استدعى قائد القوات البحرية المصرية اللواء محمود فهمى، الرائد رضا حلمى قائد لواء الوحدات الخاصة البحرية، وبعد مقدمة حماسية مختصرة منه، حسب روايته للكاتب الصحفى عبده مباشر فى كتابه «تاريخ البحرية المصرية» عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة» قال للرائد حلمى: «أريد أن أكلفك بضرب وإغراق ثلاث سفن إسرائيلية بميناء إيلات على رأس خليج العقبة».
استقبل الرائد «حلمى» المهمة بحماس، وحسب فهمى فإن السفن الثلاث هى «بيت شيفع، بات يام، بات جاليم»، وبعد أن أفاق «حلمى» من حماسه جلس مع قائده أمام خريطة لدراسة كيفية التنفيذ، وتؤكد الباحثة «إنجى محمد جنيدى» فى كتابها «حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل- 1967-1970» عن «دار الكتب والوثائق القومية - القاهرة»، أن المخابرات المصرية حصلت على معلومات خاصة بالميناء، عن طريق مهندسين سويسريين اشتركوا فى أعمال هندسية كإقامة وتوسيع الميناء، وبناء على هذه المعلومات تقرر القيام بإغارة أولى عليه، بما يعنى أن العملية تمت بالتنسيق بين المخابرات المصرية وسلاح البحرية، وكانت الأولى فى سلسلة ضرب القوات المصرية لميناء إيلات.
وفى كشفه لتفاصيل العملية إلى «مباشر» يذكر فهمى، أن قرار سفر الرائد رضا حلمى إلى العقبة تمت بموافقة الفريق محمد أحمد صادق رئيس أركان حرب القوات المسلحة على المهمة، وأنه سافر تحت ستار «ضابط إشارة»، سيقوم بالتفتيش على أجهزة نقطة المراقبة البحرية المصرية الموجودة بجوار ميناء العقبة منذ عام 1967، أما مهمته الأصلية فكانت استطلاع ودراسة المنطقة من جميع جوانبها، ويتعرف على الأحوال والظروف هناك، والشخصيات التى قد تساعده، ودبرت المخابرات الحربية عملية سفره إلى عمان، وهناك التقى بالرائد الدخاخنى الذى يعمل بمكتب الملحق العسكرى المصرى، كما تمكن من التعرف على بعض أفراد حركة فتح الفلسطينية، وعاد بمحصول وافر من المعلومات والصداقات، وبدأت عملية تدريب الأفراد على العملية وتجهيز المعدات الخاصة بها.
وتذكر «إنجى جنيدى»، أن ثلاثة من أفراد الضفادع البشرية حملوا المعدات والألغام والمهمات اللازمة على متن طائرة مصرية إلى العراق، وذلك على أنهم أفراد من حركة فتح، وأن الصناديق التى يحملونها تحتوى على معدات خاصة بالحركة، وعندما وصلوا إلى المطار وجدوا فى انتظارهم بعض أفراد من مجموعة «أبوهانى» الفلسطينية، وعلى الفور تم نقلهم جميعا بالسيارات إلى بلدة الطفلية بالأردن، كمنطقة تجمع انتظارا لوصول باقى أفراد الضفادع البشرية من القاهرة حيث كان معهم جوازات سفر مدنية لأغراض سياحية.
يكشف فهمى لـ«مباشر»، أنه بعد أن اكتملت المجموعة بدأت فى الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر يوم 8 نوفمبر 1969 تحركت سيرا على الأقدام فى اتجاه البحر الذى يبعد خمسة كيلو مترات، ووصلت فى الساعة السادسة مساء، وكان الجو عاصفا والرياح شديدة، وحالة البحر سيئة، فتقرر تأجيل العملية والعودة إلى عمان، وفى يوم 14 نوفمبر 1969، وتحديدا فى الساعة الحادية عشرة والنصف مساء، تحركت المجموعة فى اتجاه العقبة، وفى الساعة الخامسة والنصف مساء يوم 15 نوفمبر «مثل هذا اليوم» 1969 بدأ التحرك فى اتجاه إيلات، ويؤكد فهمى: «كان التوقيت مناسبا جدا، حيث كان الوقت رمضان، وكانت هذه الفترة هى موعد إفطار قوات الحدود الأردنية، وكانت حالة البحر سيئة، والرياح شديدة مثل المرة السابقة تماما، إلا أنهم قطعوا المسافة إلى ميناء إيلات فى ثلاث ساعات».
ويذكر فهمى، أن اليوم كان يوم سبت، ولأسباب دينية هو نقطة ضعف كبيرة عند اليهود حتى فى المجال العسكرى، ويؤكد: «أدركت هذا من بلاغات معظم الغواصات التى كنت أرسلها للاستطلاع أمام موانئ حيفا وأشدود وتل أبيب»، ويضيف: «انتظرت المجموعة قليلا فى القارب المطاط، حتى يقترب موعد غروب القمر الذى كان فى حوالى الساعة العاشرة مساء، وانقسمت المجموعة إلى ثلاثة جماعات، كل جماعة تتكون من ضابط وجندى، وتعرف مهمتها تخصيص الأهداف لكل جماعة على حدة، وبعد مراجعة جميع الخطوات التى يجب أن تتبع، وفى الساعة التاسعة والربع أشار الرائد رضا إلى قائد المجموعة الأولى، الملازم أول عمر عز الدين، بالنزول إلى الماء، ومعه الرقيب محمد العراقى، ثم أشار إلى قائد المجموعة الثانية الملازم أول حسين جاويش ومعه الرقيب عادل البطراوى، ثم أشار إلى قائد المجموعة الثالثة الملازم أول نبيل عبدالوهاب ومعه الرقيب محمد فوزى البرقوقى، وفى أقل من ثلاثة دقائق كانت الجماعات الثلاث فى الماء على بعد مسافة 2 كيلو متر من أرصفة ميناء إيلات.
وتواصلت العملية إلى اليوم الثانى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة