلة عمله إلى الجهات التى تمول من الموازنة العامة ولا تخضع للرقابة المالية.
كما ينص مشروع القانون على منح الأعضاء سلطة الضبطية القضائية بدلًا من إصدار قرار وزارى فيها حتى لا يكون عرضة للإلغاء.
على جانب آخر أعلن وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب محمد الحسينى أنه سيتقدم بمشروع قانون جديد بتعديلات بعض نصوص قانون الجهاز المركزى للمحاسبات، بهدف توسيع صلاحياته واختصاصاته، مشيرا إلى أن المشروع سيتضمن فرض عقوبات بشكل مباشر وتكون إلزامية لأى جهة ترتكب مخالفة ولم تستجب لتقارير الجهاز، بعكس ما هو موجود فى القانون الحالى، حيث يصدر الجهاز مجرد ملاحظات وتوصيات للجهات المخالفة.
وأشار الحسينى إلى أنه سيقوم بعقد جلسات استماع مع أعضاء من داخل الجهاز المركزى للمحاسبات والأخذ بآراء قانونيين ومتخصصين حول القانون الحالى قبل تقديم مشروع القانون فى صورته النهائية.هناك أجهزة وجهات بالدولة لم يذكرها الدستور ضمن مواد الأجهزة الرقابية، ولكنها هيئات مستقلة تمارس دورا مهما فى مكافحة الفساد، وتقوم بدور لا يقل أهمية عن دور الأجهزة الرقابية فى كشف الفساد وحماية المال العام، ربما أبرزها جهاز الكسب غير المشروع، وهيئة النيابة الإدارية.
«الكسب غير المشروع».. رغم كل الجهود التى تبذلها الدولة لمحاربة ظاهرة الفساد لما يمثله من خطورة على الاقتصاد المصرى، وبالرغم من وجود نصوص فى القانون المصرى تجرم الكسب غير المشروع، إلا أنها وقفت عاجزة أمام بعض الأشخاص لعدم وجود دليل ضدهم، ولابد من إصدار تشريع لمحاكمتهم على أساسه ووفقا لبنوده، وجهاز قضائى للتحقيق معهم».. هكذا قال المستشار عادل السعيد، رئيس جهاز الكسب غير المشروع، وذلك خلال انعقاد مؤتمر الإدارة المحلية بين الحوكمة ومكافحة الفساد سبتمبر الماضى.
المستشار السعيد أكد أيضا أن الجهاز تلقى 500 ألف إقرار ذمة مالية من الموظفين، وهى نسبة قليلة جدا من حجم الموظفين العاملين بأجهزة الدولة، الأمر الذى يحتاج إجراءات أخرى تمكن الجهاز من أداء دوره بشكل أكثر فاعلية.
واتصالا بكلام رئيس جهاز الكسب غير المشروع فإن وزارة العدل حاليا ممثلة فى قطاع التشريع بالتعاون مع جهاز الكسب غير المشروع تعكف على إعداد مشروع جديد يتضمن تعديلات موسعة على قانون الكسب غير المشروع الحالى، بما يمكنه بشكل أكبر من أداء دوره فى مكافحة الفساد واستغلال النفوذ فى تحقيق مكاسب غير مشروعة.
من جانبه يؤكد مصدر قضائى مطلع على أن جهاز الكسب غير المشروع كان له دور مهم خلال الفترة الماضية فى الكشف عن قضايا الكسب غير المشروع، وخاصة بعد ثورة يناير، حيث نظر وكشف العديد من القضايا التى تخص رموز نظام مبارك، ومازال ينظر بعضها، وأشار المصدر إلى أن وزارة العدل كانت قد أعدت بعض التعديلات على القانون الحالى، من بينها تغليظ بعض العقوبات المتعلقة بعدم تقديم إقرارات الذمة المالية، وجرائم استغلال النفوذ، وتضخم الثروات بشكل غير مشروع، وكذا توسيع نطاق الخاضعين للقانون للمحاسبة بواسطته لتشمل تجار المخدرات، وأصحاب شركات توظيف الأموال، وغاسلى الأموال، وتجار العملة، وممولى الإرهاب والجماعات الإرهابية.
وكذا النص على أن يكون التقادم بالنسبة لارتكاب الجريمة 10 سنوات، وتحديد فترة عام كحد أقصى للتصالح لسد ثغرة المماطلة فى عملية التصالح، وغيرها من التعديلات.
