بهزائم متتالية يواصل تنظيم داعش الإرهابى تراجعه بعدما خسر أمام الجيوش العربية الكثير فى ميادين القتال داخل سوريا والعراق، فى وقت ترفع فيه العديد من الدول الأوروبية سقف إجراءاتها الأمنية للدرجة القصوى تحسباً لتسلل عناصره الهاربة إلى خرائط القارة العجوز وحدودها، الأمر الذى يأتى بالتزامن مع دعوات عاجلة للتصدى للدول التى تدعم وتمويل الإرهاب ومن بينها قطر، وأيضاً الشركات والكيانات التى لعبت دوراً مشبوهاً من وراء الستار لتعزيز الامكانات المالية للتنظيم وتمكينه من البقاء فترة أطول خلال السنوات الماضية.
ومن بين الشركات التى طالتها شبهات دعم التنظيم وتمويله، جاءت شركة لافارج الفرنسية ـ السويسرية، والتى واجهت قبل عدة أشهر اتهامات بدعم وتمويل "داعش"، الأمر الذى دفع أجهزة الأمن الفرنسية لمداهمة مقر الشركة فى باريس اليوم الثلاثاء ومصادرة ما بها من أوراق ومستندات تمهيدًا لإجراء تحقيقًا رسميا جديدا فى هذا الملف الشائك.
عناصر داعش فى الآسر
وقالت تقارير إعلامية فرنسية اليوم إن شرطة باريس توصلت إلى معلومات تفيد بأن فرع الشركة فى سوريا يعمل لمساعدة داعش وتمويلهم وتبادل العمليات التجارية معهم وهو ما يصب ايجابياً لصالح التنظيم الارهابى الذى نشر القتل والدمار فى ارجاء البلاد العربية والأوروبية.
وبسبب التهم الموجهة للشركة الفرنسية، داهم المحققون الفرنسيون، الثلاثاء، فى باريس مقر مجموعة لافارج التى يشتبه بأنها مولت بطريقة غير مباشرة جماعات إرهابية فى سوريا بينها تنظيم داعش، كما ذكر مصدر قريب من التحقيق والمجموعة الفرنسية السويسرية للاسمنت.
وقال ناطق باسم لافارج لوكالة فرانس برس إن "المحققين الفرنسيين يقومون بتفتيش مكاتبنا"، مؤكدا بذلك معلومات بثتها اذاعة "فرانس انتر".
ويريد التحقيق تحديد العلاقات المفترضة التى ربطت بين المجموعة العملاقة وتنظيم داعش لمواصلة تشغيل مصنعها فى جلابية بشمال سوريا فى 2013 و2014.
سوريون يحتفلون بتحرير مدينة حلب من قبضة داعش قبل قرابة عام
وكانت النيابة العامة الفرنسية قد بدأت فى اكتوبر الماضى الاستماع إلى أقوال الشهود من مسئولى مؤسسة مصانع "لافارج هولكيم" لإنتاج الأسمنت المملوكة جزئيا للقطاع العام الفرنسى، حول مزاعم قيام فرع المؤسسة فى سوريا بتقديم " إتاوات " مالية لتنظيم "داعش" الإرهابى مقابل كف الأذى عن المصانع والعاملين فيها.
وكان من بين شهود الإثبات 3 من العاملين بفرع المصنع فى سوريا منذ عام 2014، وهو العام الذى بدأت فيه المؤسسة تقديم " الإتاوات المالية " لقادة الجماعات المسلحة المتناحرة فى سوريا من بينها "داعش" و "جبهة النصرة" التابعة للقاعدة بواقع 20 ألف دولار شهريا نظير عدم الاستهداف وطلبا للسلامة.
وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية، قد كشفت فى تقرير نشرته عن تقديم كبرى مؤسسات إنتاج الأسمنت ومواد البناء فى العالم "لافارج هولكيم"، والتى تتخذ من فرنسا وسويسرا مقارا لها " إتاوات ورشوة مالية " لمسئولى تنظيم "داعش" وكذلك لقياديين فى "جبهة النصرة" للإبقاء على خطوط إنتاج الأسمنت التابعة لها فى سوريا تعمل بعيدة عن الاستهداف أو التخريب.
شركة لافارج الفرنسية
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن مؤسسة "لافارج هولكيم" قد تأسست فى العام 2015 نتيجة اندماج مؤسسة "لافارج" الفرنسية، و"هولكيم" السويسرية وصارت كيانا عالميا هو الأكبر فى عالم إنتاج الأسمنت ومواد البناء بفروعه المنتشرة فى 100 دولة على مستوى العالم والتى يعمل بها 120 ألف عامل وموظف، وتمتلك الحكومة الفرنسية حصة جزئية فى أسهم هذا الكيان العملاق ضمن حافظة استثمارات القطاع العام الفرنسي.
وفى مطلع العام الجارى، قالت شركة لافارج هولسيم الفرنسية السويسرية، إن تحقيقا داخليا كشف أن مصنعها لإنتاج الأسمنت فى سوريا وفر تمويلا لجماعات مسلحة.
وقالت الشركة فى بيان "يبدو من التحقيق أن الشركة المحلية قدمت أموالا لأطراف ثالثة لعمل ترتيبات مع عدد من هذه الجماعات المسلحة ومنها أطراف خاضعة لعقوبات وذلك للحفاظ على العمليات وضمان مرور العاملين والإمدادات من المصنع وإليه بأمان."
وأضافت الشركة فى بيانها أن "التحقيق لم يتمكن من تحديد الأطراف التى تلقت الأموال فى النهاية بعد وصولها للأطراف الثالثة.. الإجراءات التى استلزمها استمرار العمليات فى المصنع غير مقبولة وإن تأخر إدراك ذلك."
وبناء على تلك الاعترافات على مساعدة الجماعات الارهابية، استقال رئيس شركة الأسمنت السويسرية لافارج هولسيم عن أداء مهامه فى 15 يوليو، فى مسعى منه لإنهاء علاقته بمشكلة النزاع السورى حيث اتهمت الشركة بتمويل غير مباشر لمجموعات مسلحة ارهابية فى سوريا.
وقبل مجلس ادارة الشركة الاستقالة مع انه خلص اثر تحقيق داخلي، الى ان اريك اولسين ليس موضوع شبهات فى القضية.و كان اولسين الذين يحمل الجنسيتين الفرنسية والامريكية تولى رئاسة الشركة فى 2015 لانجاز دمج لافارج الفرنسية مع هولسيم السويسرية.