وتابع المصدر، أن اللجنة التشريعية بمجلس النواب فى دور الانعقاد الماضى، كانت قد شرعت بالفعل فى مناقشة هذه التعديلات، لكنها أعادتها للوزارة مرة أخرى وطلبت مشروعا جديدا متكاملا، وهو ما يتم إعداده حاليا بالوزارة، تمهيدا لعرضه على البرلمان خلال دور انعقاده الحالى.
«هيئة النيابة الإدارية».. ليست من ضمن الهيئات الرقابية، لكنها من أهم الهيئات التى تكافح الفساد، وتعمل على حماية المال العام وفق اختصاصاتها فى الدستور، وقد نص دستور 2014 فى مادته (197) على أن النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة، تتولى التحقيق فى المخالفات الإدارية والمالية، وكذا التى تحال إليها ويكون لها بالنسبة لهذه المخالفات السلطات المقررة لجهة الإدارة فى توقيع الجزاءات التأديبية، ويكون الطعن فى قراراتها أمام المحكمة التأديبية المختصة بمجلس الدولة، كما تتولى تحريك ومباشرة الدعاوى والطعون التأديبية أمام محاكم مجلس الدولة، وذلك كله وفقا لما ينظمه القانون، ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى، ويكون لأعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية، وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً.
والقانون الحالى الذى ينظم عمل الهيئة يتضمن بعض القصور الذى يغل يدها عن محاربة الفساد ومحاسبة المتورطين فيه من المسؤولين فى الجهات التى تخضع تحت القانون، وعليه أعدت الهيئة مشروع قانون، ومن المتوقع أن يكون مطروحا على مجلس النواب خلال الفترة القادمة، على الجانب الآخر فإن دستور 2014 أضاف للهيئة اختصاصات حتى تتمكن من أداء رسالتها لمكافحة الفساد، ما يتحتم معه إصدار قانون جديد للهيئة لإنفاذ هذه الاختصاصات.
وبحسب قيادات الهيئة فإن المشروع يتضمن توسيع اختصاص النيابة الإدارية عن طريق قيامها بالتحقيق مع جميع العاملين بالجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة وشركات وبنوك القطاع العام والشركات القابضة التابعة للقطاع العام وغيرها من الجهات التى تأخذ أموالها حكم الأموال العامة وفقا للمادة 119 من قانون العقوبات.
كما تضمن المشروع الجديد توسيع صلاحيات الهيئة بما يحقق مبدأ المساواة أمام القانون، الذى نص على اختصاص النيابة بالتحقيق مع جميع العاملين التابعين لجهات الدولة دون استثناء أى جهة.
من جانبه يقول المستشار محمد سمير، المتحدث باسم هيئة النيابة الإدارية: «نتمنى أن يطرح مشروع قانون النيابة الإدارية الجديد على مجلس النواب فى دور انعقاده الحالى»، موضحا لـ«اليوم السابع»، أن التوسع فى اختصاصات النيابة الإدارية كان قد تمت محاربته لعقود طويلة، مشيرًا إلى أن بعض قوانين الجهات لا تسمح بخضوع فئات بها للتحقيق إلا بعد طلب النيابة الإدارية الإذن بالتحقيق، وهو ما يترتب عليه فى بعض الأحيان، على سبيل المثال، أن تكون قيادة فى جهة ما متورطة فى فساد، بالتالى يتم رفض منح الإذن للنيابة بالتحقيق، وهنا لا تملك النيابة أى شىء.
وتابع: هذه الجهات تخضع للقانون 203 لسنة 91 قانون قطاع الأعمال العام، رغم أن الشركات التى تخضع له تعتبر «مال عام»، وموظفوها تابعون للحكومة، إلا أن القانون منحهم استثناء، بالتالى قيد صلاحية النيابة الإدارية تجاههم.
وشدد سمير على أن المشروع الجديد يوسع اختصاصات النيابة دون استثناءات، هذا جانب، على جانب آخر، فإن وجود استثناءات بالنسبة للخاضعين للنيابة الإدارية يتعارض مع مبدأ المساواة المنصوص عليه فى الدستور، حيث يكون لدى النيابة واقعة محددة لأشخاص، بعضهم تملك النيابة محاسبته، والبعض الآخر لا تملك، رغم ارتكاب الاثنين لنفس الجرم، فهذا أمر يتعارض مع المساواة ويخل بالمراكز القانونية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة